الأزمة السياسية الحالية أثرت سلبا على قطاع السياحة في بلادنا البلاد - الطاهر سهايلية - يرى الرئيس المدير العام لمجمع "نسيب للسياحة" جمال نسيب في حوار خص به "البلاد"، أن الجزائر تمتلك كل المقومات البشرية والجغرافية والمالية لبناء سياحة وفق المعايير الدولية تتجاوز حتى الجارتين الغربية والشرقية، إلا أنها تفتقد إستراتيجية عمل وثقافة سياحية لدى المواطن وبنية تحتية متطورة خاصة في مجال النقل، بالإضافة إلى بيروقراطية الإدارة التي تعرقل كل مستثمر يود المساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني، مرجعًا ذلك إلى عدة أسباب منها المصالح الشخصية الضيقة.
ما هي التحديات التي تواجهونها في مجال السياحة؟ مجمع نسيب للسياحة هو شركة ذات طابع عائلي يتكون من عدة أخوة وهم (عزيز، هشام، فاتح وصلاح الدين) منهم من تكون في المدرسة العليا للفندقة، من عائلة مجاهدة أبًا عن جد، بدايتنا كانت بالوكالات السياحية ثم بالفنادق حيث أنشأنا في سنة 1992 أول فندق في بسكرة يسمى "نسيب بسكرة"، فكرنا بعدها في توسيع مشروعنا السياحي فإنتقلنا إلى الجزائر العاصمة وحولنا المقر الرئيسي من بسكرة إلى رياض الفتح بالعاصمة وهناك كانت البدايات ووضعنا النقاط على الحروف، كانت أول أهدافنا الترويج للواجهة الجزائرية، حيث نظمنا أول مخيم صيفي تابع للوكالة بعدة ولايات على غرار تيبازة، وعنابة، قالة ومستغانم كل هذه المخيمات كانت تحت رعاية وإشراف وكالة نسيب للسياحة، بعد هذه الخطوة قمنا ببناء أول فندق بالعاصمة ببلومبيتش في 2005، بعدها فكرت في الإستثمار بتيبازة نظرًا للموقع الإستراتيجي الذي تحتوي عليه.. وهنا بدأت المطبات والبيروقراطية والإقصاء وكل أساليب الإستبداد والفساد التي استعملها والي ولاية تيبازة "موسى غلاي" ضدي رفقة مجموعة من الإنتهازيين والفاسدين. لقد قال لي يومًا بالحرف الواحد "إن تيبازة ليست للسياحة رغم أنني مدرك أنها قطب سياحي بامتياز. رغم ذلك واصلت العمل ولم أفشل، استثمرت في منطقة أرهاس هذا المكان الذي كان منطقة للإرهاب في العشرية السوداء إنه يتميز بمناخ يتمنى الكثير أن يتمتع به ولا يعرف قيمته إلا أصحاب الاختصاص. وضعت ما أملك من مالي الخاص دون أن ألجأ إلى بنوك الدولة ولم أقترض يومًا ما قرضًا أو أستفيد من دعمها، كله من مالي الخاص".
هل يؤثر الحراك أو بالأحرى الأزمة التي تمر بها الجزائر على السياحة؟ بطبيعة الحال هناك تأثيرات وليس المجال السياحي فقط وإنما باقي المجالات الأخرى، إن أي أزمة تطرأ على الدولة سوى كانت سياسية أو اقتصادية تؤثر سلبا على كل القطاعات التي تساهم في تنمية الاقتصاد الوطني. ذكرت مداخيل السياحة، طبعًا سننتظر التقرير من الوزارة.. أتوقع تراجعها وهذا شيء طبيعي نظرًا لما تمر به البلاد.. شخصيًا مجمع نسيب لم يسجل لحد الآن إلغاء حجوزاته على الصعيد الداخلي ولكن نتمنى أن تمر هذه الأزمة بسلام على وطننا الذي يستحق أكثر مما عليه خاصة في المجال السياحي.
