يلجأ عدد من الصائمين في شهر رمضان إلى منابع المياه المعدنية التي تشهد إقبالا كبيرا عليها خاصة في الساعات القليلة قبل أذان المغرب، حيث تجدهم يصطفون في طوابير طويلة في انتظار دورهم، وكلهم لهفة على حمل قنينات منه إلى البيت لتكون أول مايفطرون عليه، في ظاهرة انتشرت في السنوات الأخيرة مع تزامن الصيام مع فصل الصيف وارتفاع درجة الحرارة التي تغري الصائم بتمضية الوقت بالقرب من هذه الأماكن وأجوائها المنعشة · وقد تحولت المنابع الطبيعية التي تزخر بها فالمة إلى قبلة لبعض الصائمين، سلاوة عنونة والزمزومة والدهوارة غيرها من المنابع الشهيرة التي ارتبط السكان بها منذ القدم، إلى أن أصبحت تعبئة الماء الشروب منها عادة لا يمكن استبدالها بالنسبة للكثير من سكان المدينة الذين يفضلونها على مياه الحنفيات وحتى المياه المعدنية المعبأة في قارورات بلاستيكية والخاضعة للمعالجة· غير أن الكثير من المقبلين على هذه المنابع ممن التقينا بهم لايعيرون اهتماما كبيرا لخطورة بعض هذه العيون التي قد تكون مياهها ملوثة أو غير صالحة للشرب، بسبب المسار الذي تمر به · أجمع عدد من الصائمين الذين التقينا بهم في الأيام الأولى من شهر رمضان بالقرب من بعض هذه العيون الطبيعية التي تنتشر عبر أرجاء مختلفة والذين كانوا يتزاحمون حولها من أجل أخذ نصيبهم : ”أن مياه المنابع أفضل بكثير من المياه المعدنية، وأنهم لا يشكون إطلاقا في نقائها وصلاحيتها للشرب، لأنها تأتي من عمق الأرض وهي طبيعية ونظيفة”، وأشاروا إلى أن هذه المياه العذبة النقية تصبح لها مكانتها الخاصة على موائد الإفطار في رمضان· كما أن التنقل إليها من أماكن بعيدة من أجل جلب الماء، يعتبر متعة لا تضاهيها أي متعة أخرى، يحرصون على الالتزام بموعده كل يوم وذلك في الساعات الأخيرة قبل أذان المغرب، لتمضية الوقت وللاسترخاء بعيدا عن ضوضاء المدينة ومن بين هذه العيون ”الزمزومة ”، بجبال خميسي وهي أحد أقدم عيون المنابع وتمد منذ سنوات طويلة بالماء النقي·· سكان المنطقة وآخرون ممن يتلذذون بمائها العذب البارد ويأتون إليها من مختلف أنحاء المدينة، حيث تتدفق مخترقة صخرة متشعبة وسط الأشجار ويزيد الإقبال على مائها خاصة في شهر رمضان إذ تصبح بالنسبة للكثير من العائلات أكثر من ضرورية، كما يقول أحد المواطنين الذي اغتسل بمائها البارد وملأ أكثر من قارورة للإفطار : ”أنا آتي من حين لآخر لأخذ الماء للشرب والطبخ من هذه العين· أما في رمضان فأحضر إلى هنا كل مساء بالسيارة لتمضية بعض الوقت رفقة أطفالي الصغار قبل أن أتوجه لشراء الزلابية، أنا وعائلتي نفضل كل ما هو طبيعي وهذه المياه تأتينا من جوف الأرض ومن أعماق الطبيعة”· ليست كل المنابع صالحة للشرب بهدف الاقتراب أكثر من الطبيعة يبحث المواطنون عن عيون المنابع الطبيعية، إيمانا منهم أن كل ما يأتي مباشرة منها هو بالضرورة نقي وصافي، ولا يعرف أغلبهم للأسف الشديد، إن كانت هذه المياه محللة في مخابر خاصة للتأكد من صلاحيتها للشرب والسقي، ويثقون كما يقولون في الطبيعة وفقط· ولكن الأمر لا يخلو من المخاطر، فمياه بعض هذه العيون مليئة بالجراثيم والبكتيريا وعناصر كيميائية مضرة· فيمكن للمياه أن تجرف من جوف الأرض أثناء مرورها بالصخور والتراب وجذوع الأشجار، حشرات خطيرة كالعلقات التي قد تؤدي في حالة ابتلاعها إلى الموت· وأضاف ذات المتحدث ان ”المنابع التي يشرب منها منابع معروفة ويقبل عليها الكثيرون ولم أكن أتصور أنها قد تكون ملوثة ···”· يفترض أن تتواجد أمام المنابع لافتات تعلم المستهلك إن كان الماء صالح أو غير صالح للشرب لحماية المواطنين الذي يتعاملون مع الأمر بعفوية ولامبالاة كبيرة، بحجة أن هذه المياه طبيعية، غير أنه لا يلاحظ بالعين المجردة وبحواس الذوق والشم، لأنه لا يغير شيئا في لون مياه المنابع النقية، المنعشة والباردة، فجزيئاته تذوب كليا في الماء وليس لها تأثير مباشر على صحة الجسم إذا كانت نسبتها قليلة فيه· كما أنها تتميز بخاصية كيميائية تجعل الماء لذيذا· ويقول سكان المنطقة الذين يعتمدون بشكل أساسي على مياهها للشرب ولسقي أراضيهم الزراعية وحدائقهم إنه تم تحليل مياه العين والتأكد أنها صالحة للشرب·