زرت قبل ثلاث سنوات بلدا عربيا..، وكنت أسمع كثيرا من الأخبار الغريبة عن هذا البلد العربي الاستثنائي في فكره وتصوراته وسياسته وطريقة ممارسة الحرية فيه وتفكير أدبائه وكتابه وفنانيه.. دفعني حب الاكتشاف.. بل حب معرفة حقيقة تلك الإشاعات التي كانت تروج هنا في الجزائر وفي بلدان أخرى عن هذا البلد العربي الاستثنائي، سافرت برا.. ووصلت برا أيضا..، البلد مسالم وعنيد.. وفي منطقه تطير المعزاة.. وتحبو الفراشات..، الحجر يمكن أن يقول أشياء كثيرة لا يفصحها الصمت..، لا علينا.. دخلنا - كنت برفقة حقيبتي- تلك البلاد العربية.. دخلنا بشكل عادي..، قضينا ليلتنا بشكل عادي أيضا..، ولما صاح ديك الصباح-، لا أذكر إن كان ديكا.. ربما كان الصوت صوت دجاجة بمنطق ذلك البلد العربي الاستثنائي-، فضلنا التجول في شوارع عاصمة البلد لنكتشف حقيقة ما كان يشاع..، كانت الشوارع عادية.. والناس تسير على الأقدام..، كانت لهم أقدام ليست كالأقدام.. كانوا مخلوقات أخرى من ورد ونعاس..، يبتسمون.. خدومون للضيف مرحبون، طيبون في أحلى صور الطيبة..، مشينا في الشوارع -، كنت رفقة حقيبتي دوما فلم أشأ تركها في الفندق .. فقد كنت أسمع دوما أن نسب الاغتصاب والسرقة مرتفعة في هذا البلد العربي الاستثنائي- مشينا.. فاستقبلتنا لافتات معلقة تحمل العبارات التالية: الدجاجة تبيض.. الديك لا يبيض، المرأة تحيض.. الرجل لايحيض، كانت تلك مقتطفات من أرقى العلوم التي تم التوصل إليها في هذا البلد العربي الاستثنائي، تنهدنا أنا وحقيبتي، وأؤكد أنها كانت حقيبة فقط.. إيييه.. كم نحن متأخرون عما توصل إليه هذا البلد..، مشينا كثيرا أنا وحقيبتي.. وكان الحر شديدا.. حرارة ذلك البلد استثنائية أيضا، شعرنا بالتعب.. وكانت الشمس في رئة السماء.. وقت الغداء..، قلت لحقيبتي، فقالت: لندخل هذا المطعم.. يبدو لطيفا..، دخلنا.. طلبنا سمكا.. وعصيرا وأكلة لا أذكر اسمها، أذكر فقط أن طعمها كان رهيبا، أحضر لنا النادل سمكا مصبرا..، ليس هناك غير السمك المصبر..، العلبة أمامك حتى تتأكدا من تاريخ الصلاحية فالشفافية شعارنا.. مرحبا بكم وشهية طيبة، قال النادل، وقد كتبت على علبة السمك عبارة: لا تخف إنها ميتة..، وعلى علبة العصير: تفتح من هنا، وفي أسفل العلبة: لقد ان