البلاد.نت- حكيمة ذهبي- دخلت أزمة "كورونا" في الجزائر، أسبوعها الرابع، وإن كانت الدولة قد أعلنت رصد ما يزيد عن 370 مليار سنتيم، لمواجهة هذه الجائحة التي ضربت اقتصادات العالم، يبقى رجال الأعمال في الجزائر، "شاهد ما شافش حاجة"، بعيدة أيديهم عن جيوبهم، قريبة من خزينة الدولة منها عن أيدي المواطن، الغريب أن هؤلاء كانوا يتسابقون للترشح في انتخابات برلمانية لتمثيل الشعب. بخلاف عدة بلدان عربية إسلامية، لا يربط الفرد الجزائري برجال أعمال علاقات اجتماعية تضامنية، فلم يذكر التاريخ أن هؤلاء، أو على الأقل في الجل الجديد، فتحوا أرصدتهم لتقديم الهبات للشعب في أزماته، فلا يجد الجزائري سوى خزينة الدولة، يصوّب نحوها عينيه لتنقذه من أي جائحة. فعدا ذلك "التيليطون"، الذي نظمته الحكومة، مطلع العام 2016، فيما سمي حينها ب"القرض السندي"، الذي أغدق فيه رجال المال على الحكومة بما يفوق 600 مليار دينار، لدعم النموذج الاقتصادي الجديد، الذي أعلنت عنه حكومة سلال، في أعقاب تهاوي أسعار النفط، والذي فسّره محللون على أن ما يمنح باليمنى يؤخذ باليسرى، فالأموال التي منحها رجال المال كقرض سندي للحكومة، أخذوها مضاعفة كتحفيزات من قروض مازالت إلى غاية اليوم غير مسددة، وكإعفاءات جمركية وجبائية، وقد جرت معظمهم إلى السجون اليوم.
رجال أعمال البليدة "شاهد ما شافش حاجة" ! ولاية البليدة، التي تحصي اليوم وفقا للإحصائيات الرسمية 51 إصابة بالفيروس الفتاك، وفيها أكثر الإصابات وأكبر عدد من الوفيات، كونها أول ولاية رصدت الفيروس عبر رعية جزائري قدم من فرنسا إلى عائلته في حفل زفاف، يظهر أن رجال المال فيها يلتزمون الصمت، فالولاية التي تضم عددا كبيرا من الأثرياء ورجال الأعمال، على غرار صاحب مجمع "سيم" و"سيدي الكبير" وغيرهم من أثرياء البليدة، لم يتقدم ولا واحد منهم بعرض مساعدة لفائدة التضامن الوطني.
ربراب يعرض خدماته وميهوبي يدعو إلى "التضامن الوطني" وفي أول تغريدة له بعد خروجه من السجن، بتاريخ 31 ديسمبر الماضي، غرد رجل الأعمال صاحب مجمع "سيفيتال"، اسعد ربراب، أمس، أنه على استعداد لتقديم المساعدة للسلطات العمومية لفائدة التضامن الوطني في سبيل مواجهة أزمة "كورونا". ودعا الوزير الأسبق للثقافة، عز الدين ميهوبي، في تغريدة له، رجال الأعمال والوزراء والنواب والإطارات السامية والرياضيين والفنانين، من أصحاب المال، إلى الانخراط في حساب بنكي، وصب مساعدات مالية فيه، كوجه من أوجه التضامن الوطني، موضحا أن الأزمة واحدة والشعب يجب أن يكون موحدا لمواجهتها.
أستاذ في علم الاجتماع السياسي: "أثرياء الجزائر لا يمتلكون ثقافة التضامن" يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي، أحمد روجعية، ل "البلاد.نت"، إن ثقافة التضامن والعمل الخيري ليست متوفرة في رجال الأعمال الجزائريين، ببساطة لأنهم أغنياء جدد، معظمهم حصلوا على ثروتهم بطرق غير شرعية بالفساد، مضيفا أن ثقافتهم تكمن في نهب مقدرات الدولة والفائض من المال. ويوضح الأستاذ روجعية، أن المجتمع التقليدي الجزائري سنوات السبعينات والثمانينات يختلف عن اليوم، حيث كان الأثرياء معروفين في عائلات معينة، يتعاونون مع الجمعيات الخيرية التي كانت متوزعة عبر مختلف مناطق الوطن وتابعة للمساجد والمدارس والطرقية، لكن اليوم كل هذه القيم التقليدية تلاشت بعد الاستقلال، الجيل الجديد من رجال الأعمال كسبوا ثروة بطرق غير شرعية في معظمهم.