تفاعل الجزائريون بشكل غير مسبوق مع المقابلة الصحفية لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، مساء أمس الأربعاء، نظرا لكونه يأتي بعد سنوات طويلة من غياب الاتصال المباشر بين الرئيس والشعب، وأيضا يأتي في وقت تشهد الجزائر تحولا عميقا، حيث يعتبر بوابة لمعرفة الفكر الرسمي لما ستسير عليه الجزائر. وحول هذه المقابلة يقول المحلل السياسي محمد طيبي إن "الأطروحات التي تفضل بها رئيس الجمهورية تدخل في إطار تصوري لإستراتيجية اتصال مؤسسي شامل ومتواصل"، وأضاف "كان ذلك ضروري لترميم الرابطة بين الدولة والمجتمع عن طريق خطاب رئيس الجمهورية وثانيا في اعتقادي أنها تمثل بغض النظر عن الأسلوب والأفكار منهجية تعليمية في السياسية". ويؤكد ذات المتحدث أن "هذا الفيض الإعلامي الذي نلاحظه ضروري من باب ملئ الفضاء العام بالفكر الرسمي للدولة التي غابت لسنوات، وهذا ما يفسر محتوى السؤال في باب الموضوعات المطروحة في هذا النقاش وهي المعيشة اليومية للناس". ويؤكد محمد طيبي أن حديث تبون "يندرج ضمن مواصلة الخطاب السياسي المرتبط بالحلمة الانتخابية، وثانيا أن كلام الرئيس يدخل في إطار تعديل مناحي الخطاب الإعلامي سواء من حيث طمأنة الرأي العام أو توضيح المشهد حتى لا يحتكر من طرف الإعلام المضاد أو الإعلام المناوئ أو المريض". وأضاف"أهم ما في الأمر هو فتح أفق واضحة وترسيخ إعادة بناء الدولة عن طريق ما أعلن عنه من انتخابات برلمانية ومحلية وتعديل قانون الانتخابات". وضع الأصبع على الجرح وكان تبون قد تعمد التركيز بشكل مباشر عن هموم "الزوالي" ومعاناته، مثل وعوده برفع الضريبة عن ضعيفي الدخل، ومراجعة الضرائب في قانون مالية تكميلي، أو التلاميذ الذين يسيرون لمسافات طويلة دون توفير النقل المدرسي لهم، وحتى الإطعام المدرسي، وغيرها من القضايا ذات الطابع الاجتماعي. وحول هذا الجانب قال رئيس الجمهورية في رده على أسئلة الصحفيين "بالنسبة لبعض الضرائب التي جاء بها قانون المالية 2020 والتي سيتم مراجعتها من أجل عدالة احسن, ربما يكون هناك قانون مراجعة خلال الخمس أو الستة اشهر المقبلة, يتم تحضيره بدقة دون شعبوية"، وأضاف إن "أول شيء أن الاعفاء الجبائي لا يؤدي الى تضخم مالي ولا الى نزيف اضافي بالنسبة لميزانية الدولة. أنا التزمت وبمجرد أن نصل إلى قانون المالية التكميلي, سيطبق الأمر الذي التزمت به وهو اعفاء كل المرتبات التي تصل إلى 30 ألف دج أو أقل عن ذلك من الضرائب لنرفع نسبيا من القدرة الشرائية مع الرقابة على أسعار المواد الأساسية". كما وعد تبون بمراجعة دقيقة وبتأن للحد الأدنى للأجور. فالهدف -بحسبه- اننا نرفض مبدئيا دينيا وأخلاقيا ووطنيا الفقر المزري في الجزائر وسنمضي بالوسائل المتاحة وبإرادة صلبة الى محاربة الفقر وعدم التوازن في الدخل الفردي. لما نعفي الرواتب التي تصل إلى 30 ألف دج وأقل من الجباية, سوف تكون تكلفة ذلك لا تتعدى 90 مليار دج وبالإمكان أخذ هذا المبلغ من جهة أخرى من أصحاب 2000 و 3000 مليار بشرط أن تكون هناك دقة في الحسابات الجبائية. وبصفة عامة, فإن نسبة الجباية العادية لا تتعدى 30 بالمئة, فيما تبلغ الجباية البترولية 63 بالمائة من ميزانية الدولة. وحول ما تطرق اليه تبون في الجانب الاجتماعي، أكد المحلل السياسي محمد طيبي أن "رئيس الجمهورية أحاط بما يجب أن يُحاط به في هذه الأوقات"، وأضاف "هذا ما أسميته مشاغل الحياة العامة التي تعفنت إلى حد كبير وسادتها الفوضى والتلاعب بلقمة المواطنين وهو من الناحية السياسية ضروري وهو ما انقطعنا عنه منذ سنوات لصالح الفساد ورؤوس الفساد"، وختم بالقول "هنا تبرز علامات الطابع الاجتماعي للدولة النوفمبرية".