علمت ''البلاد'' من مصادر مطلعة في محيط حركة مجتمع السلم، أن السيناتور عبد الحميد مداود أطلق مبادرة صلح جديدة لرأب الصدع الحاصل داخل حمس، عقب الهزة العنيفة التي أحدثها انشقاق جماعة مناصرة عن الحركة الأم بإعلانهم تأسيس كيان بديل حمل اسم ''حركة الدعوة والتغيير''. وحسب ما ذهبت إليه المصادر ذاتها، فإن مبادرة الصلح الجاري التحضير لها، قد بلغت مرحلة متقدمة من النضج والجهوزية، سيما وأنها نالت الضوء الأخضر بعد عرضها في آخر اجتماع لأعضاء المكتب التنفيذي للحركة قبل يومين . وينتظر في هذا السياق أن يكشف القائمون على هذا المسعى قريبا عن فحوى مبادرتهم الجديدة التي تأتي في سياق رؤية مجلس الشورى الوطني لمعالجة الأزمة المتفاقمة بين قيادة الحركة وبين جناح المعارضين لنتائج المؤتمر الأخير، وهي الرؤية التي أفصح عنها رئيس حمس أبوجرة سلطاني، حين أبقى على ''باب العودة'' مفتوحا أمام من اتهمهم ''بشق عصا الطاعة والخروج عن الصف''، على الرغم من تمسكه بتطبيق القرارات واللوائح الانضباطية الصادرة في حق الأسماء الموقعة على بيان تأسيس الكيان المنشق. وبحسب هذه المصادر، فإن الرهان الكبير لمساعي الصلح الراهنة، يرتكز أساسا على محاولة استقطاب أكبر عدد ممكن من عناصر الجناح المنشق للعودة إلى طرح قضايا الخلاف داخل أطر الحركة ومؤسساتها، خاصة وأن أصداء قوية من محيط جماعة مناصرة تشير إلى وجود نقاش حاد بين أقطابها على خلفية تحفظ شخصيات لها وزنها داخل هذا الجناح، على بيان تأسيس حركة بديلة عن تلك التي أرسى دعائمها الراحل نحناح، وهو ما تجلى في رفضهم التوقيع على بيان ''حركة الدعوة والتغيير''، وهو ما يفتح الباب واسعا أمام نجاح مبادرة الصلح الجديدة باعتبارها تضع خيار''الطريق الثالث'' أمام الرافضين لخطوة شق الحركة والمعترضين في نفس الوقت على بعض توجهات قيادتها الحالية. الأمر الآخر المعول عليه في إنجاح المسعى الجديد، يرتبط بشخصية عبد الحميد مداود رئيس هيئة المؤسسين وأحد الرموز الثقيلة التي تحظى باحترام كبير داخل أوساط واسعة من أبناء الحركة، وكذا الأطراف الداعمة له في هذه الخطوة، بحيث أن احتفاظ هذه الشخصيات بمسافة متقاربة أمام الأطراف المتخاصمة يمنحها مصداقية أكبر في اختراق بعض الحواجز المستعصية إن لم تكن وطنيا فعلى مستوى القواعد النضالية لحركة أبوجرة سلطاني، سيما وأن تقديم هذا الأخير لطلب إعفائه من منصب الوزارة الذي كان سببا رئيسيا في تنامي حجم الانتقاد الموجه ضده، من شأنه أن يبعث برسالة إيجابية قد تسهم في حلحلة الأجواء نحو إعادة لم الشمل وإيقاف أي نزيف محتمل للمناضلين.من جهة ثانية، من المرتقب أن يقوم رئيس الحركة أبوجرة سلطاني بزيارة ميدانية لأكثر من عشر ولايات يلتقي خلالها بقواعده النضالية. وتهدف خرجة زعيم حمس إلى وضع الجميع في صورة الأوضاع الراهنة التي يمر بها الحزب، وتوجيه نقاشات القواعد نحو مناقشة أوضاع الحركة على ضوء نتائج الرئاسيات الأخيرة وتأثيراتها المستقبلية عليها.