البلاد - بهاء الدين.م - شهدت الجزائر العاصمة اليوم مسيرة مليونية تاريخية مناهضة لقراري تمديد العهدة الرابعة، وتأجيل الانتخابات الرئاسية. وعرفت المسيرة مشاركة قياسية للمحتجين الذين جابوا الشوارع والساحات الرئيسية للعاصمة للمطالبة برحيل النظام في "جمعة التحدي والصمود". وتحت سيول لم تتوقف، شدد المتظاهرون على "محاكمة شعبية" ضدّ الرئيس وداعميه الذين انقلبوا، وأبرزوا أنهم لن يقبلوا بأحمد أويحيى ومعاذ بوشارب وغيرهما في صفوفهم. ووسط الاستنفار الشعبي، سارعت قوات الأمن كالعادة إلى تحصين كافة المرافق الحيوية، وقطع الطرقات المؤدية إلى قصري الحكومة والرئاسة، فيما جرى توقيف خدمات القطارات والحافلات، فضلا عن شبكتي المترو والترامواي. وتمركزت أكبر الحشود في مختلف الشوارع الرئيسية، ساحة البريد المركزي، شارع ديدوش مراد، شارع محمد الخامس، ساحة موريس أودان، ساحة أول ماي وشارع حسيبة بن بوعلي وغيرها من الشوارع الرئيسية وسط العاصمة، إذ توافدوا بأعداد هائلة رغم سوء الأحوال الجوية. ورفع المحتجون شعارات "لا تمديد لا تأجيل، الشعب يريد الرحيل"، والكثير من الشعارات السياسية المناوئة للسلطة خصوصا حزبي الأفلان والأرندي معبرين عن رفضهم القاطع للتوبتهم وانضمامهم للحراك الشعبي في اللحظات الأخيرة، أبرزها شعارات "الأفلان. . ديقاج" وشعار "قلناهم تروحو ڤاع. . جاو ڤاع"، وشعار "نرفض الزحف المتأخر" وغيرها. وتزامنت الجمعة الخامسة من الحراك الشعبي، مع ظروف مناخية تميّزها الأمطار، لم يمنع المتظاهرين من الخروج بكثافة إلى الشوارع للمطالبة برحيل النظام، حيث بدأ المواطنون في التوافد على ساحة البريد المركزي وسط العاصمة، مبكرًا، تحسبًا لانطلاق مسيرة ضد النظام تحت شعار "تتنحاو ڤاع". ولم تنقض الساعة منتصف النهار حتى صارت الساحة مكتظة عن آخرها، رغم منع المئات من السيارات والعشرات من الحافلات من الدخول إلى العاصمة، بما شكل اكتظاظا كبيرا على مستوى الطريق السريع، خاصة تلك الرابطة بين وسط الجزائر والدار البيضاء. أما في ساحات البريد المركزي، موريس أودان، أول ماي، بئر مراد رايس، الشهداء، الساعات الثلاث، فقد كانت المظاهر في الفترة الصباحية احتفالية، كون العديد من الشباب نصبوا طاولات لبيع الأعلام الوطنية بأسعار تتراوح بين 300 و 500 دينار، فيما أقام آخرون مكبرات للصوت على مستوى شارع الإخوة بوالسعد، ميسوني سابقا، ببلدية سيدي امحمد، كما استعمل الكثير من الشباب الدراجات النارية خلال التنقل بين شوارع العاصمة. وظلت الأجواء كذلك إلى غاية الساعة الواحدة والنصف زوالا، حيث التحق بالمحتجين في الساحات مئات الآلاف من المصلين الذين أدوا صلاة الجمعة في مساجد العاصمة، إضافة إلى العائلات المكونة من نساء وأطفال وكبار في السن، بما أعطى للاحتجاج أجواء عائلية. وعرفت المسيرة منذ بدايتها محاكمة شعبية لحزبي السلطة، حزب جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، بعدما رفع المحتجون شعارات "ديڤاج"، وهو رد على تصريحات معاذ بوشارب وأحمد أويحيى، اللذين أعلنا مساندتها ودعمها للحراك الشعبي في محاولة لاستعطاف المتظاهرين وركوب موجة التغيير. ورفع المحتجون عدة شعارات أبرزها "أكثر الأحزاب كرهًا في الجزائر، الأفلان والأرندي كرهناكم تتنحاو ڤاع". وكتب أحد المحتجين على لافتة كبيرة "توبتكم مشكوك فيها يا أصحاب الكاشير" بينما رفع آخر شعار "رانا في حداد حتى تستقل البلاد". كما وجّه المتظاهرون انتقادات لاذعة لنائب الوزير الأول وزير الخارجية رمطان لعمامرة، على خلفية تنقلاته لعدة عواصم أجنبية، منها روسيا وإيطاليا وألمانيا، ورفع المحتجون شعارات للرد على السلطة التي تحاول الاستقواء بالخارج من بينها لافتة كتب عليها "إسألوا هتلر من هم أحقر الناس الذين قابلتهم؟ قال الذين ساعدوني على احتلال أوطانهم…". وشاركت في مسيرات العاصمة مختلف الفئات، وإلى جانب مطلبها الواحد برحيل النظام، فقد رفعت مطالب أخرى، على غرار فئة ذوي الاحتياجات الخاصة التي دعت إلى تشكيل حكومة لا تهمشهم، وفئة عائلات الحراڤة التي طالبت بالتحقيق في اختفاء أبنائها، وفئة عائلات مفقودي العشرية السوداء الذين طالبوا بفتح ملفهم للتعرف على مصير ذويهم وغيرها من الفئات. كما شاركت شخصيات وطنية وسياسية في مسيرات العاصمة، إضافة إلى شخصيات فنية ورياضية. ومثل المسيرات السابقة، ملأ المتظاهرون الشوارع الكبرى في العاصمة، على غرار باب عزون، محمد بوكلة، زيغوت يوسف، مصطفى بن بلعيد، العربي بن مهيدي، العقيد عميروش، حسيبة بن بوعلي، عيسات إيدير، وغيرها، فيما اكتفت مصالح الأمن بتأطير المسيرات لكي لا تخرج عن طابعها السلمي. وإذا كانت الجمعات الأربع المنقضية بالعاصمة اقتصرت على المقيمين في المدينة الأولى للبلاد والولايات المجاورة، فقد شهدت الجمعة الخامسة قدوم أعداد معتبرة من ولايات شرقية وغربية وجنوبية. وحرص هؤلاء على التقاط صور جماعية بأزيائهم التقليدية وتحت الراية الوطنية في إحالة على وحدتهم، بينما برزت مشاهد احتفالية تناغمت فيها المعزوفات الموسيقية مع ضربات الطبول وأبواق السيارات.