تشهد مشاريع الجزائرالبيضاء التي خصصت لها الجزائر ميزانية ضخمة بهدف تبييض وجه الجزائر من القاذورات والفضلات المترامية في كل مكان، غير أن واقع الحال يكشف عكس ذلك· فالزائر لأغلب بلديات المدية يتبين له مع الوهلة الأولى وجود أطفال في عمر الياسمين وهم يجرون عربات النظافة وعلى اكتافهم معاول ومكانس لجمع ما رمته أيادي الكبار، ووجوهم سوداء من التعب والشقاء بينما كتب على ظهورهم عبارة ”الجزائرالبيضاء”· حاولنا التقرب من أحد الفرق الموزعة بالمدية، من أصحاب القمصان البرتقالية أو بالأحرى عمال ما يسمى بمشروع الجزائرالبيضاء، فتبين لنا أن من بين هؤلاء أطفالا لا يتعدى عمرهم 18 سنة وهم موزعون على أرصفة الطرقات تحت رحمة المطر لتنظيف ما رمته به أيادي الكبار· وعن سؤالنا حول سبب وجود هؤلاء الصبية فأخبرنا بأن هؤلاء الأطفال هم عمال لدى أحد أثرياء المنطقة ممن تستقر عليه دوما مناقصة الجزائرالبيضاء، لعلاقاته الجيدة بمسؤولين كبار وتحايله ومكره في استغلاله شباب بطال يستعمل ملفاتهم في المناقصات مقابل تسليمهم مبلغا زهيدا من المال في نهاية المشروع، ومن ثم يقوم هذا البارون باستغلال أطفال من العائلات الفقيرة لجمع النفايات وتنظيف المدينة دونما تأمين ولا أجر كريم، وفي حال تم رفض العمل من هؤلاء أو المطالبة بحقه من مال يقوم هذا الأخير بطرد كل من تخول له نفسه المطالبة بأجره كاملا والذي لايتعدى 15 ألف دينار، وتعويضه بآخر نظرا لوجود اليد العاملة المتوفرة بكثرة من الأطفال الفقراء· والغريب في الأمر أن هؤلاء الأطفال يقومون بعملية التنظيف أمام مرأى ومسمع كل السلطات المحلية بمن فيهم مفتشو العمل، غير أن أحدا لم يحرك ساكنا· ”نحن نشتغل من الساعة السابعة إلى غاية الثانية مساء، وأحيان وأثناء زيارة الوالي أو أي مسؤول مهم يتم تشغيلنا أيام الراحة الأسبوعية من قبل البلدية، لنتقاضى في الأخير 8 آلاف دينار شهريا” يقول عمار ابن السابعة عشر· رغبة منا في الحصول على إيضاحات من ممثلي هذه البلدية حول استغلال أطفال قصر في أعمال شاقة، همس لنا أحد المسؤولين أن أسماء هؤلاء الأطفال غير موجودة أصلا في قوائم العمل التي يقوم بدفعها للمديرية المعنية بالمدية، وأنهم غير مؤمنين باعتبار أن صاحب المشروع قام بتأمين آخرين في بداية الأمر وهو يستغل أسماءهم منذ ذلك الحين إلى يومنا هذا· والأغرب من كل هذا أن هؤلاء الأطفال توسلوا إلينا ألا نكون سببا في قطع أرزاقهم وألا نذكر أسماءهم لأن ”المعلم” سيوقفهم عن العمل في حال ما تبين له أنهم تحدثوا ل”البلاد”، كما اخبرونا أنهم راضون على أن تسود وجوههم من العمل الشاق لتبييض الجزائر، أو بالأحرى لتبييض أموال الكثير من رجال المال في ظل صمت المعنيين· للإشارة فإن مشروع الجزائرالبيضاء المخصص لفرقة واحدة يفوق النصف مليار في العام الواحد·