أقرت الحكومة في مشروع قانون المالية التكميلي زيادات باهضة على رسوم إستخراج الوثائق الإدارية بما لا يتناسب و القدرة الشرائية لشريحة واسعة من الجزائريين، وهو ما أثار موجة قلق بين المواطنين الذين لم يتوانى عدد منهم في إعتبار الأمر "سمسرة" بوثائق رسمية فُرضت عليهم عنوة، حيث عجت مواقع التواصل الإجتماعي بالمنشورات التي تنتقد القرار. وخلفت الضرائب الجديدة المفروضة على الجزائريين، في حال استخراج وثائق الهّوية الوطنية، برسم مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2018، موجة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين دعوا لحملة مقاطعة استخراج الوثائق البيومترية تحت شعار "خليها عندك". "بيع الأوراق الإدارية للمواطن بهامش ربح"! والغريب في قضية الرسوم الجديدة المفروضة على استخراج الوثائق البيومترية أنها تمتاز بنوع من "الربح على ظهور المواطنين" بحسب خبراء في الاقتصاد، الذي قالوا أن "الحكومة بهذه الخطوة تقوم ببيع الأوراق الإدارية للمواطن بهامش ربح". و يقول الخبير الاقتصادي فرحات آيت علي تعليقا على تبريرات الحكومة في أن الرسوم جاءت لتعوض تكلفة الوثائق البيومترية و الإلكترونية الجديدة أن ذالك غير دقيق نسبيا، و إستغرب الخبير من إنتهاج منطق بيع خدمات لديها طابع رسمي غير تجاري للمواطنين، خصوصا وأن المفروض أن تلك الخدمات مدفوعة الأجر أصلا من خلال الضرائب المفروضة سابقا. واستنادا للبيان الذي أصدرته مصالح الوزير الأول، فإن تكلفة انجاز بطاقة التعريف الوطنية البيومترية الإلكترونية تقدر بمبلغ 2.000 دينار، وسيتم إستصدارها مقابل مبلغ 2.500 دينار، أي بهامش ربح يقدر ب 500 دينار. أما جواز السفر البيومتري الإلكتروني، فإن كلفته قدرت بمبلغ 6.000 دينار بالنسبة للنموذج المتكون من 28 صفحة (وسيسلم مقابل مبلغ 10.000 دينار)، أي بهامش ربح يقدر ب 4000 دينار جزائري. في حين أن نموذج جواز السفر المكون من 48 صفحة والذي تقدر تكلفته ب 12 ألف دينار جزائري، فسيتم تسليمه للمواطنين مقابل 5 ملايين سنتيم، أي بهامش ربح يقدر ب 3 ملايين و 800 ألف سنتيم. "التسعيرة ما تزال قيد الدراسة والنقاش" في هذه الأثناء، وفي خضم الجدل الدائر حول تسعيرة استخراج وثائق الهوية، خرج وزير الداخلية نور الدين بدوي ليخفف من حدة الجدل والاحتقان الشعبي، من خلال تأكيده على أن التسعيرات الجديدة لاستصدار الوثائق الالكترونية "لاتزال في مرحلة الدراسة والنقاش" على مستوى الحكومة. وأن ما تم الاعلان عنه من أرقام "ليست أرقاما نهائية". مؤكدا كذلك في تصريح للصحافة أمس، أن قانون المالية التكميلي لسنة 2018 "لم يصدر بعد حتى يتم الحديث عن رسوم جديدة". "هل يتدخل الرئيس؟!" دعا الخبير الاقتصادي والمالي كمال رزيق، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للتدخل لإلغاء أحكام مشروع قانون المالية التكميلي، كونها "لا تخدم المواطن، الذي لن يستطع استخراج الوثائق بسبب كلفتها الباهظة". وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس بوتفليقة سبق له التدخل مؤخرا من أجل سحب بعض مواد مشروع قانون المالية التكميلي 2018، حيث رفض الرئيس رفضا قاطعا المادة التي تضمنها المشروع والتي تتيح للأجانب تملك الأراضي الفلاحية في الجزائر. وهو ما جعل الحكومة تعيد صياغة المشروع مرة اخرى، وحذف هذه المادة المثيرة للجدل.