تسبب توزيع قفة رمضان بالعديد من الولايات، في بروز موجة من الاحتجاجات من قبل "الزوالية"، والذين تم حرمانهم من الاستفادة، الأمر الذي جعلهم يفرغون غضبهم أمام مقرات البلديات ويعمدون حتى إلى غلق الطرق الرئيسية. وأشار عدد من المحتجين، إلى أن المنتخبين ورؤساء البلديات تلاعبوا في توزيع القفة على حساب المحرومين والمعوزين، والذين وجدوا أنفسهم خارج قوائم المستفيدين، لتعود القفة إلى ميسورين وحتى موظفين، وهو الأمر الذي جعل المحرومين من "الزوالية" يعمدون للخروج إلى الشارع والاحتجاج بغلق الطرق وغلق مقرات البلديات، مطالبين بنزول ولاة الجمهورية والتحقيق في ظروف توزيع القفة الرمضانية. عُطل مرضية للأميار هروبا من ضغط الشارع ووجع الرأس رؤساء بلديات ومنتخبون يوزعون القفة على أساس "المعريفة" بلديات تحت الحصار و"أميار" مطاردون في كل مكان! «لو كان لي قرار لألغيت قفة رمضان من الأساس"، هذا التصريح هو لأحد رؤساء البلديات، والذي يعكس درجة الاحتقان والضغط الذي يعيشه هذا "المير"، الذي أضاف "القفة الرمضانية في أحسن الأحوال ثمنها في حدود 5000 دينار جزائري، إلا أن ضغطها وتداعيات توزيعها تفوق كل تصور"، مشيرا في تصريح له ل "البلاد" بأن غالبية سكان بلديته يطالبون بالاستفادة من محتويات القفة الرمضانية، وهو الأمر غير الممكن في النهاية، مضيفا "مهما عملنا على تخييط القوائم وإعدادها بدقة، إلا أن ذلك لايمنع من بروز الإحتجاجات وغلق الطرق والبلديات، والإتهام الجاهز هو التلاعب في إعداد قوائم المستفيدين من هذه القفف". هذا الوضع هو نفسه تقريبا تعيشه غالبية بلديات الوطن بمناسبة توزيع قفة رمضان، حيث يصبح رؤساء البلديات والمنتخبين على العموم مطاردون في جميع الأماكن والاتجاهات. وتشير مصادر "البلاد"، إلى أن هناك رؤساء بلديات فضلوا أخذ إجازات مرضية هذا الموسم تزامنا مع دخول الشهر الفضيل هربا من "وجع الراس"، ليكلفوا منتخبين آخرين بإدارة مرحلة القفة الرمضانية، ورغم ذلك بيوتهم أضحت محجا لمئات المواطنين في الليل والنهار، طلبا للقفة الرمضانية التي أضحت هاجسا "أمنيا" بكل ما تحمل الكلمة من معنى، حسب المصادر ذاتها. وأقر أحد رؤساء البلديات بفشله في إعداد قائمة للمستفيدين إلى الآن، لأنه سيجد نفسه في مواجهة المئات من الغاضبين، حتى وإن تضمنت هذه القائمة المعوزين فعلا وقولا، مما جعله يدخل في متاهة كبيرة، في ظل موجة الاحتجاج والتذمر التي وقف عليها في رمضان الموسم الماضي، حيث جدد مقعده في المحليات الماضية، ليتجدد معها نفس الوضع في هذا الموسم، خاصة وأن مقر البلدية تحول إلى محج أيضا لمئات الأفراد والذين يتساءلون عن تاريخ توزيع القفة الرمضانية. وأضافت المصادر ذاتها إلى أن هناك مقرات بلديات تعرف يوميا طوابير طويلة وعريضة في انتظار توزيع القفف الرمضانية، وهو الوضع الذي زاد من درجة الإحتقان وتخوف رؤساء البلديات من تداعيات توزيعها، مع العلم بأن هناك بلديات عرفت إحتجاجات عارمة للمحرومين وتطور الأمر إلى غلق هذه البلديات، وحتى غلق الطرق إحتجاجا منهم على إقصائهم من الإستفادة وحرمانهم من محتويات القفة. مواد تكاد تكون منتهية الصلاحية في قفة رمضان! الممونون ورؤساء البلديات هما الحلقة الأقوى في معادلة صفقة القفة الرمضانية، ولأن القفة مطاردة ومستهدفة في جميع الظروف، فإن الحديث عن اقتناء مواد غذائية بمواصفات دقيقة وصحية يعتبر في قاموس العديد من البلديات مؤجل وغير معمول به بتاتا، والمهم هو توفير القفة الرمضانية وفقط، دقيق "مكوز"، وطماطم علب برائحة كريهة، وعلب حليب تكاد تكون منتهية الصلاحية، هي نماذج من مواد غذائية تضمنتها قفف رمضان الموجهة إلى المحتاجين، والتي تعكس شجع منتخبين وممولين على حساب صحة وسلامة " الزوالية ". وتشير المعطيات المتوفرة ل "البلاد"، بأن محتويات القفة الرمضانية، وفي العديد من بلديات القطر الجزائري، غالبا ما تكون صلاحياتها قريبة من الانتهاء، حيث يعمد الممولون بمعية المنتخبين المكلفين بإدارة القفة الرمضانية، على اقتناء المواد الغذائية التي شارفت على مدة صلاحيتها على الانتهاء، على اعتبار أنه يتم اقتناؤها بمبالغ مالية منخفضة، على أن يتم "فوترتها " على أساس أنها مواد سليمة وتعكس قيمتها المالية الحقيقية