على الرغم من أن المناسبة كانت اختتام الدورة الربيعية لغرفتي البرلمان يوم الخميس الماضي، إلا أن النواب الحاضرين بالمجلس الشعبي الوطني كان لهم حديث آخر مرتبط بطبيعة الإصلاحات السياسية المزمع عرضها على البرلمان مع افتتاح الدورة الخريفية التي ستكون الأخيرة في عمر المجلس الحالي. وإذا كان شكل الدستور المرتقب وطبيعة النظام السياسي الذي سترسو عليه سفينة الرئيس بوتفليقة وباقي موضوعات الإصلاح، لم تشغل اهتماما كبيرا لدى ممثلي الشعب، فإن حصة تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة نالت "نصيب الأسد" في النقاشات "الأفقية" و"العمودية" التي كان قصر زيغود يوسف مسرحا لها. وإذا لم يعد مقبولا أن يرفض النواب أو يتحفطوا على غرفة تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة باعتباره أضحى مبدأ مكرسا في الدستور بموجب التعديل الجزئي في نوفمبر,2008 فإن شكل هذا التمثيل هو الذي يطرح الإشكال لدى معظم النواب، باعتبار تأثير ذلك على شكل الغرفة التشريعية في العهدة القادمة.
من حيث المبدأ، يؤكد عدد كبير من النواب أنهم سينتظرون مشروع القانون الذي ستحيله الحكومة على مكتب المجلس الشعبي الوطني لدراسته في الدورة القادمة، لكن عددا من هؤلاء استبق الموضوع بالتأكيد على أن هناك "إجماعا عاما" لدى النواب ب"قول كلمتهم" في هذا الموضوع الذي لايزال محل "مساومات"سياسية طالما أن رئيس الدولة لم يفصل بعد في النسبة التي ستُلزم الأحزاب السياسية بتخصيصها للنساء ضمن القوائم الانتخابية. وواضح أن الاهتمام مركز أكثر على قوائم الأحزاب في الانتخابات التشريعية المقررة في العام القادم أكثر من الانتخابات المحلية أو الولائية. وفي تعليقات أولية على نسبة الثلاثين في المائة التي صدرت عن بعض المسؤولين السياسيين، رد مجموعة من النواب، رفضوا الكشف عن هوياتهم، بالرفض القاطع لهذه النسبة التي اعتبروها "غير معقولة" بالنظر إلى العديد من الاعتبارات التي على رأسها الاعتبار الاجتماعي لدى المواطن الجزائري، خاصة في الولايات الداخلية، حيث لا يمكن "فرض ترشيح امرأة ضمن قائمة انتخابية في مناطق ماتزال المشاركة السياسية للمرأة فيها محل تحفظ". ودعا النواب الحكومة إلى أن تأخذ بهذا المعطى في إعداد مشروع قانون ترقية المرأة في المجالس المنتخبة حتى لا تتسبب في "مواجهة" بين الأحزاب الممثلة في المجلس والحكومة أثناء عرض القانون مطلع الدورة الخريفية القادمة. فيما لم يتأخر عدد من النواب أمس لدى حديثهم ل"البلاد" في دعوة السلطات العمومية إلى الاكتفاء بنسبة لاتفوق 20 في المئة لصالح المرأة في القوائم الانتخابية. ويبدو على رأس المعارضين لتخصيص نسبة عالية للمرأة في المجالس المنتخبة من خلال إلزام الأحزاب بها، نواب حزب العمال الذين عبرت زعيمتهم لويزة حنون عدة مرات عن رفضها مبدأ "الكوطة" باعتباره انتقاصا من كرامة المرأة وإخلالا بمبدأ المساواة المكرسة بين الجنسين في الدستور.
وغير بعيد عن حزب العمال، يبدو موقف حزب الأغلبية البرلمانية "متماهيا" إلى حد كبير مع فكرة رفض مبدأ الكوطة، لكن حزب عبد العزيز بلخادم يدعو لقبول هذه المبدأ ك"مرحلة انتقالية تأسيسية" لفكرة إشراك المرأة في العمل السياسي بشكل عام. ويبقى الهدف لدى الأفلان هو الوصول إلى اختيار المرشحين على أساس الكفاءة و"الشرعية" السياسية بغض النظر عن الجنس.