دخلت كل دول العالم في حالة طوارئ بسبب جائحة كورونا .. هذا الوباء العالمي الذي ينتشر بسرعة ولا علاج له الا الوقاية. وفي الجزائر، اتخذت السلطات جملة من الإجراءات لمنع تفشي الوباء، آخرها تسريح 50 بالمئة من الموظفين وإغلاق المقاهي والمطاعم بشكل مؤقت عبر التراب الوطني، ووقف جميع وسائل النقل الجماعي العمومية والخاصة داخل المدن وبين الولايات وكذلك حركة القطارات، وتسريح النساء العاملات اللواتي لهن أطفال صغار، كما دعا رئيس الجمهورية المواطنات والمواطنين إلى الحد من التنقل حتى داخل أحيائهم لتجنب انتشار الوباء، وأمر مصالح الأمن بالتشدد مع أي تجمع أو مسيرة تهدد سلامة المواطن. وتشير ارقام وزارة الصحة اليوم الخميس 19 مارس، إلى ارتفاع حصيلة الوباء في الجزائر. وكشف جمال فورار المدير العام للوقاية بوزارة الصحة و السكان وإصلاح المستشفيات، اليوم في تصريح للتلفزيون العمومي ، عن تسجيل 90 حالة مؤكدة بفيروس كورونا في الجزائر ، موضحا أن أغلب الحالات سجلت بولايتي البليدةوالجزائر و التي مست في الغالب الفئات التي يتراوح عمرها ما بين 25 و 49 سنة، كما ارتفعت الوفيات الى تسعة بسبب هذا الفيروس القاتل. كل هذا يجعل الشخص يتساءل عن مدى تطبيق الجزائريين لطرق الوقاية كونها تبقى العلاج الوحيد حاليا، فهل فعلا يحتاط المواطنون؟ عند التجار في جولة قصيرة قادتنا إلى 7 أحياء بالجزائر العاصمة، يمكننا الوقوف بكل تأسف عن غياب الوقاية بين مختلف الفئات، وكأن الأمر لا يتعلق بوباء اسمه كورونا. ففي بني مسوس بغرب الجزائر العاصمة، يمكنك أن تلاحظ تواجد جميع فئات الشعب في الخارج بشكل عادي، البعض يقتني أغراضه من السوق الفوضوي في حي سيدي السعدي المشهور بانتشار بباعة الخضر والفواكه، دون ترك مسافة الأمان بين الزبائن الذين يختارون بأنفسهم السلع بطريقة تجعلهم يمسكون السلع ويعيدونها،، رغم ما يمثله ذلك من طريق سهل لنشر الفيروس في حال ما إذا كان احد الزبائن حاملا للفيروس. والغريب في الأمر أن كل التجار لا يلبسون الكمامات ولا القفازات كما لا يتركون مسافة بينهم وبين الزبائن. محطات الحافلات وغير بعيد عن حي سيدي السعيد، وتحديدا بالقرب من المستشفى الجامعي بني مسوس، شد انتباهي جلوس مجموعة من الشباب في موقف للحافلات وهم يشربون كؤوس الشاي، ويتسامرون، غير مبالين بأنهم يتواجدون في مكان عمومي يرتاده آلاف الأشخاص بعضهم خرج لتوه من المستشفى. فاجأني أحد هؤلاء الشباب حين سألته عن سبب جلوسه هنا، أنه يتواجد في حييه واعتادوا الجلوس في المساء هنا للتسامر، وحين تحدثت معه حول فيروس كورونا قال "صح صعيب مي ربي يبعدو علينا .. هنا مكان والو". بعدها توجهت مباشرة الى حي شوفالي، وهو ملتقى مئات الآلاف من المسافرين يوميا، الغريب في الأمر أن مروري تزامن مع انتظار خلق كثير للحافلات المتوجهة الى غرب العاصمة، بني مسوس، زرالدة، الشراقة .. وهنا يقف المئات في مساحة لا تتعدى 8 أمتار مما يجعل العدوى سهلة التنقل بينهم سواء كورونا او غيرها. منتزهات نفس المشاهد متكررة في الابيار لكن الذي شد انتباهي هو وجود مجموعات من الشباب والشيوخ في ساحة كندي، وساحة كندي بالابيار غالبا ما تكون ملتقى للعمال في المساء من اجل الجلوس والتسامر، فيبدو أنهم حافظوا على تلك الجلسات دون اهتمام بكورونا. والغريب في الأمر أن مسجد الابيار يطل مباشرة على الساحة، حيث تم تعليق صلاة الجمعة والجماعات، لكن الجماعات منتشرة أمام بابه. وفي ساحة أول ماي، لم تخلوا الحديقة التي تم تشييدها في السنوات الأخيرة بالقرب من موقف حافلات الطلبة من الشباب من مختلف الأعمار حيث يجلسون للتسامر، ولا أحد منهم يرتدي كمامة او قفاز مع العلم ان هده الساحات العمومية تشكل مكانا خصبا للعدوى.
وهي نفس المشاهد التي وقفت عليها في المنتزه المطل على البحر بالقرب من المجلس الشعبي الوطني، وأيضا في ساحة الشهداء وفي باب الواد. ووفي باب الواد شد انتباهي تواجد العديد من الاطفال يلعبون والشباب الذين يجلسون على واجهة البحر، الى هنا الأمر متكرر لكن الغريب هو قيام احد الشباب بنزع "الشمة" من فمه ورميها على الارض ومسح أصابع يده في المقعد الذي يجلس عليه وهو مقعد عمومي ولكم أن تتصوروا حجم الكارثة. توقيف الدراسة .. قبل أيام لجأت الحكومة بأمر من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الى تقديم عطلة الربيع وحثت المواطنين على التزام البيوت، لكن في الشوارع الحركة كثيفة ولا توجد أي مظاهر احترازية من طرف المواطنين، ففي شارع حسيبة بن بوعلي بالجزائر العاصمة، ورغم أن الساعة تشير الى الخامسة والنصف مساء إلا ان الشارع مكتظ بحركة الراجلين والسيارات على حد سواء.