البلاد - بهاء الدين. م - تحولت السواحل الجزائرية إلى مقبرة "عائمة" للحالمين بالهجرة إلى الضفة الأوروبية، حيث تنتشل القوات البحرية بشكل دوري جثثا لحراڤة في مقتبل العمر وأحيانا من جنسيات افريقية مختلفة. وشكلت وزارة الدفاع الوطني لجنة مركزية للتحقيق في "ملابسات" تكرار هذه الحوادث "المأساوية" في عدة ولايات ساحلية. وانتشلت قوات حرس الشواطئ ليلة الإثنين إلى الثلاثاء، جثث ثلاثة أشخاص مجهولي الهوية، منهم امرأة، بعرض ساحل قوراية بأقصى غرب تيبازة. وتدخلت مصالح الحماية المدنية لنقل جثث الأشخاص الثلاثة الذين وجدوا في حالة "تعفن متقدمة" ووضعهم على مستوى مصلحة حفظ الجثث بمستشفى شرشال قبل عرضهم على الطبيب الشرعي لتحديد هويتهم وأسباب وفاتهم. وترجح التحقيقات القضائية التي باشرتها مصالح الدرك الوطني بناء على معاينة العينة الأولية أن يكون الضحايا من مرشحي الهجرة غير شرعية للضفة الأخرى. للإشارة فقد عثرت قوات حرس السواحل التي كانت في مهمة دورية غرب ولاية تيبازة على جثث الضحايا وهي تطفو فوق البحر واستغرقت عملية انتشالها ساعتين من الزمن. وفي الجهة الشرقية للبلاد، أبلغت عائلات عن انقطاع الاتصال بفوج للحراڤة يضم نحو 15 فردا، حيث تكثف عناصر حرس السواحل عمليات البحث في عرض البحر بسواحل عنابة والطارف، في وقت أكدت مصادر أن إحدى العائلات تلقت اتصالا يفيد بوصول القارب إلى جزيرة سردينيا قبل أن ينقطع الاتصال مع ابنها. وفرضت عودة النشاط المكثّف لشبكات الهجرة غير الشرعية بعد سنوات من اندثاره، بتشديد الطوق الرقابي من قبل وحدات حرس السواحل عبر كل المناطق والمنافذ البحرية، وذلك لإفشال أي مغامرات بحرية محفوفة المخاطر عن طريق قوارب الموت، وتفادي تسجيل حوادث درامية تنتهي بموت الحراڤة غرقا مثلما حدث في عدة ولايات على مدار العام الجاري، الأمر الذي أثمر التقاف العديد من الزوارق المطاطية العاطلة في عرض البحر وإنقاذ حياة العديد من الأشخاص من بينهم أطفال قصر، على غرار ما تم قبل أيام عندما أنقذ حرس السواحل 70 شخصا كانوا على متن ثلاثة زوارق مطاطية تعطلت على بعد ستة أميال بحري بالقرب من منطقة كريشتل وإجلائهم باتجاه ميناء وهران باستعمال وحدات عائمة. وشرعت حسب مصادر عليمة بعض الولايات الساحلية، في تنظيم أصحاب القوارب غير الشرعية داخل تنظيمات وجمعيات من أجل ضبط عدد القوارب وإحصاء أصحابها الذين ينشطون بهوية "مجهولة" ويمتلكون قوارب صيد خشبية غير مصنفة ولا تحوز على رقم"تعريف". وذكرت المصادر أن ولاية عنابة مثلا، تحصي ما يقارب 1000 قارب خشبي مجهول الهوية، ينشط اصحابها عبر أحياء "سيدي سالم، سيبوس وطوش" المعروفة محليا بانتشار بارونات الهجرة غير الشرعية وورشات صناعة القوارب الخشبية المعروفة بتسمية "قوارب الموت". وتابعت المصادر أن الاجتماعات الدورية لمختلف المصالح الأمنية المهتمة بملف محاربة الهجرة غير الشرعية عبر البحر، خلصت إلى ضرورة منح أصحاب القوارب مجهولة الهوية، فترة زمنية محدودة لا تتجاوز بضعة أشهر، قبل أن تتخذ في حقهم إجراءات عقابية تصل إلى مصادرة القوارب الخشبية وتحطيمها ثم الإحالة على السجن في حال رفض الالتزام بالإجراءات التنظيمية المعمول بها. اتخاذ السلطات العمومية، لهذه الإجراءات الردعية في حق أصحاب القوارب غير المصنفة وغير الشرعية، جاء على خلفية الاجتماعات الدورية والتنسيقية التي عقدتها مختلف الأسلاك الأمنية كخطة جديدة لمعالجة ملف الحراڤة بصفة شبه نهائية تسمح للسلطات العمومية والأمنية، لا سيما عناصر الفرق الإقليمية لحرس الشاطئ لمعرفة هوية البارونات المنظمة لرحلات الهجرة غير الشرعية وتضييق الخناق عليهم ومصادرة المعدات والتجهيزات المستخدمة.