شمعة العلامة الشيخ عبد الرحمان شيبان تنطفئ، والعجوز الأنيق الذي لا يختلف على تقواه ومواقفه الخالصة رئيسان ولا وزيران ولا مسجدان شُيع إلى مثواه الأخير دون رفقة رسمية ممن يجهلون أن الوطن قد فقد بفقدان شيخه كوكبا ظل مشعا لآخر رمق من عمره، ليرحل العلامة وتبقى آثار رجل لم تؤثر فيه كل عوامل التعرية سواء كان مصدر تلك التعرية سلطة فكرت يوما بالتلاعب بالعربية وبالحجاب وبدين الأسرة، أو كان مصدرها فتاوى مستوردة تهدر دم من لا يرتدي النقاب ولا يدخل بيمناه إلى بيت الخلاء·· رجل وسط جمع بين وقوفه في وجه السلطان، وبين وقوفه في وجه ”الرعيان”، وعلامة كبير كفر بالتطرف مهما كان منبعه، فحينما تطرفت الحكومة وأزمعت مسخ الأسرة وقانونها وجدت لها بالمرصاد عجوزا توكأ عكازه وعمره ومكانته الكبيرة ليهش بها على من أراد سوءا بمستقبل جيل قادم· وحينما تعالى صياح ”حيّ على الجهاد” في رقاب المسلمين من طرف المتطرفين استبق علم الشيخ وفكره فتاوى ما وراء البحر ليقول للفئة الضالة إنهم ضالون وإن الإسلام سلام الأولين، وفي كلا الموقفين فإن الجميع شهد للشيخ شيبان بأنه كان نبراسا لم يجامل السلطان ولم يهب الخارجين عن السلطان·· أيهما في ذمة الله، هل هو شيخ الوطن الذي انتقل إلى جوار ربه أم هو وطن الشيخ الذي لم يفهم مسؤولوه حجم المصاب الجلل الذي ألمّ بأمة فقدت عالما بحجم فقيد الأمة·· ترى من يعزينا في الوطن قبل الشيخ أيها السادة؟