لا يختلف الشارع الجزائري أحزابا، نقابات ومواطنين، مع طرح قدمته المؤسسة العسكرية يتمثل في الحوار كمبدأ للخروج من الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ ثلاثة أشهر، لكن هذا المسعى يصطدم بسؤال: من الذي ينظم الحوار في ظل الرفض الكبير لبقاء بن صالح وبدوي؟ بعد ثلاثة أشهر من اندلاع شرارة الحراك الشعبي، اتفقت كل الأطراف والفعاليات حتى المؤسسة العسكرية، على عدم الذهاب إلى انتخابات رئاسية في 4 جويلية، في ظل الظروف الحالية، أين تفتقد إلى آلية مستقلة لتنظيمها حتى تضمن نزاهتها بعيدا عن تزوير الإدارة التي يتورط فيها بقايا نظام بوتفليقة، وعلى رأسهم الوزير الأول نور الدين بدوي، الذي كان وزيرا للداخلية وسبق أن أشرف على انتخابات تشريعية ومحلية في 2017 مشكوك في نزاهتها. لكن هذا الاتفاق اصطدم بماهية الجهة التي تمتلك ثقة تمكنها من رعاية حوار بين كل الأطراف السياسية والمجتمع المدني للخروج بحلول يقبلها الشعب حتى يذهب إلى صناديق الاقتراع مطمئنا بأن أصواته هي التي ستفرز له رئيسا جديدا للجمهورية. وتمسكت كل أقطاب المعارضة برفض الجلوس على طاولة واحدة مع شخصيات يرفضها الشعب، منها من لا تثق حقيقة في بن صالح وبدوي ومنها من يخشى الغضب الشعبي من إقدامها على هذه الخطوة، مثلما صرح به القيادي في حركة مجتمع السلم ناصر حمدادوش ل "البلاد"، أمس، أن الذهاب إلى الحوار مع بن صالح لن يرضي الشعب. وأظهرت الأزمة الحالية افتقار الأحزاب للقواعد الشعبية التي لو كانت تملكها سيمكنها ذلك من إقناع ولو جزء من الشعب بتقديم تنازلات مثلما صرح به قائد الأركان، أمس، الذي تحدث عن تنازلات من الطرفين. وفي ظل الغموض الذي يكتسي دور المؤسسة العسكرية في هذا الحوار، يبقى متتبعون يتنبئون بأن التنازلات من جميع الأطراف، التي تحدث عنها قائد الأركان، قد تكون إمكانية رعايتها للحوار كجهة منظمة دون المشاركة فيه، لاسيما وأنها المؤسسة الوحيدة التي تمتلك مخارج الأزمة بحكم الثقة التي تحوزها من الشعب والطبقة السياسية والمجتمع المدني. وهي فرضية قد تتعزز مع التغير الملحوظ في خطاب رئيس أركان الجيش.