40 بالمئة من الجزائريين يلجأون إلى الطب البديل البلاد - آمال ياحي - يطرح التطبيب الذاتي بالجزائر سواء تم عن طريق اقتناء أدوية دون وصفة طبية أو باللجوء إلى الطب البديل ممثلا في الأعشاب والخلطات "السحرية" أكثر من علامة استفهام حول أسباب عدم تحرك السلطات المعنية لمنع تسويق مواد يصنفها أهل الاختصاص في خانة المواد "السامة" لما تسببه من مضاعفات خطيرة على فئات واسعة من المجتمع كثيرا ما تدفعهم ظروفهم المادية الصعبة إلى الاستعناء عن الطبيب من اجل شراء دواء أو الاستعانة بالاعشاب لتعويض الادوية غالية الثمن. وتبين آخر الاحصائيات الصادرة في هذا المجال أن ازيد من 40 بالمائة من الجزائريين يعتمدون على التطبيب الذاتي رغم ما يشكله من أخطار على صحتهم واعتقادهم الخاطئ بأن استهلاك بعض الادوية دون المرور على الطبيب لن يكون له اي انعكاسات ومن اشهر هذه الادوية البراسيتامول الذي بينت احدث الدراسات الطبية أنه يهاجم الكبد ويصبح قاتلا عندما يتجاوز الفرد الكمية المسموح بها والشيء نفسه بالنسبة لبعض الادوية الخاصة بالزكام على سبيل المثال وأنواع من المضادات الحيوية يؤدي تناولها دون استشارة الطبيب المختص إلى مضاعفات على الصحة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بأصحاب الامراض المزمنة. 28 بالمائة من مبيعات الأدوية تتم دون وصفات طبية واستنادا لآخر دراسة انجزتها نقابة متعاملي الصيدلة، فإن 52% من الجزائريين يستهلكون الأدوية دون وصفة طبية و45% منهم يفضلون تناول الأعشاب الطبية وأيضا التداوي عبر الطب البديل، أي الأعشاب والحجامة والرقية الشرعية وهذه الظاهرة التي باتت منتشرة وفي بعض الأحيان تمارس بطريقة فوضوية. وتبين الدراسة أن جزائريا واحدا فقط من أصل أربعة يزور الطبيب قبل أن يقصد الصيدلية وأن التطبيب الذاتي في الجزائر من بين الأسباب التي تكمن وراء زيادة فاتورة استيراد الأدوية كما أنه يمثل محورا أساسيا في نشاط الصيدليات، مشيرة إلى أن ثلث مبيعات الأدوية في بلادنا 28 بالمائة تتم دون وصفات طبية مقابل 17 بالمائة في أمريكا مثلا ويقتصر معظمها على مقويات وفيتامينات ومكملات غذائية اعتاد الأمريكيون على اقتنائها دون استشارة طبية. في حين لم تتعدّ نسبة الأدوية التي تباع بتوجيه أو نصيحة من الصيدلي 9 بالمائة وهي نسبة ضئيلة جدا مقارنة بنسبة انتشار التطبيب الذاتي مقابل 63 بالمائة فقط نسبة تلك التي تباع في إطار وصفات يصرفها الطبيب للمريض. وعن الأدوية المعنية بهذه الظاهرة، أبرزت الدراسة أنها تتمثل أساسا وبالتدريج في مسكنات الألم ثم المضادات الحيوية ثم مسكنات السعال ثم مضادات الالتهاب ثم المراهم الجلدية وأخيرا مضادات الزكام وهناك نوعا من الأدوية على غرار "براسيتامول" والفيتامينات يستطيع الصيدلي بالنظر إلى تكوينه في الكيميائي البيولوجي أن ينصح المريض بتناولها. أما النوع الثاني فيتمثل في الأدوية الأساسية التي لا يجب أن تُصرف إلا بوصفة طبية على غرار الأدوية الخاصة بأمراض ضغط القلب والسكري التي يجب فيها الفحص الطبي. وحسب دراسة أخرى حول واقع التطبيب الذاتي في الجزائر، فإن أزيد من 1500 دواء خاضغ لبراءة اختراع يباع في الصيدليات دون وصفة طبية وحوالي 650 مليون من حوالي مليار علبة تُباع في الصيدليات ضمن التطبيب الذاتي، مشيرة إلى أن نسبة الأشخاص الذين يستغنون عن زيارة الطبيب لشراء الأدوية تتزايد في صفوف الفئة العمرية ما بين 40 و79 عاما. وإن كان جائزا لوم المواطن في لجوئه مباشرة إلى الصيدلي قبل الطبيب، فإن المسؤولية الأكبر يتحملها الصيدلي، حسب بعض الأطباء ومهنيي القطاع. وكانت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات قد وجهت إلى بعض الصيادلة مجموعة من التوبيخات والإنذارات عقب سلسلة حملات التفتيش التي شنتها وتم بموجب منشور وزاري ساري المفعول منذ سنوات تطهير القطاع الصيدلاني من الممارسات غير القانونية التي تتم على مستوى بعض