استنكر أخصائيو الصحة أمس المشاكل والعراقيل التي تواجه مرضى القصور الكلوي في الجزائر، خاصة مع انعدام الرقابة، والفوضي التي تطبع قطاع الصحة في ظل غياب تحرك ميداني للوزارة الوصية من أجل الحد من ظاهرة ''سماسرة الموت'' التي انتهجها أطباء تخلوا عن ضميرهم المهني. وقد صرح ل''البلاد'' الدكتور رحتي عزيز، سكرتير الفيدرالية الوطنية لعاجزي الكلى على هامش المنتدى الذي عقدته يومية المجاهد صبيحة أمس، أن غالبية مراكز تصفية الدم أصبحت في يد ''مافيا'' متخصصة في المتاجرة بأموال وأرواح مرضى القصور الكلوي، حيث يقوم أطباء يعملون في المستشفيات والعيادات العامة بتوجيه مرضاهم إلى مراكز لتصفية الدم تكون تابعة للخواص، وهم أنفسهم يعملون فيها إلى جانب عملهم في المستشفيات الحكومية، حيث أكد محدثنا أن مجهودات الوزارة الوصية التي قررت عدم منح الاعتماد لمراكز تصفية الدم التابعة للخواص. إلا في حالة وجود طبيب مختص في الكلى يعمل فيها، انقلبت بالضد على القطاع العام، حيث بات الأطباء يغادرون المستشفيات إلى المراكز والعيادات الخاصة، ما سبب بدوره عجزا في عدد الأطباء المتخصصين في الكلى داخل المستشفيات هذا من جهة، ومن جهة أخرى فحاجة المستشفيات إلى المتخصصين في الكلى خاصة في ظل غياب رقابة الدولة، مكنت هذه الفئة من الأطباء من مزاولة عمل مزدوج عند الخواص، وفي المستشفيات في آن واحد، ودائما على حساب هذه الأخيرة، كما أوضح رئيس الفيدرالية الوطنية لعاجزي الكلى الدكتور بوخلوة مصطفى، أن 13ألف مواطن جزائري يعانون من القصور الكلوي، وحياتهم مرتبطة بنحو 235مركز لتصفية الدم تتمركز معظمها في الولايات الكبرى العاصمة، قسنطينة، وهران ما يعني تضاعف معاناة هذه الشريحة من المرضي الذين قد يكون حوالي 90% منهم من العائلات الفقيرة نظرا لتفشي أسباب الاصابة بهذا المرض المزمن في أوساط الطبقة المعوزة. كما شدد الدكتور بوخلوة مصطفى، على ضرورة استحداث مراكز تصفية دم خاصة بالأطفال، حيث يخضع اطفال مرضى القصور الكلوي إلى عمليات التصفية بنفس الطريقة التي يخضع لها الكبار، وهو ما يمثل عجزا فادحا في تسيير قطاع الصحة، واستهتارا بسلامة وصحة الأطفال فالأدوات الطبية المستعملة سواء في المستشفيات أو عند الخواص لا تراعي المقاييس المعمول بها دوليا بالنسبة لتصفية دم مرضى القصور الكلوي من الأطفال وحتى من الكبار. هذا علاوة على حرمان هذه الشريحة من الأطفال المرضى من هرمون البنية الجسدية للأطفال المرضى المساعد على النمو كأقرانهم من الأصحاء، حيث يشتكي مثل هؤلاء المرضى من اعوجاج عظامهم، وقلة نموهم الجسدي لدرجة أنه لا يمكن التفريق بين طفل في الثامنة او التاسعة من العمر، ومراهق في 19سنة وهو حال المريض، لشطر فاتح الذي يعالج في مستشفى ''بارني'' في حسين داي لأكثر من 7 سنوات دون أن يحصل على هذا الهرمون الذي من شأنه أن يساعده على النمو وينقذه من شلل بات يتأكد مع مرور كل يوم يزداد فيه اعوجاج رجليه دون أن يلتفت لمعاناته المسؤولون، حيث لم يفوت صبيحة أمس فرصة التقرب من وسائل الإعلام ليحكي معاناته ويستنجد بمن يقدر على تخليصه من عذاب العجز الذي ينتظره، إضافة إلى مرضه المزمن الذي يكلفه وعائلته العناء والأموال الطائلة على غرار باقي العائلات التي آثرت أن تحضر منتدى المجاهد لتقاسم الآخرين جحيم هذا المرض الذي تضاعف عدد مرضاه خلال السنتين الماضيتين. كما تأسفت الفيدرالية الوطنية لعاجزي الكلى على تأخر إتمام مشروعي بليدة المتعلق بانشاء معهد وطني للكلى والمركز الجزائري لزرع الكلى، وهو مشروع خصص له رئيس الجمهورية غلافا ماليا معتبرا وتوقفت به الأشغال لأسباب وإن لم توضح فهي ليست متعلقة بالسيولة المالية. وتشير الأرقام إلى أن 500مريض فقط أجروا عملية زرع كلى في الفترة الممتدة بين 1986و2009، ليبقى مشروع بليدة أمل الآلاف من مرضى القصور الكلوي، اذ أن تصفية الدم التي يجريها المريض حوالي 3 مرات كل أسبوع ماهي إلا حل مؤقت، لأن الحل يتمثل في زرع كلية للمريض وهو ما لا يتحقق إلا للعدد القليل منهم، خاصة مع التناقضات المسجلة في الميدان، حيث لم يخف بوخروص محمد الناطق الرسمي ونائب رئيس فيدرالية عاجزي الكلى، عن بقاء اللجنة الوطنية للتبرع بالأعضاء، مجرد حبر على ورق. كما أوضح أن نسبة انجاز المركز الجزائري لزرع الكلى بلغت 85% حيث كان مفترضا أن تنتهي الأشغال به في ديسمبر 2008، ثم أعلن عن تأجيل تسليمها إلى غاية السداسي الأول من 2009، إلا أن الوعد لم يتحقق، على خلاف ما كان أوضحه القائمون بهذا المشروع، لرئيس الجمهورية لدى زيارته للبليدة، حسب ما صرح به السيد بوخروص- ويضيف هذا الأخير أن نسبة انجاز المعهد الوطني للكلى لم تتجاوز 50% بعد أن أكد مسيرو هذا المشروع للرئيس دائما خلال زيارته التفقدية لولاية البليدة أنها مسألة أيام ويجهز المعهد ولكن على ما يبدو لم يجهز إلى اليوم. وفي انتظار أن تتحمل الوزارة الوصية مسؤولياتها لإيقاف العصابة التي تتاجر بمرضى القصور الكلوي، تطالب الفيدرالية الوطنية لعاجزي الكلى المرضي وأهاليهم، الأطباء الذين فقدوا الضمير المهني بالعدول عن تصرفاتهم واستغلالهم للمرضى، ويسعوا لأداء مهامهم كما يستوجب عليهم حتى يخففوا من آلام ومعاناة هذه الفئة المحرومة من نعمة الصحة.