هي الحياة من جمعتهم في محتشد للاستعمار الفرنسي الذي أنشأ في المنطقة المسماة حاليا بحوش بن والي بكاب جنات الواقعة على بعد 15 كلم من مدينة برج منايل ببومرداس ليتحول إلى وكر للعناصر الإرهابية التي أنجبت من أرحام أهلها لتتضاعف المعاناة في صمت وتستمر نحو مصير مجهول لم تتبين معالمه بعد رغم ذلك فلا أحد يتجرأ على مفارقتها باعتبار أن المعاناة متعلقة بالماضي والمستقبل معا. هذه هي قصة أو بالأحرى تاريخ سكان بن والي المنحدرين قبل أن يقوم الإستعمار الفرنسي بتهجيرهم بعد اندلاع الثورة بالضبط في سنة 1956 إلى المحتشد الذي كان يسمى حوش الرومي كنال وأغلبهم من جبال أنبارة و/ بن خيار/ الغراف /أولاد سبتي/ أولاد بن علي/ والزاوية المحاذية له وبعد الاستقلال اختار هؤلاء البقاء وخدمة الأراضي التي كانوا يخدمونها لصالح مالكها السابق المعمر الرومي كنال لتكون حياتهم بسيطة ارتبطت بالبراري والبساتين المخضرة فكانت تلك الفترة تنير فيها الليالي تحت أضواء النجوم والقمر الذي يتشوق بعد كل شهر لاحتضان تجمعاتهم التسامرية بعد يوم من الكد والعمل إلا أن هذه الأيام سرعان ما غابت عنها حتى شمس النهار منذ بداية العشرية السوداء بعد أن خرج من القرية أكثر من 60 إرهابيا لتتواصل الأزمة حتى اليوم بتسجيل 14 مراهقا ينخرطون في السلفية في الفترة الممتدة بين 2003 و2008 فقدان السكان لعقود الملكية يقصيهم من أي إعانة مالية الدخول إلى قرية بن والي ليس بالأمر السهل فبمجرد أن تطأ أقدامك القرية تبدأ حملة التفتيش وتناقل الأخبار بخصوص أشخاص غرباء دخلوا القرية ولن يهدأ بال أحد منهم حتى يتم معرفة من دخل القرية ولأجل ماذا ومن يقصدون، خاصة إن قمت بالتجول بين منازل القرية الفوضوية والقصديرية فحياة السكان لا تتوفر بها أدنى شروط الحياة بداية من الطريق الترابية الرابطة بينها وبين قرية عين الحمراء على امتداد 30 كلم والتي لم تحظى مطلقا بالتهيئة. أما السكنات المشيدة بطريقة عشوائية وفوضوية من طرف العائلات المحظوظة قليلة باعتبار أن أغلبها لا تزال تعيش تحت القصدير ولم تستفد حتى من تعويضات منكوبي زلزال 2003 ولا من مستحقات مشروع البناء الريفي والتنمية الريفية، ذلك أن أغلب العائلات تملك عقود الحيازة لأراضيها وهذا ما أدى إلى إقصائها من الاستفادة من أي إعانة مالية أو دعم من الدولة. عائلة بن نبري هي نموذج لمعاناة سكان القرية فرغم فقرها إلا أن كرمها وسعة صدر كل فرد منها جعلهم يفتحوا لنا أبواب منزلهم البسيط.. العائلة متكونة من 21 فردا وكلهم يتجاوزون سن 30 يتقاسمون المر تحت أسقف قصدير مهترئة وأكواخ من طين مرت عليها أكثر من 40 سنة من جهة ومن مر البطالة من جهة أخرى، هي صورة لعائلة تعجز الكلمات عن وصف حالتها ورغم ذلك فهي لم تقطع الأمل بمستقبل مشرق وهي تنتظر أن يتم ترحيلها إلى سكنات لائقة، فالانتظار قد طال فبعد أن صنفوا كمنكوبين في زلزال 2003 حرموا من الاستفادة من تعويض مالي لإعادة بناء مكان الأكواخ التي تكاد تسقط على رؤوسهم وذلك لأنهم يملكون عقود الحيازة الغير معترف بها ليتم تحويلهم إلى قائمة المستفيدين من السكنات لكن موعد الترحيل يبقى مجهولا رغم مرور على الزلزال أكثر من 50 سنوات. أما مشروع الإستفادة من إعانة التنمية الريفية فهي كذلك في خبر كان وأقصيوا مثل باقي أغلب سكان القرية لعدم امتلاكهم عقود الملكية فحتى من ساعفه الحظ بطريقة أو بأخرى في الحصول على إعانة البناء الريفي يشترط عليه بعد قبول ملفه أن يشرع في البناء بنسبة 15% من ماله الخاص قبل تسلمه الشطر الأول من الإعانة المقدرة ب 10 ملايين سنتيم من أصل 50 مليون سنتيم مما أدى بأغلب المستفيدين إلى التخلي عن الإعانة لعجزهم عن الشروع في البناء بمالهم الخاص. في نفس السياق فإن النقائص بقرية بن والي لا تحصى أمام غياب أي مرفق للشباب وكذا أدنى شروط الحياة فالمستوصف الذي كان بالقرية بعد أن سقط كليا في الزلزال لم يتم إعادة بنائه بعد رغم أن مبادرة الشروع في البناء بدأت لتتوقف لأسباب لا تزال مجهولة. أما المدرسة الإبتدائية الوحيدة بالقرية الطريق المؤدية إليها غير معبدة ويعاني التلاميذ يوميا في التنقل خاصة في فصل الشتاء أما تلاميذ المتوسط فيتنقلون إلى إكمالية عين الحمراء البعيدة بحوالي 30 كلم من القرية والذين يتزاحمون على حافلة واحدة للنقل المدرسي لكن تلاميذ الثانوي يعتبرونهم أكثر حظا لأنهم يتنقلون إلى ثانوية ببرج منايل البعيدة بحوالي 15 كلم. أما مكتب البريد فيبقى هيكلا دون روح بعد أن أقفلت أبوابه لدواع أمنية. 