الرئيس السابق اليمين زروال الذي هو آخر رئيس من العسكر وليس بالضرورة آخر رئيس بعقلية العسكر ''أمر طبق''، يوجد حاليا في إحدى مستشفيات لندن وليس في إحدى مستشفيات فرنسا! وعندما يقرر الرجل، الذي حكم في فترة عصيبة وصل فيها برميل النفط إلى 10دولارات وارتكبت وقتها مجازر إرهابية رهيبة تصل إلى قطع الرؤوس بالمئات في ليلة واحدة، الذهاب إلى لندن للعلاج، فإن هذه القبلة تمثل تمايزا في حد ذاتها! الساسة في الجزائر بمن فيهم المجاهدون الذين لايرقى لجهادهم شك يقررون في العادة توزيع الدنيا من البوابة الباريسية، آخرهم المجاهد الكبير المرحوم شريف بلقاسم، وحجتهم في ذلك أن مصالح التأمينات متعاقدة مع الطرف الفرنسي الذي يضمن استقبال كل حالة مهمة، لكي تكحل عينيها قبل الوداع الأكبر أو لتشفى وتعود وهي تثني وتشكر. الروائي الكبير الطاهر وطار أرسل على مضض إلى فرنسا للعلاج وقال بمرارة إن الجزائريين تغيروا ولو أن كل واحد تصرف بما يقتضيه الأمر لتغيرت أشياء كثيرة، ولو خير لاختار بالتأكيد وجهة أخرى غير فرنسا البائسة والوسخة، وتاريخيا مع الرؤساء الذين حكموا الجزائر بومدين فضل أن يذهب لموسكو للعلاج الذي سبق وفاته. والرئيس الأسبق الشاذلي من جديد يتردد على مملكة بلجيكا. في حين أن بوتفليقة اختار فرنسا قبل أن يغير باتجاه سويسرا كما قالت الأخبار مؤخرا ولكن الوجهة الأساسية أصبحت مفضلة خاصة في الفترة الأخيرة مع ظهور فكرة المتابعة القضائية لكبار القوم إن ثبت تورطهم في قضايا إنسانية أو جرم كبير. ومع ذلك، فإن كل هؤلاء من صفوة القوم ممن يقاومون المرض بكل حزم حتى آخر قطرة في دمائهم وآخر قطرة عرق لايرقون إلى مافعله المرحوم بن يوسف بن خدة رئيس أول حكومة مؤقتة للجزائر الذي لم يحدث قطيعة مع فرنسا فقط في مرضه، وإنما مع مقابر الشهداء من أصحاب المربع الرسمي، حيث طالب بأن يدفن مع الفقراء ليرتاح من هؤلاء دنيا وآخرة!