من يتابع أزمة حنون العمال مع نفسها ومع جيرانها العارضين لملاعقهم حول مائدة السلطان، يعتقد أن تلك ”اللويزة” امرأة تقيم الليل وهي تطهو الأحجار حتى لا تمد يدها إلى بساط الحاكم، لكن بين ما نعتقد وما هو معروف ومألوف ومكشوف، فإن حنون لا يمكنها أن تزايد على أحد إلا بكونها المرأة الوحيدة التي نالت شرف أن تأكل جنبا لجنب مع أخيها الرجل الذي لا يهم إن كان اسمه أبو جرة أو بلخادم أو أي فم آخر يمتلك أسنانا لها القدرة الكامنة على أكل قلب ”اللوز” كتحلية ضرورية لمائدة دسم سلطوي تورط فيها الجميع بالتساوي المقيت··فمن يزايد على من؟ فكلهم في قلب ”المائدة” عالقون وعاقلون ومعلقون·· حنون التي انتقلت من المعارضة إلى المماضغة، لا تريد أن تقتنع بأنها لم تعد سوى ديكور ضروري في مائدة لا تقصي إلا من أقصى نفسه، وركوبها موجة الغضب بين الحين والحين لاستعراض عضلات لسان كان مصدر قوتها، مجرد حنين إلى ماضٍ مجيد خلفته امرأة وراء ظهرها، لتتذكره و”تذاكره” بين الفينة والحين·· لكن بين أن تراجع المرأة الحريرية ماضي المرأة الحديدية وبين أن تحاول السيدة الثائرة إيهام المواطن بأنها لاتزال ”لويزة” التي كنا نعرف، فإنه القفز المجنون على واقع أن ”اللعبة” انكشفت وأن الطبقة السياسية لم تعد إلا ”طبقا” شهيا و”شقيا” في مائدة سلطوية كبيرة حددت لكل آكل دوره وحصته من الغنيمة·· فكفي عنا بطولاتك سيدتي فمذاق الكعك لايزال في فمك وبقايا الصحون لاتزال شاهدة على أنهم ها هناك ولا نستثني منهم ”جرة” ولا أباها يتدافعون لحجز أماكن دائمة ومستقرة تغنيهم عما يخفيه القدر من عام ”رمادة” يكون الجوع فيه سيد الموقف·· من حق لويزة أن تدافع عن نفسها وأن ترفض ”التوبة” التي ”جبت”ما قبلها من مواقف كانت هي هويتها، ومن حقها أن تثور إذا ما تحرش بها أبو جرة أو بوعمران رئيس المجلس الإسلامي الأعلى الذي أعطاها الآمان حينما قال: ما أنا بصافع، وما أنا بجالد··· لكن ليس من حق ”اللويزة” نفسها أن تدعي العذرية··· عذرية المواقف وعذرية أنها لاتزال هي المرأة ذاتها التي رفضت أكثر من ”مرعى” لتخضع أخيرا للأمر الواقع وتصبح زعيمة حزب العمال، مناضلة كبيرة في حزب أويحيى تدافع عنه وترافع لأجله·· وتموت في ”دباديب” قراراته·· فقط لأنه أويحيى الكبير والعظيم و”العفريت” الذي عرف كيف يروض حصانا جموحا وثائرا، تمكن بقدرة قادر من ضمه إلى مزرعته ليرعى مع بقية الآكلين، فهل بعد الذي كان لايزال هناك من يؤمن بأن ”حنون” التي كانت هي حنون الآن التي تزين عنقها بدرر سلطوية براقة بعدما اختارت لحزبها ”بعلا” سياسيا يدعى أويحيى الذي لا نشك لحظة في أنه خارق وحاذق و”ساحر” حينما سيطر على قلب المرأة الأكثر تعنتا وثورة ليضمها إلى فئة المسبحين بحمده أبد الماضغين·· معارك حنون المتعددة وغزواتها الأخيرة التي تخصصت في اختلاق غارات وهمية ضد الطواحين، سواء كانت طواحين سياسية أو طواحين إعلامية