14 مراهقا يلتحقون بالسلفية وحملة التجنيد مستمرة في القرية لعب الجانب الأمني دورا حساسا في هيكلة حياة سكان بن والي فمعظمهم تخلوا عن خدمة الأرض بسبب إقدام الجماعات الإرهابية على مطالبتهم بحصة ما يسمى بالزكاة بمجرد أن يعلموا بوجود أحد السكان يخدم أرضه حتى يتم مطالبته بمبالغ خيالية تتعدى حتى نسبة الربح المحققة ناهيك عن غلاء المواد الكيميائية والمحظورة الإستعمال مثل مادة/ اللامونياك/ التي تستعملها العناصر الإرهابية في صنع المتفجرات. أما في الظلام فتتسرب الجماعات الإرهابية إلى القرية لتضع السكان بين فكي الموت حيث ترغمهم على تقديم ما تملك من مأكل ومشرب حتى وإن تعلق الأمر بلقمة عيش أبنائهم. معاناة السكان لم تتوقف عند هذا الحد بل تعدت إلى الخطر المحدق بأبنائها الذين ينخرطون في الجماعات المسلحة تباعا، سواء باستعمال أسلوب التهديد وهو الأسلوب الوحيد الذي صارت تنتهجه هذه الأخيرة في السنوات الأخيرة خاصة في الفترة الممتدة بين 2003 ونهاية سنة 2008 حيث تم تسجيل 14 مراهقا التحقرا بالعناصر الإرهابية وهم على التوالي بن نبري فاتح من مواليد 1980 ويكنى ليث وحسب مصادر موثوقة فقد تم تعيينه على رأس سرية الهجرة والتكفير التابعة لكتيبة الأنصار وقد التحق بالعناصر الإرهابية في صيف 2003 والإرهابي بن نبري اليمين البالغ من العمر 26 سنة وشقيقه الأصغر بن نبري خضير، حيث يبلغ من العمر17 سنة لما التحق بالعناصر الإرهابية في صيف 2003 وقصة خيضر التي يصفها السكان بالغريبة تتمثل في أنه كان يبيع البطاطا ليأتيه شخصان غريبان يحاولان وضعه بالسيارة بقوة ليتمكن من الهروب ومنذ ذلك الوقت لم يعرف عنه أي خبر ليتبين في الأخير أنه قد التحق بالعناصر الإرهابية وهو السادس من عائلة بن نبري إضافة إلى الإرهابي ب/رابح يبلغ من العمر 23 سنة وحسين وعلي وسنه 52 سنة والإرهابي صباغ فاتح 71/ سنة /صباغ أحمد 25 سنة /صباغ حميد 16 سنة /سنوساوي رابح وشقيقه سنوساوي سليمان /بوزبيد حسان / غمازو مولود /الذي كان في السجن بتهمة الدعم والإسناد وبعد خروجه ب 60 أشهر إلتحق بالعناصر الإرهابية وأخيرا هجرس محمد وهو من مواليد 1980. ضحايا إرهاب يعيشون بين أسى الماضي وأزمة الحاجة عائلة سعد الدين المتكونة من 7 أفراد بدأت معاناتها في سنة 1998 لما تم اختطاف الوالد سعد الدين أعمر من طرف العناصر الإرهابية من عقر منزله بحجة أنه متعاون مع عناصر الأمن وبعد ثلاثة أيام تعود الجماعة الإرهابية إلى منزل الضحية والمتكونة من 30 عناصر ملتحين ومسلحين بأسلحة الكلاشنكوف ويتقدم أحدهم وهو الإرهابي صباغ إبراهيم ليكلم زوجة الضحية ويخبرها أن زوجها حكم عليه بالموت من طرف الجماعة لتعاونه مع قوات الأمن وقد نقل لها وصية زوجها بأن تعتني بالأولاد وتلبس البنات الحجاب عندما يبلغن -تقول أرملة سعد الدين- التي استقبلتنا في بيتها المتواضع الذي تحاول في كل مرة بترميمه بالطين منذ مقتل زوجي وأنا أعمل كمنظفة في إطار الشبكة الاجتماعية وقد طالبت بتعويض بصفتي ضحية إرهاب إلا أنني لا أملك الشهود لإثبات أن زوجي اختطف وتم اغتياله من طرف العناصر الإرهابية رغم أن رواية كيفية اختطافه في1998 وإغتياله قد شهدها كل فرد من القرية وعدم وجود الدليل تم تسجيله متوفيا لغيابه مدة طويلة دون ذكر سبب الوفاة لتبقى العائلة من دون عائل يعيلها ولا إعانة تعيش منها. ضحايا الإرهاب بحوش بن والي لا يعدون فالشاب بن نبري عبد القادر الذي تعرض هو أيضا للاختطاف من طرف العناصر الإرهابية في فيفري 1998 ليتعرض لكل أنواع العذاب في معاقل السلفية وبعد إطلاق سراحه تقدم بشكوى أمام عناصر الأمن وقد تم تقدير الضرر الذي لحق به من طرف لجنة طبية من دون أن يتحصل على تعويض، خاصة وأنه ينحدر من عائلة فقيرة ولا يملك حتى منصب شغل يقتات منه، هذه هي معاناة سكان حوش بن والي الذين لم تتذكرهم السلطات المحلية بأي بادرة للتخفيف عنهم وهم بين نار الإرهاب والفقر.