المشاهدة الجيدة والتزام الصمت من أساسيات النقد السينمائي
رأى مدير دائرة السينما بوزارة الثقافة أحمد بجاوي أن ”الثقافة السينمائية” في الجزائر تعرف انتعاشا ملحوظا منذ خمس سنوات، موضحا خلال إشرافه مساء أول أمس على ورشة تكوينية لفائدة الإعلاميين بتلمسان، أن المشاهد لا يرى من الفيلم إلا الربع بالنظر إلى أن نوعية الصورة تبقى دون المستوى في ظل غياب تقنيات عرض تضمن الجودة والنقاوة مثلما هو معمول به في دول تعتبر رائدة في هذا المجال· وقال بجاوي، وهو ناقد سينمائي يوصف ب”المتمكن”، إن النقد السينمائي لأي فيلم يقوم بالدرجة الأولى على مخاطبة الجمهور، ليمر بمراحل أخرى تتعلق بالتقييم والتذوق الفني للعمل السينمائي من جميع جوانبه، وقوفا عند أحداث القصة والإخراج والموسيقى التصويرية والتمثيل والإضاءة· وأوضح المتحدث أن هناك جملة من الشروط يجب أن تتوفر في الناقد السينمائي أو الإعلامي الذي يشتغل في المجال الثقافي؛ أهمها أن يكون متابعا جيدا أو على الأقل هاويا لمختلف الأعمال السينمائية، بالإضافة إلى قدرته على التحكم في إصدار أحكامه التي يجب أن تكون موضوعية· كما يتعين عليه الإلمام بالتذوق الفني والقدرة على استنباط ما وراء المشهد· وأكد بجاوي أن مشاهدة أي فيلم والتعليق عليه لا تعني أننا نقاد سينمائيون، موضحا أن الصمت أثناء المشاهدة هو تدريب عليها، كما أنه على الناقد أن يتعرف من خلال الحقل السينمائي؛ على وضعية الشريط في هذا المجال، كأن نقول هذا الفيلم من سينما المؤلف، أو أنه فيلم تجاري أو ينتمي لأفلام المهرجان، في إشارة منه إلى الأهمية التي يحتلها الفيلم أو الشريط بالنظر إلى وضعيته·
في السياق ذاته، يرى أحمد بجاوي أن النقد السينمائي يجب أن يبنى على عدة نقاط أهمها المضمون السردي الذي يتعلق أساسا بما تحمله المتتالية وتحكيه، ثم درجة أهميتها بالنسبة للشريط ككل، وكأنها تمثل، حسبه، فقرة داخل نص المضمون الدلالي يتمحور حول ما يشاهد من ”ديكور” وملابس و”إكسسوارات”، وحول ما يسمع من خلال المنطوق من جهة ثانية· وواصل المشرف على الورشة التكوينية حديثه بالتطرق إلى أهم خصائص النقد السينمائي من خلال المضمون الرمزي الذي يتجلى في كيفية التعرف على بعض الرموز الثقافية والتاريخية كمرجع ديني وعمراني، والتمييز فيما بينها، مؤكدا أن دراسة الفيلم تتطلب عموما المرور بمرحلة تحليل النص السينمائي، إلى جانب إعطاء أهمية كبيرة للبنية الدرامية وتأثيراثها وقدرة الفيلم على طرح الموضوع·
من ناحية أخرى، تحدث أحمد بجاوي عن الزمن، أي المدد المحددة للقطات وللمشاهد، ومحاولة فهم إيقاع وسرعة الحركات وترتيب المتتاليات، وبعدها تحديد نوعية البناء ”الكرونولوجي” للأحداث· وعن شخصيات الفيلم، قال المشرف إنه يجب فك المظهر الخارجي للممثلين من خلال ملابسهم وملامحهم الجسدية، وكذا نبرات أصواتهم مع إعطاء أهمية لطريقة أدائهم لأدوارهم، وكيف يتمكنون من نسج علاقات مع بعضهم البعض، وتبادل التأثير والتأثر، مشيرا إلى أن العملية النقدية تنطلق من ثلاثة أسس؛ هي الإخبار والتقييم ثم الترويج للعمل·