هي كطفلة صغيرة احتمت في حضن والديها فحفظها من كل سوء أو كزهرة جمعت من كل الجمال فتألقت في الأفق كقمر يضيىء الكون كاملا ويضرب موعدا ترتقبه كل نفس تعشق النور والجمال فكانت قصة محب بوفاء تتداولها الأجيال التي تتعمق في جذورها لترتمي في بطولات حققها أجيال من أزمنة مختلفة تداولت عن استلام المشعل وتوعدت أنه لن ينطفأ أبدا. ثروات طبيعية وتاريخية ضخمة الصخرة السوداء أوروشي نواغ أو بومرداس وتعود إلى موقع ''مرداس'' بالآيالة الجزائرية وهي عاصمة لولاية تضم دائرة و32 بلدية والتي ترتخي بين ولاية تيزي وزو شرقا والجزائر العاصمة غربا والبويرة جنوبا والبليدة من الجنوب الغربي ومن الشمال البحر الأبيض المتوسط وبالتالي فهي تطل على شريط ساحلي يزيد طوله عن 80كلم من أصل 86,6541 كلم مربع بنسبة 26% جبال 5,62% هضاب ومرتفعات و36% أراض مستوية. أما من ناحية الثروات الطبيعية فنستهلها بالموارد المائية المتمثلة في الأودية والتي يمكن أن تكتسي طابعا سياحيا إضافة إلى المياه الجوفية والشلالات والسدود مثل سد قدارة. أما الغطاء النباتي المتميز والذي يمثل 12% من المساحة الإجمالية وأهم الغابات، 10غابات هي خميس الخشنة، الكحلة، بالأربعطاش، بني خلفون، بشعبة العامر، سيدي علي بوناب، بالناصرية، القضية بتاورقة، ميزرانة بأعفير، بوعربي بتاقدمت، بوبراك بسيدي داوود الساحل بزموري وغابة بوعروس بالثنية، وكل هذه الغابات تحتوي على ثروة حيوانية متنوعة من أرانب برية وقنافذ شمال إفريقيا وابن آوى والنمس وغيرها. أما من ناحية المعالم التاريخية التي تعود إلى ما قبل التاريخ بالتحديد في العصر العاشوري لتتعاقب بعده مختلف الحضارات من الفينيقيين والرومان والأتراك والتي تزال معالمهم في قصبة دلس بنفورة رأس جنات وأسوار مدينة سي مصطفى وبرج رأس بنقوت وعليه يمكن تقسيم التدرج التاريخي إلى المرحلة الفينيقية الممتدة بين، 146و500 قبل الميلاد والمرحلة الرومانية بين 24 و134 ميلادي والمرحلة الوندانية بين 431و534 ميلادي والبيزنطية في 435 و707 ميلادي وقد خضعت بومرداس لحكم الدولة الإسلامية بعد فتحها من طرف موسى بن نصير وخضعت للاستعمار الفرنسي على إثر حملة الماريشال بيجو في 4481 ولموقع بومرداس الإستراتيجي فقد تعززت بهياكل قاعدية هامة من بينها شبكة كثيفة من الطرقات الوطنية رقم 24و25 و05، على أنها ستستفيد من مسار الطريق السيار شرق غرب، إضافة إلى السكك الحديدية. أما من ناحية النشاط البشري المرتبط بالصيد البحري، فتحتوي الولاية على ميناء دلس وزموري ليتدعم مؤخرا بميناء كاب جنات. أما من ناحية التقاليد التي تميز البومرداسيين من حيث الحرف كصناعة السيراميك والخزف الفني والمستعمل في تزيين الجدران، إضافة للآثار الوطنية المصنفة عالميا إضافة إلى صناعة السلالي والدوم والخيزران والفخار والحلي والزرابي وغيرها، تضاف إليه نكهة الأطباق التقليدية مثل الكسكسي بالحوت، رشتة بالعصبان وغيرها ولاستغلال هذا الموروث الثقافي واستغلاله في الجانب السياحي، فإن الولاية هيأ لها 13مؤسسة إيواء تزيد سعتها عن 2800سرير موزع على مستوى الإقليم، إضافة إلى 10مخيمات صيفية تفوق سعة الاستيعاب 5000سرير. ولتحقيق خدمات السفر، تم تهيئة 70 وكالات تعمل على تنظيم الرحلات والأسفار . 