شكل ارتفاع درجة الحرارة منذ بداية الصيف كابوسا حقيقيا للجزائريين مما جعل الكثيرين منهم يتساءلون وبشدة عن مدى قدرتهم على صيام رمضان وخاصة الكبار وأصحاب الأمراض المزمنة، والموظفين الذين فضلوا أخذ عطلهم السنوية في هذا الشهر المبارك. القلق والتخوف الذي صاحب تزامن شهر الصيام وفصل الصيف جعل الكثير من الجزائريين يقبلون على الكثير من المظاهر وتغيير عاداتهم تحسبا لارتفاع درجة الحرارة، وحتى لا يكون لهذا الشهر المعظم تأثيرات سلبية تقطع من جوهره في أن يكون فرصة مواتية لتهذيب النفس والروح. ولأن الأيام الأخيرة من شهر أوت تكون آخر أيام الصيف أو بما يعرف ب ''الصمائم'' والتي تكون فيه الحرارة تعتصر نفسها، خوف ذلك الكثير من الشباب الذين لم يعهدوا الصيام في الصيف وخاصة شباب العشرينيات. تقول أسماء 25 سنة ''جل ما كان يشغل بالي هو أجواء الصيام في شهر أوت، لا لشيء سوى للعطش لأنني أعمل بعيدا عن المنزل، لكن والحمد لله الأيام المعتدلة التي شهدناها في الأيام الأولى من رمضان خفضت من توتري وأسأل الله أن نصومه بكل إيمان واحتساب''. أما أحلام 27 سنة فتقول ''لست متخوفة من الصيام في فصل الصيف بحد ذاته وإنما من المظاهر التي تصاحب الشهر خاصة السلبية منها انقطاع الماء أو ارتفاع حدة الاعتداءات والمشاكل مع وسائل النقل والاكتظاظ الشديد، خاصة وأن اليوم سيكون طويلا وابقاء الشبان سيكون أطول، فتكثر النرفزة والقلق بينهم''. موظفون فضلوا أخذ عطلهم في رمضان فضل الكثير من العاملين بالمؤسسات الخاصة وبالقطاعات العمومية شهر رمضان لأخذ عطلهم السنوية فيه تخلصا من مشقة الصيام والعمل، وهروبا من حرارة الجو التي تضعف الجسم وترهقه سحب قول إحدى العاملات بمؤسسة خاصة والتي تحرص كل نسة على أخذ عطلتها في رمضان فتقول: ''لم أحتمل هذا العام الصيام والعمل في آن واحد، فدرجة الحرارة ترهقني وتفقدني التركيز في عملي لذا فضلت أخذ عطلتي السنوية في رمضان حتى أستطيع صومه بكل راحة ابتعادا عن حرقة الشمس ولهيبها، فأمضي يومي في البيت أحضر للفطور، وفي الليل أذهب لصلاة التراويح، وهكذا حتى ينقضي شهر الصيام، فلا أفكر في الخروج إلا للضرورة المحتمة. ويساندها الرأي فاتح 29 سنة وهو عامل أيضا فيقول: ''لا يرهقني الصيام أكثر من الوقوف في محطات الحافلات لساعات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة، وبما أنني أعمل، فذلك يستوجب خروجي يوميا وهذا يرهقني فما بالك الصيام والعمل في الصيف''. أما يوسف 30 سنة فهو يتأسف لأنه لم يستطع أخذ عطلته في رمضان والتي تمناها قبل حلوله نظرا لكثافة العمل في مؤسسته. شباب فضلوا العمل ليلا بدلا من النهار استغنى الكثير من الشباب الذين يمارسون أعمالا شاقة منها حمل أكياس الإسمنت والحفر والبناء وغيرها عن الأعمال اليومية والتي يسترزقون منها عن عملهم في رمضان نظرا لارتفاع درجة الحرارة، فالكثير منهم لا يقاومون العطش أثناء الصيام، وفضلوا العمل في الليل في أي وظيفة أخرى. فيقول مصطفى 33 سنة في هذا الصدد: ''لا أستطيع مقاومة العطش في رمضان خاصة وأنه تزامن مع فصل الصيف ولذلك أفضل أي عمل في الليل أسترزق به بدلا من النهار، وأنا اليوم أبحث عن عمل جديد والحمد لله وعدت بالكثير والجديد. أما محمد 29 سنة فيقول: ''استغنيت عن عملي بالنهار وأنا اليوم أعمل في حراسة أحد مواقف السيارات بالليل، فليست لي القدرة والصيام تحت أشعة الشمس الحارقة''. المكيفيات الهوائية أصبحت ضرورة في كل بيت شوهد في الفترة الأخيرة إقبال مرتفع وغير طبيعي على المكيفات الهوائية التي شهدت موجة تسويق واسعة لم تعرفها من قبل من طرف جميع الفئات الاجتماعية وخاصة في سوق ال''حاميز'' الذي شهد اقبال المواطنين عليها. وحسب قول سليمة وهي ربة بيت فإنها اقتصدت هذا العام حتى تحصل على مكيف هوائي، خاصة لرمضان الذي تزامن مع ارتفاع درجة الحرارة، وتضيف ''على الأقل نهنأ بإفطار في جو منعش وبارد بدلا من الحرارة داخل البيت وخارجه''. أما كريمة وهي ربة منزل بدورها فتقول: ''تخوفنا هذا رمضان بمصادفته لارتفاع الحرارة جعل الكثيرين يأخذون احتياطاتهم بالتوفير طول السنة لاقتنآء مكيف هوائي، وأنا واحدة منهم، فلقد اشتريته أشهرا قبل حلوله، حتى نتجنب المعاناة في هذه الأيام الحارة''. عادات غذائية يجب تجنبها يتغير السلوك الغذائي للصائم من حيث التوقيت وعدد الوجبات ونوعيتها، فتقدر عدد الساعات بحوالي 14 ساعة، إضافة إلى درجة الحرارة المرتفعة، وهو ما يستوجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة حتى لا تكون لهذا الشهر تأثيرات سلبية. فينجر عن هذه الحرارة الشعور بالعطش الشديد مما يدفع بعض الصائمين إلى افتتاح افطارهم بالماء البارد لاطفاء لهيب العطش، وهذا السلوك أكد المختصون في التغذية خطورته وتهديده للصحة، فالماء والسوائل ضرورية كي يتجنب الصائم الإصابة بجفاف الجس، لكن درجة حرارة هذه المواد يجب أن تكون ملائمة لحرارة معدة خاوية لمدة طويلة. وكما ينصحون باعتماد نظام محدد من الغذاء للتحرر من العطش والمساعدة على تحمله وتجنب الاحساس به خلال ساعات اليوم الطويلة في انتظار موعد الافطار ومن بينها تجنب تناول الأكلات والأغذية المحتوية على نسبة كبيرة من البهارات والتوابل خاصة عند وجبة السحور لأنها تحتاج إلى شرب كميات كبيرة بعد تناولها، وشرب كميات من المياه في فترات متقطعة من الليل، وتناول الخضراوات والفواكه الطازجة في الليل وعند السحور لأنها تحتوى على كميات من الألياف والماء والتي تمكث فترات طويلة في الأمعاء مما يقلل من الاحساس بالعطش والجوع.