استنكر مجلس عمي السعيد بشدة مطالبة بعض الأطراف الحزبية والمنظمات الاعتراف الرسمي بالمذهب الإباضي، إضافة إلى دعوتهم للتدخل في الأوقاف الإباضية. كما استنكر أعيان الإباضية إعلان ذات الجهات رفضها دور الأعيان في الإشراف على شؤون المجتمع الميزابي ووصف مجلس الشيخ عمي السعيد في بيان تلقت ''البلاد'' نسخة منه أمس، أن ما أقدمت عليه الجهات التي لم تنعتها بالاسم تدخلا سافرا في صلاحيات المجلس وهو أعلى الهيئات الدينية الإباضية في الجزائر والتابعة لوزارة الشؤون الدينية. وواصل أصحاب البيان مؤكدين أن التصريحات التي جاءت معلنة التدخل في شأن يخص مجلس شيوخ عمي السعيد تعتبر موقدة للفتنة ومشجعة للتفرقة والتعصب بين أبناء الوطن الواحد، في الوقت الذي ينعم فيه الجميع بالحرية والأمن والاحترام في ظل الإسلام وما يقره الدستور الجزائري. كما ألح شيوخ مجلس عمي السعيد على مطالبة كل الإباضيين برفض الدعوات التي نطق بها من وصفوهم بالموقدين لنار الفتنة والداعين للتعصب وزعزعة الوحدة الوطنية والمساس بالاحترام المذهبي في الجزائر. كما حذروا من الانسياق وراء الدعوات أو المواقف التي لا تصدر عن المؤسسات الإباضية الرسمية المعترف بها في المجتمع الميزابي وعلى رأسها المرجعية العرفية العريقة مجلس شيوخ عمي السعيد، إضافة إلى مساعد مجلس عمي السعيد في المجال السياسي والمتعلق بمجلس الشيخ عبد الرحمان الكرثي وأشار أصحاب البيان إلى أن دعوتهم إلى اتباع المؤسسات الإباضية الرسمية لم يكن ببدعا من الأمر بل هو ما سار عليه الإباضية منذ قرون. ويأتي موقف شيوخ مجلس عمي السعيد وهو أعلى هيئة دينية في المجتمع الميزلبي لتعيد الأمور الى نصابها بعد الدعوة ''النشاز'' التي اطلقها بعض أبناء المنطقة المناضلين في بعض الأحزاب السياسية، مطالبين بضرورة الاعتراف الرسمي بالمذهب الاباضي وكذا دعوتهم الى التدخل في الأوقاف الإباضية، إضافة إلى رفض دور الأعيان في الإشراف على شؤون المجتمع الميزابي. وإذا كان المطلبين الأخيرين متعلقين بشأن داخلي وإن كانا لا يقلان خطورة عن المطلب الأول من حيث استقرار المنطقة وتماسكها ووحدتها، فإن المطلب الأول يعد سابقة لم يدع إليها أحد من أبناء ميزاب في الجزائر وهي الدعوة التي تخرج من نفس جعبة ترسيم الأمازيغية لغة رسمية ثانية في الجزائر والتي اتخذت من قبل أحزاب سياسية معروفة كسجلا تجاري في سوق البزنسة بعناصر الهوية الوطنية، ما يجعلها -حسب بيان شيوخ عمي السعيد- نشاز واستثناء لن يلقى قبولا في أوساط أبناء المنطقة بما في ذلك الجيل الجديد. وفضلا عن الرفض الذي لقيه هذا المطلب المتحزب للفتنة، فإنه مثير للفتنة الدينية في الجزائر وسيفتح الباب واسعا على كل مقتنع بمذهب مهما كان ليدعو إلى ترسيمه ما دام الإسلام دين الدولة. وحسب المتتبعين للشأن الميزابي في الجزائر، فإن المطلب الأول الذي رفعوه لم يكن لذاته بل لغيره فهؤلاء المتعلمنين في أحزابهم ما رفعوا المطلب الأول إلا للانقضاض على المجتمع الميزابي وهويته ومذهبه، وصولا إلى مطلب الانقضاض على الأوقاف في المرحلة ما قبل الأخيرة وهو ليس مطلبا ماديا بحتا كما يبدو لأول وهلة، بل ليكتمل السيناريو بالقضاء على دور الأعيان وتسليم المجتمع الميزابي على طبق من ذهب لأفكار ''الأممية الاشتراكية''.