الصيدليات. من جانبهم يعزو المختصون انتشار هذه الظاهرة في المجتمع الجزائري بشكل أساسي إلى نقص الثقافة الصحية وقلة الوعي بضرورة زيارة الطبيب وشراء الأدوية وفق وصفات طبية وباستخفاف المعني بأهمية أن يفحصه المختص وأن يصف له الدواء المناسب لحالته تجنبا لأي آثار سلبية قد تشكل خطورة حقيقية على حياته، بالإضافة إلى سهولة الحصول على الدواء الآن من بعض الصيدليات دون وجود قانون حقيقي يعاقب المتجاوزين. ويضع هؤلاء الظروف الاجتماعية المزرية التي تتخبط فيها شريحة من الجزائريين على رأس الاسباب التي تؤدي إلى التطبيب الذاتي، حيث لا تسمح الإمكانات المادية المحدودة أو الضعيفة لرب عائلة بأن يزور الطبيب العام أو المختص في كل مرة يمرض فيها أحد أفراد العائلة ويدفع في كل مرة ما بين 400 و1500 دينار، ناهيك عن قائمة الأدوية التي يصفها الطبيب وتكون دائما باهظة الثمن فتجده يلجأ مباشرة إلى صيدلي الحي ليصرف له ما يحتاج من أدوية لمختلف الأمراض حتى أن أغلب المواطنين أصبحوا الآن يحفظون عن ظهر قلب أسماء أدوية الأمراض التي تنتشر في كل فصل. غياب سياسة وقائية وطنية أصل كل المشاكل
أكد العضو القيادي في النقابة الوطنية للصيادلة الخواص، راحم شفيق، متحدثا إلى "البلاد" أن وزارة الصحة مسؤولة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عن ظاهرة التطبيب الذاتي وانتشارها في السنوات الأخيرة، حيث أوضح بهذا الخصوص أن الصيدلي رغم تحمله جزء من المسؤولية في إعطاء بعض الأدوية الموجودة في القائمة الإجبارية التي يرتبط صرفها بتقديم المعني لوصفة طبية، إلا أن هناك تجاوزات يعترف بها لكنها تعود أساسا إلى الضغوط التي يتعرض لها الصيدلي عند إصرار المريض على شراء الدواء. مع العلم أن منظمة الصحة العالمية حذرت من هكذا سلوكيات يدفع ثمنها المريض بالدرجة الاولى الذي يجهل على عكس الصيدلي أن الدواء مادة كميائية تشبه محلول "الجافيل" مثلا، لكن بفرق أنها تحدث تفاعلات داخل الجسم قد تؤدي إلى علاج المرض أو إحداث مضاعفات تبعا للحالة الصحية لكل مريض. في سياق متصل، اضاف المتحدث أن الحملات التوعوية والتحسيسية إذا جاءت بشكل منتظم ودوري تحت إشراف مصالح الوزارة الوصية ستعمل على المدى المتوسط والبعيد على تغيير الذهنيات المترسخة وتشجيع الفئات المستهدفة من المجتمع على الالتزام بإجراء التحاليل الطبية المعمقة مرة في كل سنة على الاقل أو الكشف المبكر لبعض الامراض الخطيرة على غرار السرطان بكل انواعه. كما أن وضع سياسة وقائية من شأنه أن يحارب ذهنية الاعتماد على التطبيب الذاتي سواء بالادوية أو بالطب البديل، أي الاعشاب. خلطات "سامة "من إفريقيا وآسيا تهدد صحة الجزائريين ويوضح راحم في هذا السياق أن الطب الشعبوي معروف منذ القدم وطب الاعشاب له جذوره في الجزائر والذي يعرف إقبالا كبيرا عليه لكن المشكل ليس فيما يباع محليا كما يقول وإنما في الخلطات العشبية الجاهزة التي يتم استقدامها من دول آسيا وإفريقيا والشرق الاوسط والادهى والامر أنها تسوق في الجزائر دون أن تخضع للشروط الادارية المطلوبة والرقابة العلمية من قبل المخابر واسوء من هذا أنها يروج لها في قنوات إعلامية على أنها تمثل علاجا لجميع الامراض المزمنة والمستعصية وتضمن الشفاء من هذه الامراض وبطبيعة الحال هذه أكذوبة واستغلال وتحايل على ضعفاء العقول الذين يبحثون احيانا عن علاج "سحري" لعلتهم وبأي ثمن. وكشف المسؤول عن مشروع قانون يجري إعداده، بالتنسيق بين وزارة الصحة وعدد من القطاعات المعنية يقنن استخدام المكملات الغذائية والاعشاب الطبية بغرض قطع الطريق أمام المستوردين الذين يتاجرون بصحة المواطن وسبق لنقابة الصيادلة أن وجهت نداء لوزارة التجارة من اجل التدخل وسحب رخص الاستيراد من هؤلاء الاشخاص وإغلاق المحلات التي تعمل بطريقة غير قانونية، منددة بتورط أطباء مع أصحاب هذه المحلات يتم استخدامهم كمطية من أجل إضفاء المصداقية على هذا النشاط غير القانوني.