يتصدر المجمع الوطني للمحروقات (سوناطراك) قائمة المؤسسات التي يحلم الشباب الجزائري بالعمل فيها، وهذا معلوم و ليس بالغريب, ولكن المفاجأة كانت تلك التصريحات التي أدلى بها المدير العام لسونطراك عبد المومن ولد قدور أمس في مبنى البرلمان, و التي كشف فيها أن 10 آلاف من إطارات سوناطراك قد فروا بالفعل من المؤسسة و تركوا مناصبهم وهي الوضعية التي خلقت حالة من اللا-توزان داخل المجموعة وكلفتها خسائر بالملايير . و لكن ما الذي يدفع آلاف العمال لترك الشركة التي تدفع أحسن الرواتب بالجزائر ؟ أعطى ولد قدور 3 اسباب دفعت العدد الهائل من كوادر الشركة إلى مغادرة سونطراك ، ولخصها في "التقاعد المسبق والعروض المغرية من شركات أجنبية"، إضافة إلى "مخاوفهم من التورط في قضايا فساد والضغوط التي عاشوها في السنوات الماضية". وإعترف ولد قدور ان العديد من الكوادر المؤهلة تفضل المغادرة للعمل في الشركات المتعددة الجنسيات حيث الأجور احسن بكثير مما تعرضه سوناطراك و ذلك لا يمكن تغييره حسب ولد قدور لأنه يتطلب ضخ اموالا كبيرة في كتلة الأجور حيث على الرغم من ان اجور سونطراك هي الأعلى بالجزائر الا انها تبقى بعيدة عن ما هو معمول به في شركات النفط العالمية . كما ذكر المدير العام ان العديد من العمال يعمدون الى التقاعد المسبق وهذا يعود الى ظروف العمل الصعبة وقال ولد قدور "يجب ان يعلم الجميع ان عمال سونطراك كانوا لفترة طويلة محقورين " حيث يضطر العمال للبقاء في الحقول لفترات طويلة و يعانون من سوء تنظيم في جدولة اوقات الراحة لهم، ضف الى ان وسائل الأمان و الحماية و تجهيزات العمل لا ترقى الى ما هو معمول به عند الشركات الكبرى. اما السبب الثالث البالغ الأهمية، فيرتبط بالفضائح التي شهدتها سوناطراك في العشرية الأخيرة و التي اودت بالعديد من الإطارات الى السجن وقال ولد قدور أن "ما مرت به سوناطراك في السنوات الأخيرة وما تعلق منها بفضائح الفساد والمتابعات القضائية، أثر بشكل سلبي جداً على إطارات الشركة، الذين وصل بهم الأمر إلى الخوف من اتخاذ أي قرار أو توقيع أية وثيقة خوفاً من التورط " ويجدر بالذكر أن هذه الوضعية خلقت حالة من اللا-توزان داخل المجمع البترولي التي وجدت نفسها بهيمنة مطلقة لموارد بشرية بيروقراطية تمثل الثلثين من القوى العاملة ، مقابل ثلث فقط لعدد التقنيين والمهندسين في قطاع الإنتاج، مما يتطلب العمل على إعادة توازن سريعة وأكثر من ضرورية.