ما يمنع الجزائر أن تنافس تونس والمغرب سياحيا؟ هذا الموضوع يحتاج إلى ندوات وملتقيات مستمرة.. وتكلمنا فيه في العديد من المناسبات، المشكلة العويصة التي تواجه أي مستثمر في الجزائر سوى كان محليا أو أجنبيا مع الإدارة أو بالأحرى استخراج الوثائق، العراقيل الإدارية والبيروقراطية والمصالح الشخصية وغيرها، قضت على القطاع رغم أنه مازال يعمل. التحديات يجب أن نواجهها بالعمل المستمر والاجتهاد والتعاون والتنسيق من التعليم إلى الصحة والاتصالات السلكية واللاسلكية والبيئة والعمران والإعلام والاتصال والخارجية والنقل والمواصلات، هذا الأخير سبب الكثير من المشاكل للسياحة. تخيل أن الأجنبي يظل 3 ساعات في المطار للحصول على أمتعته... دولة ثرية مثل الجزائر غير قادرة على بناء سكة حديد يمر بها قطار TGV، شمال جنوب، مادام الجنوب لم يرتبط بالشمال لا نستطيع أن نتقدم. هناك بنية تحتية تحتاج للتطوير وليس للترقيع. إضافة لغياب وزارة التخطيط التي نحن اليوم بأمس الحاجة إليها، دون أن ننسى فوضى الفنادق التي ترفع في أسعارها لأنها تريد أن تدفع قروضها على حساب الجزائري صاحب المدخول الضعيف، لذا وجب إعادة النظر والتنظيم في هذا الجانب. تحد آخر نواجهه هو الإدارة البيروقراطية. نطالب بخروج قطاع السياحة من وصاية وزارة الداخلية.. فالوالي مثلًا لا يجب أن يتدخل في المشاريع السياحية وإنما غرفة السياحة هي الأجدر.. تُسير وتُقرر، أما الوالي فيشرف ويراقب الأعمال وبتعليمات وزارة السياحة. أما وزارة الخارجية فأملي أن تسهل عن طريق سفاراتنا بالخارج الخدمات المتعلقة بمنح التأشيرات للأجانب.
هل من مستقبل للسياحة الجزائرية في السنوات القادمة؟ بالطبع إذا توفرت كل العوامل الملائمة وتحققت المطالب ورفعت القيود، وتجنبنا أخطاء الحكومات السابقة وتوفرت لدى صانعي القرار إرادة الخروج من الاقتصاد الريعي والتوجه نحو قطاع الخدمات، وقام الإعلام بدوره. وزارة الخارجية التي تقوم بدور فعال للترويج للسياحة بدبلوماسيتها الاقتصادية والعمل المستمر.. وترسخت الثقافة السياحية لدى الموطن، ووضع إستراتيجية عمل، أقر بأن السياحة ستجني 70 بالمائة من العملة الصعبة. وستصبح الجزائر الأولى سياحيًا في المغرب العربي في حدود 2030.
هل هناك مشاريع سياحية أخرى واتفاقيات لم يكشف عنها بعد؟ نحن مستمرون في عملنا داخليًا وخارجيًا، فكرنا في مشروع جديد يتعلق بالسياحة العلاجية، أبرمنا اتفاقية مع الشريك التركي وقررنا فتح مقر لها هنا بالعاصمة وبأسعار مدروسة ومعقولة وسنكون ممثلين لها، رغم أن سمعنا أن الدولة تود إبرام عقد مع الشريك الفرنسي في هذا الجانب. نعمل على تطوير السياحة الحموية ببسكرة والجلفة بصفتهما يتمتعان بمناخ ملائم لهذه السياحة، هناك أيضا مشروعان مع الشريك التونسي، حيث سنبني قرية سياحية تحتوي على 100 شاليه، والآخر هو قيد الدراسة بباجة، بالإضافة للقرية السياحية بالجزائر والتي هي الأخرى ستحتوي على شاليهات في إطار السياحة التضامنية لدعم وتشجيع السائج الجزائري وهي أقل تكلفة. كما أفكر في إنشاء جمعية تدافع عن حقوق المستثمرين.