تكشف الأرقام التي تحصلت عليها ”البلاد”، عن وجود أزيد من 125 ألف مصابة بالأمراض العقلية في الجزائر، رقم ليس رسمي رغم أن الأرقام الرسمية تشير إلى وجود ما يقارب نصف مليون جزائري قاموا السنة الماضية بفحوصات طبية عقلية، ولكن الكثيرات منهن تعرضن للاغتصاب من القريب والجار ومن المجهول أيضا· اغتصاب المجنونات ···بين بوهيمية البشر وعار العذرية الطليقة في زاوية منعزلة من زوايا شوارع جزائرنا العميقة كانت هناك··· بنظراتها التي تحوي البراءة ولا تحوي الجنون كانت تتقيأ، تسقط ثم تستعين بجدران الشارع لتنهض······ ظنها الناس مريضة، لكنهم اكتشفوا أنها حامل ولم يجدوا لها أعذارا، تأسف البعض والأغلبية احتقروها وقالوا المرأة لن تتغير كانت مجنونة أم عاقلة تندفع إلى الخطيئة ····وانصرف عنها الكل، بل ونعتوها بالمجنونة العاهرة، وأصبح يحاك عليها قصص بأنها تتقن ممارسة الجنس وأنها كانت عاهرا قبل أن تطرق أبواب الجنون وأن عشيقها هجرها فجنت، فقدت عقلها لكنها لم تفقد قدراتها ومواهبها الجنسية، وهكذا أصبحت محل أنظار الرجال ···· هي مثال فقط نرويه على سبيل الذكر لا الحصر، ظاهرة اغتصاب المرأة المجنونة في مجتمعاتنا أضحت تفرض نفسها في ظل تنامي عوامل عديدة أهمها ارتفاع نسبة العزوبية لدى الرجال وبالمقابل الخوف من الاقتران من العاهرات؟ أو لربما غلاء مهورهن إلى جانب عدم وجود الرعاية الكافية لهذه الفئة التي توجه أغلبها لديار العجزة في حين ترفضهم مستشفيات الطب العقلي لاكتظاظها أو لكونهن (أي النساء المصابات عقليا لسن عنيفات)، (لو كان المجنون عاقلا لامتهن الضرب وأساء معاملة المارين من البشر العقلاء حتى يحظى بعناية ورعاية مستشفياتنا المحترمة)· اغتصاب بوهيمي من وحوش بشرية فوزية ابنة ال 22 ربيعا، بعيدا عن جنونها، بعيدا عن عصبيتها التي تولدها نظرة المجتمع لها، وبعيدا عن كل المقاييس الجمالية، كانت أنثى أو بمعنى آخر كان لها ما يمكن للرجل أن يساويها مع باقي البشر العقلاء، استدرجتها مجموعة من الشباب إلى متجر أحدهم، وتداولوها بينهم، تعرضت لاغتصاب فظيع من قبل 10 رجال ألحقوا بها أضرارا بالغة وتمزقات عديدة بالرحم ثم رموها كما يرمون أي كلب قذر ولولا رحمة القدر التي زرعت في بعض البشر لكانت مثل أي قطعة في ليلة مظلمة باردة وقاسية قساوة من يلفظون مثل هذه الفئة، شوارعنا ليست آمنة، وهذا ما أدركته فوزية اليوم، وقد عادت لأحضان أسرتها بعد أن عانت التشرد في الشوارع هي اليوم رهينة القيود بالرغم من أنها أضحت تخاف الخروج خوفا من وحوش برية ستجدها خلف باب منزلها إلا أن والدتها دائما تقيدها لئلا تغادر المنزل وتأتي بفضيحة أخرى قد لا يمكن درؤها لأنهم عائلة فقيرة ولا يمكن أن يتحملوا مصاريف الإجهاض· حين تنبح الكلاب تختفي الذئاب البشرية
