تطرح اليوم في بلادنا أسئلة متعددة الأوجه بين الإصلاح والتغيير. من يشرف على الإصلاح ومن يقوم بالتغيير؟ وما هي حدود هذا التغيير؟ وهل هناك خطوط وضوابط في التغيير؟ يرى البعض أن المرحلة مواتية لإصلاحات هامة وعميقة تصل في مداها حدود التغيير المطلوب. لقد قطعت الجزائر شوطا هاما من مسار بناء الدولة. لكن وطيلة عمليات البناء لم تتم مراجعة خط السير إلا في حدود الرؤية السياسية نفسها والإطار المرجعي الذي حددته النخبة السياسية المهيمنة على الحكم منذ الاستقلال والتي حافظت على هامش بل وحدود واسعة من سلطة الشرعية التاريخية أو الثورية وحقها في بناء الدولة الوطنية حسب نظرتها التي لم تتغير في الشكل وحافظت على المضمون. إن الرهانات التي تفرضها العوامل الإقليمية والعربية والدولية، تدفع نحو التعجيل بخطوات جريئة قد تكون في معظمها غير متوقعة. هذه الخطوة إن حدثت من شأنها امتصاص الموجة المغناطيسية التي يستمد منها التيار الجارف للحكومات والبلدان والأنظمة قوة دفعه. ليس مهما التفصيل في خطوط التغيير أو الإصلاح، مادام الأمر إن حصل شبه متفق حوله، على الأقل بالنسبة للخطوط الكبرى، ولأن المهم هو الآليات المستعملة في إحداث العملية الجراحية المطلوبة لإنقاذ البلد من حالة الوهن الداخلي، فهي ستشمل دون شك الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية. وتكفي إطلالة دقيقة على خلاصة الأحداث من شرق البلاد إلى غربها، لنكتشف مدى هشاشة وضع الجبهة الاجتماعية مثلا، وقد جرّبنا تداعيات الاستخفاف بمثل هذه الأوضاع في الخامس من جانفي الماضي، تلك الأحداث التي كانت وليدة تراكمات تشكلت على خلفية اشتعال لهيب الأسواق قبيل الدخول الاجتماعي، واشتعلت نارها في الشوارع لحظة توفر عوامل الصدام، وهذا ما يسعى الجميع لتجنبه في مثل هذه الظروف الحساسة جدا... وبين دعوة الإصلاح والتغيير، يبدو أن أولوية المرحلة الراهنة هي التعجيل.