كما حدث مع موقعة الزعيمة مع صحيفة الخبر الأسبوعي، تعري الفراغ النفسي الكبير الذي تعيشه أميرة حزب العمال، فالمرأة المحاربة فقدت كل ساحات معاركها الشعبية وألم البطالة وأحلام المجد الضائع، فرضت عليها في كل مرة أن تستنشق من العدم معركة، تتذكر بها الأيام الخوالي وكل ذلك حتى تقنع ذاتها، وليس غيرها، بأنها مازالت تمتلك ”السنان” واللسان· فعفوك سيدتي فإنك تناطحين الهواء فلا معركة في الأفق وكل غزواتك الأخيرة لم تخرج عن دائرة أن هناك معاناة وأن هناك تيها وهناك محاربة كسرت سيفها وعوضته ب”مشط” حاد تشهره بين الحين والحين، على أساس أنه سيف بتار·· فأين ”لويزة” التي كانت·· ذاك هو السؤال و”السعال” المطلوب معالجته حالا، حتى لا تتأزم الأمور فيفقد الوطن، كل الوطن، امرأة ترفض ”التوبة” إذا كانت لله وترتضيها إذا كانت لأويحيى··· امرأة يمكنها أن تحارب وتنازل ”ربي” دون عقدة كما يمكنها أن تعترف بأنها تحب أويحيى في السياسة لا في الله·· فهل لايزال في جراب تلك ”السيدة” شيء تقارع به نفسها؟ لا نظن، فكل الحروب متساوية ومن ”زياري” رئيس البرلمان، إلى بلخادم، إلى أبو جرة، وانتهاء برفقائها النواب المتمردين على أن تكون الآمرة بصرف مرتباتهم ·· فإن المشكلة نفسها وحنون ذاتها··زعيمة بلا تاج·· فقط لسان طويل لايزال يحاول جاهدا أن يقنع المواطن بأن الأرض تدور ولويزة معها تدور ··فعفوك سيدتي فمذاق الكعك لايزال في فمك··وليس لديك ما تزايدين به على غيرك·· فكلكم في ”المائدة” رفاق متجاورون وناهمون وناعمون·· ومن يدعي غير ذلك فليقل أنا لا أحب أويحيى ولا أشتهي وصاله؟ وأختم هذا الهذيان بنكتة لإحدى الزوجات التي لاحظت أن بعلها، الذي هو حبيب عمرها طبعا، كلما دخل الدار راح ينظر إلى عقد الزواج ويقلبه ورقة ورقة·· في المرة الأولى اعتبرته أمرا عاديا، لكن تكرار الموقف دفع الزوجة المؤمنة بأن سيادته يموت في ”دباديب” عيونها، إلى سؤاله عما يبحث في عقد الزواج·· فكان رد المسكين فاحما··لقد قال لزوجته الحبيبة: إني أبحث عن تاريخ انتهاء العقد·· بالطبع النكتة، بلا نكات ولا علاقة لها بالعلاقة السياسية التي تجمع بين زعيمة حزب العمال وزعيم الأرندي·· فالنكتة تتحدث عن ”عقد” لكن العلاقة السياسية بين حزب العمال والأرندي· علاقة بعقد عرفي··فقط أحدهم تطوع فأغرم بالآخر وعلى ”المغرم” أن يتحمل تبعات فسخ العقد العرفي في أي لحظة·· هامش: هذا المقال سبق أن نشر في هذا الركن الأسبوعي بتاريخ 27 مارس ,2010 ولأن ”حنون” لم يثبت أنها تغيرت سوى مرة واحدة، المرة التي انتقلت فيها من المعارضة أو ”المراضعة” السلطوية، ولأن حال المرأة مع كابوس جاب الله ومع بلخادم ومع فحنون” ذاتها، والتي وصلت مؤخرا إلى دعوتها السابقة بحل ”النواب” إلى حل الأحزاب الإسلامية، فإنني ارتأيت أن أعيد نشره كون مضمونه لايزال صالحا مادامت لويزة حنون لاتزال فسارحةف بالمواطن وفي الوطن··