هو ما أشيع عن غنية امرأة قد ناهزت الأربعين سنة، لم يشفع لها سنها ليرحمها الرجال، اغتصبوها بوحشية وحين استيقظ الناس وجدوها تئن في الشارع وحولها الكلاب التي أحاطت بجسدها النحيل وكأنها أرادت أن تلفت الانتباه إليها·· شاع الخبر أن غنية اغتصبت·· من اغتصبها؟ الكلاب· فعلا إنهم كلاب آدميون والغريب أنها وبعد أن تلقت العلاج في المستشفى عاودت الرجوع إلى الشارع بل بالأحرى أعادوهائإلى حيث اغتصبت بحجة ان لا مكان لها بالمستشفيات والمصحات العقلية لأنها ببساطة ليست عدوانية دليل آخر على عدم عدوانيتها·· أنها لم تدافع عن شرفها·· تصوروا !!! اغتصاب الأرحام !! إنها فتاة من ولاية البليدة، ليست حسناء لكنها عذراء·· وهو مبرر كاف لتكون مرغوبة من فئة أشباه الرجال ممن استباحوا جسد المريضات عقليا···· لقد حولوها إلى عاهر وكانت كلما حملت تجهض الى أن تعفن رحمها فاستأصلوه رحمة بها وليتها ارتاحت من جنون الرجال الذين وجدوا في جسدها لذة أكبر بعد أن أدركوا أنها لن تحمل أبدا وأنهم أحرار ومعفيون من أي التزامات قد يختلقها ضميرهم الميت إن خرج من غرفة الإنعاش·
ماذا تفعل المجنونة برحم يحمل ويلد لكنه لا يربي؟ ماذا نفعل بابنها؟ ماذا يمكن أن نفعل أمام الحمل المتكرر لها؟ فلنستأصل رحمها قبل أن تلد لنا معسكرا من الأبناء غير الشرعيين ····هي الحقيقة في تساؤلات وافتراضات وقد يكون فيها جانب كبير من الصحة لاسيما مع انتشار فكرة احتمال خضوعهن لاستئصال الرحم تفاديا لما قد يقع·
طابوهات مسكوت عنها من جانبها، أكدت المختصة النفسانية مليكة بن شرقي على أنها سبق لها أن تطرقت في دراسة عن النساء المغتصبات إلى حالات عن نساء معاقات ذهنيا، إذ لا يمكنهن التفريق بين الصح والخطأ، مضيفة في تصريح ل”البلاد” أنها اشتغلت ضمن شبكات وندوات للدفاع عن حقوق المرأة وهو ما وقفت عليه أن العشرات منهن يتعرضن للاغتصاب سواء من طرف مجهولين في الشارع أو من طرف الأقارب وهو ما يسمى زنا المحارم·
وعن سؤال يتعلق بهذه الظاهرة، قالت محدثتنا إنه لا يمكن القول إنها ظاهرة منتشرة ولكن بدأت تتفشى في مجتمع أصبح على حد تعبيرها يتخلى عنها، وعائلات تتخلى عن مجنونات لتتركهن في الشوارع· ولكن حسب المختصة النفسانية فالشارع ليس الوحيد الذي تروح ضحيته هذه المعاقة ذهنيا أو تلك، بل هناك أماكن أخرى تتعرض لها المعاقات ذهنيا للاغتصاب، فهناك مراكز الإيواء مثلا أو حتى المستشفيات· طبيعي أن تكون المريضة عقليا تعيش في عالم غير عالمنا ما يجعلها مرفوعا عنها القلم، فأي شيء تقوم به غير محسوب عليها، بل وأكثر من ذلك فهي تثير الشفقة كثيرا بل وتحتاج إلى رعاية خاصة من طرف الأسرة أولا و المجتمع ثانيا، ولكن الواقع أصبح يطل علينا بالكثير من الظواهر التي تبقى من الطابوهات الكبرى، فاغتصاب المريضات عقليا، لايزال من الملفات التي لا يمكن البوح بها للعلن، وحتى وإن اتهم الشخص باغتصاب معوقة