5 أسباب لتوغل الإرهاب ببومرداس ليست صدفة أن يرتبط إسم بومرداس بالإرهاب وبالعمليات الإجرامية، فهناك أسباب اجتمعت أن تكون وكرا آمنا للعناصر الإرهابية خاصة في فترة تشرف على انقراض ما يسمى بالتنظيم الإرهابي المسلح، فإن عدنا إلى سنوات التسعينات نجد أن أكبر المعاقل الإرهابية وحتى المراكز الأساسية أنشئت في بومرداس أو في حدودها مع الولايات المجاورة فجبال سيدي علي بوناب التي كانت أولى المعاقل للإرهابيين والذي تنشط فيها كتيبة الأنصار المعروف أنها القوة الضاربة في السلفية، تضاف إليها غابات بومرداس، أهمها ميزرانة بأعفير وبوعروس بالثنية وساحل بوبراك بزموري وغيرها من الغابات أو بالأحرى معاقل السلفية منذ أزل والواقعة معظمها في الجنوب الشرقي للولاية، إضافة إلى الجبال والغابات الصغيرة مقارنة بالسالفة الذكر مثل جبال بوظهر وأولاد علي وبن والي والعرجة وغيرها• وبالتالي فإن الطبيعة الجغرافية كانت من الأسباب لتوغل العناصر الإرهابية ببومرداس خاصة التضاريس الوعرة والغالب فيها الجبال بنسبة أكثر من 62 % . كما أن الجانب السياسي كان له دور فحسب تصريحات بعض التائبين والذين كانوا من الجيل القديم في السلفية، فإن المنطقة الأكثر خطورة منذ سنوات التسعينات بالتحديد بعد تنظيم الجماعات المسلحة منطقة برج منايل ثم الثنية والتي تزال إلى حد اليوم وعاء التوغل الإرهابي، باعتبار أن أغلب المنظمين للجماعات المسلحة وما يعرفون بالأمراء ينحدرون من هذه المناطق ويتعدى عددهم 20إرهابيا، فالإرهابي سعداوي عبد الحميد المكنى يحيى أبوالهيثم أمير ينحدر من قرية عين الحمراء ويعتبر الذراع الأيمن للإرهابي التائب حسان حطاب المكنى أبو حمزة والذي ينحدر أيضا من قرية واد الأربعاء ببرج منايل وقد عينه هذا الأخير أميرا لكتيبة الأنصار ثم أميرا للمنطقة الثانية وبعد أن تم القضاء عليه تم استخلافه بالإرهابي حارك زهير المكنى سفيان فصيلة أبوحيدرة وينحدر من قرية سيدي داوود بدلس وله 3 إخوة إرهابيين تم القضاء عليهم ليستخلفه الإرهابي المكنى حذيفة الجند. أما كتيبة الأنصار فكان يتأمرها الإرهابي التائب بن تواتي علي المكنى أمين ليستخلفه الإرهابي العكروف الباي المكنى أبوسلامة ويدعى بالفرماش. وحسب التائبين والذين كانوا ينشطون ضمن كتيبة الأنصار، فإن أول أمرائها ينحدر من قرية عين الحمراء ببرج منايل وكان يدعى بالشيخ خالد ويعتبر من أولى العناصر النشطين ضمن الحزب الإسلامي المحل واستطاع هذا الأخير تجنيد أكبر عدد من المنخرطين في الحزب ثم الجماعات المسلحة. كما أن كتيبة الأنصار المتموقعة في معاقل سيدي علي بوناب محسوبة على جماعة برج منايل أكثرئوبالتحديد من القرى والمداشر مثل أولاد الأربعاء وينحدر منها التائب الأمير الوطني السابق للسلفية حطاب المكنى أبوحمزة وقرى كاب جنات، العرجة، بن والي، عين الحمراء، تيزي علي سليمان، بيلاج عمر أولاد عيسى، عين السخونة، أولاد علال، أولاد زيان، وغيرها من المداشر والقرى، تضاف إليها مداشر من زموري ودلس وتيمزريت ويسر والمحسوبة على كتيبة الأنصار. أما الكتائب المتبقة من التنظيم الإرهابي فهي كتيبة الفتح ومتأمرها الإرهابي بن تيطراوي عمر وينحدر من قرية بقورصو وقد انخرط في التنظيم الإرهابي وسنه لا يتجاوز 18سنة وكان له شقيق إرهابي تم القضاء عليه ولآخر سلم نفسه في 2001وبعد القضاء عليه تم استخلافه بالإرهابي إغيل الأربعاء سفيان ويمتد نشاط هذه الكتيبة التي تشهد أيامها الأخيرة على مستوى مناطق بومرداس، بودواو وخميس الخشنة وكتيبة الأرقم الإرهابي خليفي يوسف المكنى أبوطلحة وبعد القضاء عليه إستخلفه في الإمارة الإرهابي قوري عبد المالك المكنى خالد أبوسليمان وكلهم ينحدرون من قرية بوظهر بسي مصطفى التي انحدر منها حوالي 20إرهابيا بدأت قصتهم بالإرهابي خليفي يوسف وقوري عبد المالك وخليفي محمد لما كانوا يلتقون بالعناصر الإرهابية في جبال بوظهر وذلك للرعي فتم متابعتهم في قضية التمويل في التسعينات بعد تبليغ أوليائهم عناصر الأمن أن أولادهم يتعاملون مع الإرهاب وبعد إطلاق سراحهم صعدوا نهائيا إلى الجبل وكانت هي قصة معاناة سكان القرية الذين فضل أغلبهم الهجرة. أما منطقة الثنية المحسوبة أيضا على كتيبة الأرقم والمعروفة