أبدى الدكتور عبد الرزاق فسوم، الرئيس الجديد لجمعية العلماء المسلمين، امتعاضا كبيرا من افتقار الجمعية لمقر يليق بمقامها في الجزائر· وأضاف الرئيس الجديد للجمعية أن هذه الأخيرة ستعمل على استعادة كل أوقافها المستعملة وحاليا في غير ما أوقفت لأجله· وأوضح فسوم في حوار مع ”البلاد” أن بعض أبناء العلماء لم يفرجوا عن مكتبات العلماء· كما كشف أنه بصدد تفعيل نشاط الجمعية في فرنسا والغرب عموما· كما عرج على الحديث عن السلفية، مبرزا موقف الابراهيمي الذي قال في الموضوع هم يستخدمون في الإصلاح الفؤوس والأقدام ونحن نستخدم الأقلام والأفهام·· وانتقل للحديث عن مسجد باريس وما آل إليه موقع الجزائر تمثيلا للإسلام في فرنسا ملمح بأن المرأة الفاشلة تدفع بزوجها للبحث عن امراة أخرى، وانتهاء بالتأكيد أن جمعية العلماء لها ما تقول إن استشيرت أو طلب منها الرأي في هذا الصرح الإسلامي في فرنسا· لوحظ شيء من التسيب والنمطية والفرار إلى الماضي، يعني أن الجمعية تعيش على الأمجاد دون الانخراط كثيرا في الواقع والتفكير في المستقبل؟ نحن نستلهم من الماضي بعض المعاني التي نبني عليها المستقبل، لكن هذا لا يعني أننا نعيش متقوقعين مع الماضي، بل بالعكس نخطط لتكون الجماعة هي الوعاء الذي نصنع فيه المستقبل والشباب هم الأداة الأساسية التي تمكننا من صنع المستقبل، فضلا عن استغلال التكنولوجيات الحديثة من خلال موقع إلكتروني جديد للجمعية· طيب لماذا لا تملك الجمعية مقرا يليق بمقامها للأسف الشديد، من العار على الحكومة أن يكون مقر جمعية العلماء في هذا المكان لكن كلنا أمل· وحسب الأصداء التي وصلتنا، فإن هناك نوايا طيبة من جهات عليا في الدولة لتمكيننا من مقر يليق بجمعية العلماء، وهذه الجهات أبدت استعدادا طيبا للتعاون معنا وهو ما لمسناه بعد انتخابنا على رأس الجمعية وهذا مؤشر طيب على إمكانية مساعدتنا إن شاء الله للحصول على مقر لائق· هل تتلقون من الدولة أو من وزارة الشؤون الدينية أو الأثرياء مساعدات مالية؟ للأسف الشديد، لا نتلقى هذه المساعدات باستثناء السنة الماضية منحنا وزير الشؤون الدينية 100 مليون وهذا استثناء، ونأمل في أن تبقى سنة حميدة· أما وزارتا الداخلية والثقافة فلم نتلق منهما تمويلا، رغم أننا نملك صحيفة ومن حقنا أن تمولنا وزارة الثقافة والإعلام، ورئاسة الجمهورية لا تعطينا شيئا، لكن نأمل في أن تفتح قنوات جديدة مع كل هذه المؤسسات حتى تدرك أننا كجمعية وطنية من حقنا أن نحصل على جزء من المال ونحن ندافع عن الأمة· كما أننا سنعمل على تحسيس المحسنين وأصحاب المال، الذين ينبغي أن يعلموا أن أي سنتيم يقدمونه للجمعية هو استثمار حقيقي لتعليم الناشئة وتحصينها ضد الغزو الثقافي والإعلامي· وضع نادي الترقي هو الآخر ليس أقل سوءا؟ هذا النادي يمثل هو الآخر إشكالية تنظيمية وليست قانونية، فهذا المعلم الذي شهد ميلاد الجمعية وتعاقبت عليه شخصيات وعلماء، حول بعد الاستقلال إلى مقهى، وبعدما استعادت الجمعية نشاطها، اتصل الشيخ المرحوم عبد الرحمان شيبان بمسؤول النادي الذي يملك المفاتيح ووصل معه إلى تسليم المفاتيح وتسليم النادي، والآن نحن نقوم بنشاط ثقافي في النادي لكن نصطدم بعقبتين: فالنادي لم يعد صالحا لأداء مهمته لأنه في حاجة إلى ترميم وتنظيم وجعله في مستوى لائق به· هل ذلك مسؤولية وزارة الشؤون الدينية، أم وزارة الثقافة أم الولاية أم من؟ المسؤول عن المعالم السياحية هو وزارة الثقافة، وهذه الأخيرة هي التي تملك الصلاحيات والإمكانيات لإنقاذه لأنه جزء من تاريخ هذا الوطن، فلا يعقل أن المكان الذي شهد ميلاد أول جمعية إسلامية في عهد الاستعمار يبقى متجاهلا· كما نسمع نغمات خفية عمن يريد أن ينازعنا الحصول على النادي· من هي هذه الجهة؟ هم بقايا الجمعية الخيرية الأولى التي كانت تشرف على النادي، تريد أن تستعيد نادي الترقي وهذا غير مؤسس، لأن النادي بحكم وظيفته ومنطلقه والأداء الوظيفي له هو ملك لجمعية العلماء، لكن الجمعية لن تنغلق على أي اتجاه، إذا كان الخيرون القدامى يريدون أن يقوموا بعمل ثقافي أو خيري فليقوموا به تحت غطاء الجمعية· يقال أن للجمعية أوقاف كيف ستتعاملون معها الجمعية تملك مجموعة من المؤسسات ذات طابع ثقافي، تعليمي، ديني وفقهي·· الوقف يجب أن يبقى على نية الواقف، هذه المؤسسات استولت عليها الدولة قبل استعادة الجمعية نشاطها إثر الانفتاح السياسي، وإذا بقيت هذه المؤسسات قائمة بالدور نفسه الذي كانت عليه فلن نطالب بها· أما إذا حولت إلى سكن أو متحف، فمن حقنا أن نستعيدها وقد طلبنا من الشُعب إحصاء الأوقاف التي كانت للجمعية قبل الاستقلال وعندما تتم العملية سنقدم قائمة للمعنيين في الدولة لاسترجاع هذه الأوقاف· علما أن معظمها هبات وليست فقط أوقافا· هل للجمعية أوقاف تجارية؟ لا أظن أن يكون للجمعية مثل هذه العقارات، لأنه ليس من توجهها، نملك مدارس للتعليم ومساجد وهذه إذا كانت لاتزال قائمة للأهداف نفسها التي أوقفت من أجلها، فلا إشكال لو كانت تابعة إى وزارات السياحة أو التعليم أو التربية أو الشؤون الدينية· أما إن حولت عن غايتها، فلن نتردد في المطالبة باستعادتها· هل يمكن أن تلجأوا إلى العدالة؟ العدالة هي الدولة وهي ستنصفنا من الدولة وهذا بالطبع إذا لم تؤت الوسائل الودية ثمارها فسوف يكون الحكم بيننا وبين غيرنا القانون، ونحن سنقبل بحكم القانون مهما كان· هل في الأجندة إعادة بناء المعاهد والمدارس العتيقة على غرار مدرسة الحديث في تلمسان؟ هذا يعيدنا إلى السؤال الأول المتعلق باستعادة المؤسسات والأوقاف التي كانت عند الجمعية، ودار تلمسان هي للجمعية اليوم ولو تجد شيئا من الدعم والمساعدة فستؤدي دورا أحسن، ونملك في تلمسان نخبة من المثقفين والمطلعين بامتياز على العلوم الشرعية ومن العلماء، لكن تنقصهم الإمكانيات المادية والتشجيع· وماذا عن أرشيف الجمعية؟ هذا يتطلب مجموعة من العوامل، منها أن نجد الوسيلة التي تمكننا من الحصول على هذه الوثائق، لأن معظمها في فرنسا· لذا طلبنا من بعض الخيرين أن يكشفوا لنا عن بعض القوائم التي تتعلق بأرشيف الجمعية في إكس بروفانس مثلا، لأن فيه تقارير كانت تقدمها الإدارة الاستعمارية ضد جمعية العلماء وروادها وهذه موجودة حتى في وزارة الدفاع الفرنسية، ففرنسا الاستعمارية كانت تعتبر الجمعية العدو الأول لها في الجزائر لأنها تعمل بصمت وهدوء وفعالية، وكل هذا من حق الشعب الجزائري أن يطلع عليه حتى تبدد بعض الشبهات وبعض الشكوك· كما نوجه الدعوة إلى كل أبناء الجمعية ومحبيها ليقدموا لنا هذا الأرشيف مهما كان سواء شهادة أو وثيقة أو خطاب أو غير ذلك مما يتصل برجالات الجمعية وتاريخها، لنمكن الجمهور من الاطلاع عليه· وماذا عن مكتبات علماء الجمعية؟ بعض مكتبات علماء الجمعية ضاعت، وبعض أبناء العلماء بخلوا على الجمعية بمكتباتهم، نحن لا نطالب بها لنا، بل نقول لهم قدموها للمكتبات العامة، الجامعة والمكتبة الوطنية، افتحوها للجمهور ليستفيد منها الجميع· لكن هناك من قدم ما عنده، فهل يمكن أن نعرف من لم يقدم؟ مهمتنا أن نتحدث عن الذي قدم مكتبات العلماء وأرشيفهم، أذكر الدكتور طالب وأبناء الشيخ عبد اللطيف والشيخ النعيمي، الشيخ محمد صالح، كلهم قدموا مكتباتهم· من التحديات التي تواجه الجمعية اليوم استعادة مكانتها في ساحة المرجعية الإسلامية، خاصة في ظل تنامي التيارات التي تنخر المجتمع الجزائري؟ نحن على دراية بما هو واقع في هذا المجال، ونعتقد أن ثمة تكاملا بين ما تقوم به الجمعية وبين تجسيد هذا الوعي لتحصين الذات ضد هذه التيارات المختلفة، وذلك بالتوعية والتثقيف والتعليم والتكفل ببعض الجمعيات، ثم العمل الدعوي داخل المساجد· تتحدث بعض الأوساط عن أنك تريد أن تحدث تغييرا في الجمعية؟ أعتقد أن أي ساكن جديد يدخل بيتا ما سيجد ما يضيفه، لكن هذا لا يعني الانتقاص من الساكن الأول، لأن كل واحد عنده خطته ومع هذا نشيد بما قام به الشيخ شيبان رحمه الله، فهو الذي أعطى الجمعية عنوانا بعدما كانت تفتقده، بعث الشُعب في الولايات، أعطى الجمعية اسما في المجال الوطني سياسيا ودينيا وثقافيا، واستعاد للجمعية صوتها المسموع في الجزائر وفي الخارج، وهذه كلها مكاسب نحن نثمنها وسنبني عليها، والبداية ستكون بتفعيل الشُعب التي كانت موجودة وهذه إما أن نفعلها أو نعيد بناء شُعب أخرى تمتد إلى المجالات المهنية والقطاعية، لأن الجمعية ليست جمعية فقهاء فحسب ولكنها جمعية تشمل كل الأطياف· الجزائر فقدت موطئ قدم في أوساط الجالية الجزائرية لتراجع أداء دور مسجد باريس، هل تفكر الجمعية في هذه القضية؟ أعطيك نبأ طازجا، لقد كنت منذ أيام في باريس فاغتنمت وجودي هناك فاتصلت ببعض المعنيين بالعمل الإسلامي بما في ذلك محمد العربي كشاط، وهو من الدعاة المعروفين، وقلت له نحن سنعمل على تفعيل شُعب جمعية العلماء في الغرب وفي فرنسا بالذات، لأن هذا العمل كانت الجمعية قائمة به في عهد الحركة الوطنية من خلال العقيد عميروش والفضيل الورتيلاني، ثم اختفى· طيب، هل المساجد اليوم متاحة للفاعلين في الساحة الدعوية من المنتسبين للجمعية؟ بالمناسبة نحن نشيد بموقف وزير الشؤون الدينية الذي اتخذه منذ سنوات حين بعث بتعليمة إلى كل المديريات بالولايات، تنص على أن أعضاء الجمعية مسموح لهم بالدعوة في المساجد وهذا يعطينا بعدا وزخما نستطيع أن نوظفه، لأن إسلام الجمعية لا يبدد ولا يهدد، إسلام جامع وإسلام يصون ويحفظ· لكن التيار السلفي أضحى طافحا؟ ما معنى السلفية ومن هو السلفي، نحن كلنا سلفيون بالمعنى العلمي والديني، نحن كلنا ننتمي إلى السلف الصالح، لكن المصطلح مظلوم لأن البعض يستعمله في غير موضعه، وهذا ينبغي أن يصحح وأن تزول عنه المفاهيم الغامضة والإسلام في أساسه كل شيء مباح إلا ما منعه الإسلام وليس العكس· دعنا نخوض فيما آلت إليه السلفية في الجزائر، في السابق كانوا لا يعترفون بابن باديس، لكن اليوم ولأسباب ليست خفية أضحوا يتبنونه، ما تعليقك على ذلك؟ أعتقد أن السلفيين إن تبنوا منهج بن باديس وحاولوا توظيفه فسيؤدي بهم إلى بعض التعديلات، نحن على استعداد لنتناقش معهم فيما نتفق حوله وفيما نختلف فيه معهم، طالما أن ابن باديس يجمعنا والإبراهيمي كان يقول: يتهموننا بأننا سلفيون، ثم قال هم يستخدمون في الإصلاح الفؤوس والأقدام ونحن نستخدم الأقلام والأفهام· ومع كل هذا ندعوهم إلى كلمة سواء بيننا وبينهم، ثم إن السلفية عبارة فضفاضة فهي تبدأ من الشيخ ابن تيمية إلى بن باز إلى أسامة بن لادن، فبأي سلفية نأخذ، نحن نأخذ بالمنهج الوسطي الذي هو منهج ابن باديس دون انغلاق ولا تزمت· ألا تخشون من تحزيب الجمعية، ثم ما حدود التماس بين نشاط الجمعية والتسييس؟ التسييس عمل إسلامي مباح، لكن التخندق داخل حزب معين، هذا لن يكون في الجمعية أيا كان هذا الحزب، ولن نختزل الإسلام في اتجاه أو حزب·· هل يدرك المتحزبون في الجمعية هذا أو على الأقل يحكمهم ميثاق شرف ولو معنويا؟ يمكن للإنسان أن تكون له قناعات وهذا مباح، وقد بعثنا تعليمات تحذر من تحزب الجمعية، نعم خارج الجمعية كل الناس أحرار· دعنا ننتقل إلى قضية مسجد باريس وكيف فقدت الجزائر موقع قدم راسخة في الساحة الإسلامية في فرنسا، لماذا حدث ذلك برأيكم؟ مسجد باريس وقع له كالزوجة الفاشلة التي تدفع بزوجها إلى أحضان امرأة أخرى، والجزائر تملك مفتاحا ذهبيا للوصول إلى قلوب وعقول الجالية المسلمة في فرنسا، بشيء واحد وهي كلمة لا إله إلا الله دون تحزب، لكن بشرط أن يكون من يؤدي هذه المهمة مؤهلا قولا وفعلا لأدائها· نحن نعتقد أن مسجد باريس معلم من معالم الجزائر والإسلام، وأنا سبق لي أن تحملت مسؤولية فيه، وكان المسؤولون في ذلك الوقت يثنون على نشاطنا، ويؤكدون لنا أننا فتحنا لهم آفاقا ومجالات كانت مغلقة وقربنا بين الجالية وبين الوطن الأم الجزائر وقربناهم من الإسلام· أما الآن فلنفتش عن الإسلام الجزائري في فرنسا فلن تجد له أثرا بارزا للأسف الشديد، ونأمل من القائمين على شؤوننا الالتفات إلى هذه القضية لأنه دون الإسلام الذي يعلم الناشئة اللغة والدين، لن تكون هناك علاقة وطيدة بين الجالية والوطن· يعني أن دليل أبو بكر تجاوزه الزمن؟ أنا لا أقول هذا ولكن المعنيين هم الذين يقيمون نشاط كل واحد، أنا لا أحكم على الأشخاص وعندما يطلب من جمعية العلماء أن تبدي رأيها في هذا الموضوع لن تبخل بالنصح ونعطي رأينا بالأدلة الكافية·