ذهنيا يرد ليقول: إنها ”مهبولة”، فمن نصدق في النهاية، إلا إذا مرت هذه المريضة عقليا على الطبيب ليكشف حالة اغتصابها· عندما طرحنا الموضوع على القانونيين والمختصين في علم النفس والاجتماع، كانت هناك نقطة مشتركة بينهم وهي أن هذه الظاهرة بدأت تستفحل في مجتمعنا وأسبابها ناجمة عن تخلي الأسرة أولا عن مراقبة ابنتها أو العناية بها حتى وإن كانت فاقدة للعقل، فضلا أن هناك الكثير من الحالات من النساء اللواتي أصبن بحالة نفسية صعبة واضطرابات نفسية بسبب قسوة الأهل وأحيانا بسبب قسوة الزوج ليصبحن في حالة غير طبيعية، فالمرض النفسي قد يتحول إلى مرض عقلي بتصريح الدكتور عبد الرحيم طالبي ل”البلاد”، الذي أكد أن المرض العقلي ينقسم إلى قسمين ويسمى القسم الأول طبيا ”النفر وزينا” من فرط إحساس المرأة وتصاب به المرأة لأنها بحكم طبيعتها أكثر إحساسا من الرجل، والطبيعي أن المرأة التي تصاب بهذا النوع من المرض وخصوصا إن كانت متزوجة وجرت لها صدمة داخل عش الزوجية أو تتعرض يوميا للقهر الاجتماعي مثلا من عائلة الزوج أو تزوجت رجلا يتعرض لها بالضرب وغيره من الأعمال الممارسة ضدها يوميا يجعلها تصاب بهذا النوع من المرض وقد يدخلها عالم الجنون· وهنا يؤكد الدكتور أنه سبق له أن عالج مثل هذه الحالات والأدهى والأمر أن هذه المرأة تكون ضعيفة وتتعرض للاغتصاب في الشارع خصوصا إن لم تجد الرعاية الكافية في بيتها· كما تصاب النساء بنوع آخر من الأمراض العقلية ويسمى ”البسيكوز” الذي ينقسم هو الآخر إلى انفصام الشخصية مما يجعلها ضعيفة أمام أي شخص آخر قد يعتدي عليها في النهاية وهو ما نشاهده في الشوارع بالنسبة للنساء المتشردات اللواتي يتعرضن للاغتصاب ويحملن مرة ومرتين وثلاث لأن الكثيرات منهن مسلوبات للعقل· للإشارة، ذكرت تقارير طبية في وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات أن الأمراض العقلية تمثل 7 في المائة من مجموع الأمراض المزمنة في بلادنا·
بلغة القانون ···في النهاية سجن وكفى
كشف المحامي محمد عرابة في تصريح ل”البلاد” أن القانون حتى وإن سن بعض المواد التي تعاقب على الاغتصاب بكل أشكاله ولكن التعرض لمثل هذه الفئة يجب أن يكون عقابا شديدا خصوصا أن ما يذكره المشرع حسب عرابة أن الحكم في النهاية ينتهي بأحكام بعقوبة سنوات في السجن، لكن لم يول اهتماما بالضرر النفسي الذي يبقى لصيقا في المريضة عقليا حتى وإن كانت مصابة بالجنون·
وأضاف الأستاذ لعرابة أن القانون لم يتطرق أيضا إلى مسألة نبذ المريضة عقليا من المجتمع بسبب مرضها وهو ما يحدث في الكثير من العائلات الجزائرية، فضلا عن نبذها مرة أخرى بعد اغتصابها خاصة إن حملت من مجهول، فمسلسل المعاناة يتواصل بالنسبة لهائ ·
