أثبت ما يسمى ب''المجلس الانتقالي الليبي'' بعده تماما عن الدوافع الحقيقية لاندلاع ''ثورة'' الليبيين الباحثين عن الحرية والكرامة وبناء مؤسسات الدولة الديمقراطية، في ظل السيادة وبعيدا عن التدخل الخارجي الذي أقحمه هذا المجلس، لتتحول ليبيا إلى أرض لتصفية الحسابات بين الدول الكبرى. وبعدما علق الليبيون آمالا كبيرة على هذا ''المجلس''. هاهو يطعنهم في الأعماق من خلال الدعوة إلى تدخل القوات البرية الأجنبية بعد الحظر الجوي والضربات العسكرية التي اعترف القائمون عليها بأنها فشلت في تحقيق المهمة ''حماية المدنيين''، ولا حل، حسبهم، سوى الطرق السياسية. ولا يزال المجلس الانتقالي يصر على التدخل الأجنبي رغم أن الليبيين أنفسهم يرفضونه، ويريديون قيادة ''الثورة'' و''التغيير'' بأنفسهم. وتثير التصريحات والتصريحات المضادة التي يطلقها المجلس الانتقالي الليبي الذي يتخذ من بنغازي مقرا له، حالة التململ والانشقاق وعدم وضوح الرؤيا بالنسبة لمسار الثورة الليبية التي انطلقت قبل 54 يوما، كمظاهرات سلمية تنادي بالحرية والعدالة وبناء المؤسسات الديمقراطية. واللافت في الأمر أن المجلس، برئاسة وزير العدل المنشق عن نظام القذافي، مصطفى عبد الجليل، أدخل البلاد في نفق طويل بعد التدخل العسكري الأجنبي، وسقوط ضحايا في صفوف المدنيين. كما تحول خطاب المجلس إلى توجيه انتقادات لاذعة لقوات الحلف الأطلسي التي تولت قيادة العمليات بعد انسحاب الأمريكيين من الواجهة بعدما لم تجد ''مصلحة'' في ''الحرب الليبية''، عكس الأوروبيين. وسبب هذه الانتقادات، حسب قائد ''جيش تحرير ليبيا'' اللواء عبد الفتاح يونس، هو أن ''الناتو'' ينتهج سياسة الممطالة في شل قدرات القذافي التي حققت تقدما ملحوظا خلال الأسابيع الماضية، وتفتك بمزيد من المدنيين في ''مصراتة'' و''الزنتان'' وغيرها من المدن. بالإضافة إلى ''أخطاء'' الحلف الذي قصف مواقع ل''الثوار'' موقعا قتلى في صفوفهم. ولاحقا تحول الخطاب أيضا على لسان متحدثين باسم المجلس الانتقالي، ليطالب بتدخل بري لحسم الأمر. من ناحية أخرى، فقد المتحدثون باسم المجلس الانتقالي صوابهم تماما، وصاروا يطلقون تصريحات غير موزونة، مستندين فيها على تقارير أجهزة استخبارات أجنبية لها ''أجندتها'' في المنطقة، حيث زعم المتحدث باسمه عبد الحفيظ غوقة، أن الجزائر ''تواطأت مع نظام القذافي ومدت قواته بالوقود بعد إعلان الثوار أسر 15 مرتزقا وقتل ثلاثة آخرين قالوا إنهم جزائريون''، قبل أن يتراجع، بشكل غريب عن تلك التصريحات ويقول إن المجلس لا يتهم الحكومة الجزائرية بالتورط ضد الثورة، ليعود مرة أخرى ويقول إن ''مرتزقة جزائريين تمكنوا من عبوا الحدود والالتحاق بكتائب القذافي''، الأمر الذي نفته الجزائر جملة وتفصيلا، مؤكدة أنه ليس لها صلة بالعمليات القتالية التي يشارك فيها مرتزقة إلى جانب قوات القذافي في مواجهة الثوار في ليبيا. ويحمل كلام الغوقة وغيره من ''المتحدثين'' باسم المجلس الانتقالي، الكثير من التناقض فيما يخص مواقف ''الثوار'' الذين تبدوا تحركاتهم في الميدان، حسب العديد من التقارير، لا تعكس ''خطط المجلس الانتقالي وتكتيكاته''.