بدوار أولاد علي التي هجرها السكان نهائيا بعد أن سدت لهم كل الطرق للأمن ولم تطأ أقدامهم المنطقة منذ 1995أما عن التساؤل عن سبب تخصيص بوملرداس للتوغل الإجرامي خاصة في الفترة من سنة 2006فحسب المتتبعين للوضع الأمني، فإن العناصر الإرهابية خصت هذه المنطقة كنقطة عبور بين 4 ولايات ذات أهمية، فالجزائر باعتبارها العاصمة موقع لاستعراض الجرائم التي تلقى الصدى الإعلامي المرتقب وتيزي وزو والبويرة هي المعاقل التي تعتبرها السلفية كمراكز للمعاقل الأساسية فهكذا ارتبط الإرهاب ببومرداس وهكذا بدأ التوغل في معاقل كانت محظورة في التسعينات. ليبقى السؤال مطروحا لدى الكل متى تكون نهاية كابوس الإرهاب الذي يحاول في كل مرة إثبات وجوده باللجوء إلى سفك دماء الأبرياء؟؟ تنمية غائبة وإجرام بأنواعه الحديث عن التنمية ببومرداس قد يطول بقدر ما يفتح الشهية للمنتقدين خاصة من يذهب به الفضول إلى مناطق جنوب شرق بومرداس المعروفة بالعزلة التامة تقريبا، البداية من مناطق دلس التي تبعد عن الولاية بأكثر من كلم، هذه المنطقة يقال عنها إنه لو زارها أحد المعمرين لن يجد أي تغيير بها وكأن الزمن قد توقف منذ رحيله منها فمختلف البنايات لا تزال تستغل من طرف الدلسيين الذين لا يزالون يتوارثون حرفة الصيد والسكن ولما تآكله الزمن لم يجدوا ما يرثوه فذاقت بهم مدينتهم الشاسعة ليبحثوا عن متنفس جديد ما وراء البحر وإن كلفهم ذلك حياتهم. أما المداشر التابعة لدلس فلم يكن لها إسم حتى تخرج منها أكبر الدمويين في السلفية مثل قرية سيدي داوود التي أنجبت العشرات من أمراء الموت وقد ارتبطت باسم سفيلن فصيلة أبوحيدرة وإسمه الحقيقي حارك زهير وتضاف إليها بلديات أعفير، بغلية بن شود وغيرها المصنفة كبلديات لكن الزائر إليها يعتبرها قرية صغيرة تغيب عنها كل مظاهر التحضر من دلس إلى برج منايل، الوعاء الذي يتسع لكل أنواع الإجرام المنظم بداية بالإرهاب والقتل والمتاجرة بالمخدرات فهذه المدينة التي مرت عليها الأهوال ففي التسعينات شملت أكبر عدد من العناصر الإرهابية ليأتي الزلزال فتصنف البلدية الأولى من حيث المنكوبين وقد حطم الزلزال ما نسبته 80% من المدينة. ورغم المجهودات إلا أن الزلزال ترك مخلفات كثيرة أيضا فمساحات زراعية تستغل للشاليهات كمزرعة فاشي وواد البسباس وغيرها والمعاناة لا يزال يشتكى منها السكان الذين فقدوا الأمل في التغيير فمير ينتخب وآخر يذهب دون أن يغير شيئا إلا بطلاء أسوار المدينة المحطمة والحديقة العمومية، على الأقل يجد المواطن أين يقضي يومه ما دام بيته لا يسع إلا لبطانيته. أما المداشر فمشكلتها معروفة مع العناصر الإرهابية التي تهدد كيانهم والأخبار تتناقل عن انفجار قنبلة أو تنقلات الإرهابيين فمن قرية عين الحمراء وبن والي وجنات الغيشاء وحي بوكحيل وأولاد علال وواد الأربعاء التي تعيش تحت الأرض فاقدة لكل أنواع المستلزمات الخاصة بالحياة العادية وهي نفس الحياة المرسومة في قرى يسر من ونوغة وتيمزريت وشعبة العامر إلى بني عمران وعمال. أما السياحة في هذه المناطق فلا يتحدث عنها مطلقا فالحديث هو عن مشروع زيارة المدينة الذي يستلزم الاستيقاظ باكرا والانتظار مطولا لوصول النقل الذي يتزاحم عليه الجميع وبعد اقتناء المستلزمات اللازمة لضمان استمرار الحياة تكون العودة مبكرا أيضا قبل أن يتوقف النقل وبعد الوصول يكون البحث عن قطرات المياه الصالحة للشرب وإن حصل شيئا في هذه المداشر تكون إما مجزرة للعناصر الإرهابية أو عمليات التمشيط لقوات الجيش خاصة تلك المتبوعة بعمليات القصف، هذه هي يوميات البومرداسيين أو بالأحرى سكان القرى والمداشر الذين يعيشون في الظل، بعيدين كل البعد عن أي مبادرة للتنمية، بل محرومون حتى من المشاريع الضرورية للحياة .