من جانبها، قالت المحامية جميلة زيتوني في تصريح مماثل ل”البلاد”، إن هناك حالات ذكرها المشرع في مثل تلك الحالات أن تكون المرأة فاقدة للعقل ولا تستطيع التعبير عن رفضها للعملية الجنسية وهو ما ذكره فيما يتعلق ما يسمى ”العجز عن التعبير” عن ذلك الرفض حيث جاء في القانون الجزائري أن ”عاهة العقل قد تكون في صورة جنون أو عته؛ والجنون حالة يضطرب فيها العقل فيزول فيها التمييز وحرية الاختيار؛ فلا يستطيع الشخص التوفيق بين شعوره وبين ما يحيط به”· وطبعا حسب القانون، فإن هناك عدة حالات مصابة بالجنون والضعف العقلي والعته والبلاهة أيضا· وذكرت زيتوني أن القانون الجزائري يقر بالحكم على ارتكاب جناية الاغتصاب في المادة 336 من قانون العقوبات بأنه هتك العرض يعاقب بالسجن المؤقت من خمس إلى عشر سنوات·
رغم المرض فهي تشعر وتحس بمن تعدى عليها
ترى الباحثة والأستاذة مقطف كريمة في تصريح ل”البلاد”، أن المعوقة ذهنيا إذا تم اغتصابها تصبح تعيش حالة من العزلة الاجتماعية وهي الحالة التي تنجم عنها العدوان والعنف والكراهية أو الاشمئزاز من الرجال، بل وأكثر من ذلك فهي تحس أن الآخر أي الذكر سيعتدي عليها حتى وإن لم يفعل ذلك، فالصورة التي وقعت عليها مرة سابقة تبقى مسيطرة على ذهنها وهو ما يدخلها حالة من العزلة الاجتماعية وإذا اقترب منها أي شخص تعتدي عليه بالضرب أو العنف بشتى أنواعه· وأضافت المتحدثة أن الصدمة المؤلمة جدا تبقى راسخة في ذهن الضحية حتى وإن كانت مصابة بمرض عقلي ولكن لا يمكنها الدفاع عن نفسها ولكنها تذكر في بعض الأحيان المعتدي عليها· وتأسفت المتحدثة لهذا الوضع المأساوي لمريضات عقليا، حيث أكدت أنه من واجب الهيئات الرسمية والأسرة أيضا مراجعة كيفية علاج هذه الفئة ”المرأة الضعيفة عقليا” لأنها ستعيش في الشارع بعد أي حادثة لا محالة·
وشددت على أن المسؤولية ستكون مشتركة، والمجتمع المدني، خصوصا أننا خرجنا من ورطة العشرية السوداء إذ أصبحت الآلاف من النساء مريضات عقليا بسبب الاغتصاب الجماعي من طرف الجماعات الإرهابية· واللافت للانتباه ذكرت الباحثة أن هنالك الآلاف من المجنونات هم ضحايا اغتصاب من طرف الجماعات الإرهابية في تلك الفترة وهذه الحالات إما توجه للمراكز أو للشارع، مضيفة أن نهايتهن تكون إما بتعرضها للاغتصاب مرة أخرى أو عدة مرات مطالبة بإيجاد قوانين لردع هذه الظاهرة وإلا ستكون نتائجها وخيمة على المجتمع الجزائري·
بتوالي المحن والمصائب تصبح المرأة غير قادرة على مواجهة الواقع وهو ما وقفت عليه الباحثة، إذ ترى أنه حتى وإن كانت المرأة قوية فهي تنهار مع توالي المصائب والمحن فالأزمة الأمنية التي عاشتها الجزائر وحتى الكوارث الطبيعية من فيضانات باب الوادي في 2001 وزلزال 2003 فهناك أم بقيت وحدها فقدت كل أولادها وزوجها دخلت في عالم الجنون والحالات كثيرة، فهناك من أصبن بأمراض عقلية مصيرهن الحبس في غرفة طوال اليوم وكأنهن في سجن، لا يخرجن إطلاقا تواصل المتحدثة