في السوق. ووقف مستفيدون من القفة على دقيق من وزن25 كلغ كان "مكوز" وصلاحيته تكاد تكون منتهية، إلا أن ذلك لم يمنع المنتخبين والممولين للعمليات التضامنية من اقتنائه وتوزيعه على المعنيين بالقفة الرمضانية، كما سجل توزيع علب طماطم تفاجأ أصحابها من انبعاث روائح كريهة منها، على الرغم من أن تاريخ صلاحيتها لايزال ساري المفعول، مما يدل أن ظروف تخزينها لم يكن مطابقة للإجراءات القانونية المعمول بها، لتأتي صفقة القفة ويتم توجيهها إلى المحتاجين والفقراء بشكل عادي والتخلص من مخزونها بهذه الطريقة. وأضاف العديد من المواطنين، بأن منهم من وجد نفسه مضطرا إلى رميها، وحتى إن كان تاريخ الصلاحية لايزال قائما. وتتحدث مصادر "البلاد" في السياق ذاته، عن تسجيل العديد من الاحتجاجات من قبل مواطنين، بعد أن وقفوا على أن القفة الرمضانية لهذا الموسم تم اختزال موادها الغذائية وأكثر من ذلك تطعيمها بمواد تكاد تكون منتهية الصلاحية، مما جعلهم يؤكدون على عدم مسايرة " بزنسة " المنتخبين والممونين، متسائلين لماذا فضّل المنتخبون استقبال هذه المواد الغذائية المشكوك فيها من عند الممونين وتوزيعها إذا لم يكن الأمر مقصودا ومدبرا من قبل الكل؟!. تلاعبات في صفقة القفة الرمضانية و"تخييط" للمستفيدين! على الرغم من أن منتخبي هذه العهدة يعتبرون هذا الموسم الرمضاني أول موسم لهم في إدارة مناسبة القفة الرمضانية، إلا أن ظروف إعداد قوائم المستفيدين وظروف توزيع القفة رمضانية هي نفسها المعروفة في العهدات الانتخابية الماضية، وهو ما يؤكد -حسب العديد من المواطنين- بأن "عقلية" العديد من المنتخبين هي هي، بدليل أن العملية ككل شابها الغموض وعلامات الإستفهام والتعجب، خاصة من حيث اختزال قيمتها المالية في حدود 3000 دينار جزائري فقط، في الوقت الذي يتحدث فيه المنتخبون عن أن قيمة القفة هي في حدود 5000 دينار جزائري. ويشير عدد من المستفيدين في حديثهم ل "البلاد"، بأن القفة الرمضانية التي استلموها تحوي كيس دقيق ب25 كلغ، و02 كلغ سكر، و01 كلغ قهوة، زيادة على 02 علبة طماطم، بوزن 500غ، و05 لتر زيت، و01 علبة حليب، وهو ما يعني أن قيمتها المالية لا تتعدى في أحسن الأحوال 3000 دينار جزائري. وتشير المصادر ذاتها، إلى أن غالبية بلديات الوطن تقدر "فاتورة" كل قفة ب 5000 دينار جزائري، وهو ما يعني بأن كل قفة منقوص منها على الأقل حوالي 2000 دينار جزائري. هذا، ورصدت مصادر "البلاد" استفادة ميسورين وموظفين في البلديات وفي الصحة وكذا في مصالح إدارية أخرى، كما تحدث مواطنون عن وجود حتى مقاولين ضمن المستفيدين، والمثير في القضية أن عدد طالبي القفة يتزايد من موسم لآخر، غير أن عدد القفف ينخفض مع كل موسم، مع العلم بأن منتخبين محليين في العديد من البلديات، سارعوا إلى تطعيم القوائم بالأهل والأقارب والمعارف، من باب " أن الأقربون أولى بالقفف الرمضانية "، لاعتبارات عائلية بحتة لها علاقة مباشرة بالإستحقاق المحلي السابق. وتتحدث المصادر ذاتها، عن حرمان مناطق من القفف الرمضانية على خلفية الإستحقاق الإنتخابي نفسه، حيث فضل منتخبون و«أميار" الإنتقام من بعض الأحياء السكنية والمناطق الريفية والتي لم ينتخب سكانها عليهم، ليحرموهم من الأساس من القفة الرمضانية خلال هذا الموسم، والمهم أن حال القفة في رمضان 2018، لا يختلف عن حالها في المواسم الماضية، إلا من حيث تناقص الأرقام والميزانية المرصودة، لكن ظروف التلاعب والتوزيع واختزال المحتويات ظلت نفسها، وهو ما يؤكد بأن هناك "أميار" ومنتخبون ضربوا تعليمات وزارة الداخلية والجماعات المحلية بالجدار، سواء من حيث اقتناء مواد غذائية تكاد تكون منتهية الصلاحية، أو من حيث تطعيم القوائم بالمعارف والمقربين على حساب باقي " الزوالية " والمعدومين اجتماعيا، ليبقى الثابت في الأخير أن هاجس ورعب القفة الرمضانية يمس الجميع رؤساء البلديات أو المواطنين، الأول من حيث أن مناسبة توزيع القفة الرمضانية كثيرا ما تنتهي إلى تحقيقات أمنية تجر "الأميار" والمنتخبين لتبرير ظروف إعداد الصفقة وظروف التوزيع، والثانية من حيث تخوف "الزوالية" من عدم تسلم القفة الرمضانية، والتي تعدّ مقصدا للجميع، بما فيهم الميسورين وأصحاب المال والموظفين بالقطاعات .