تزداد الضغوط على ليبيا لتقوم بتسليم سيف الإسلام، أبرز أبناء العقيد الليبي الراحل معمر القذافي إلى المحكمة الجنائية الدولية، بعد أن قال أحد محامي الدفاع إنه تعرض لاعتداء جسدي وللتضليل بشأن التهم المنسوبة إليه. ويدور نزاع بين السلطات الليبية والمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، بشأن مكان محاكمته؛ فالمحكمة تريد تسلمه لمحاكمته، لكن السلطات الجديدة في ليبيا تقول إنها لا تزال تريد محاكمته بنفسها. ويواجه سيف الإسلام عقوبة إعدام إذا أدانته محكمة ليبية، لكنه قد يواجه عقوبة السجن فقط إذا أدانته المحكمة الجنائية الدولية. وقال خافيير جان كيتا المستشار في مكتب محامي الدفاع في المحكمة الجنائية الدولية في بيان أرسل بالبريد الإلكتروني إن القذافي تعرض لاعتداء جسدي أثناء احتجازه في ليبيا، مضيفا أنه يعاني أيضا آلاما بسبب الافتقار إلى علاج الأسنان. ولم تتخذ السلطات الليبية أي خطوات لعلاجه ومنحه العلاج الطبي الذي أمرت به المحكمة منذ نحو شهر. وفي الأثناء، قال كيتا إن سيف الإسلام تم تضليله فيما يتعلق بوضع التحقيقات المحلية في التهم المنسوبة إليه. وأضاف المحامي قوله تم إبلاغ السيد القذافي أنه يجري التحقيق معه في مزاعم تافهة تتصل بعدم حصوله على رخصة لتربية إبل ومخالفات تتعلق بمزارع أسماك، وأنه لن يتم ملاحقته في جرائم خطيرة مثل القتل والاغتصاب لنقص الأدلة. ثم استدرك بقوله إن السلطات الليبية غيرت بعد ذلك موقفها تغييرا جذريا حينما طلبت المحكمة الجنائية الدولية تسليمها سيف الإسلام فإنهم قالوا للمحكمة إنهم يريدون محاكمته في ليبيا عن جرائم خطيرة تخضع لاختصاص المحكمة الدولية. وأعلن أن ابن القذافي محتجز لدى السلطات الليبية منذ 139 يوماً، ولم يتم استدعاؤه أمام قاض، ولم يسمح له بالاتصال بأسرته وأصدقائه أو أن يستقبل زيارات منهم. وأضاف أن وضعه أشبه بالحبس الانفرادي. وكانت المحكمة الجنائية الدولية أصدرت العام الماضي مذكرات اعتقال بحق القذافي وسيف الإسلام وعبد الله السنوسي رئيس المخابرات الليبية في عهد القذافي. من ناحية أخرى، شكل القتال الدامي الذي اندلع هذا الأسبوع بمناطق في الغرب اللّيبي إنذارا جدّيا بإمكانية انزلاق البلد نحو الحرب الأهلية، غير أنه مثل في المقابل فرصة جديدة للمجلس الانتقالي لإثبات قدرته على تطويق الأزمات بعد أن كان نجح في بسط السلام بمنطقة سبها بالجنوب والتي شهدت في الأسابيع الماضية قتالا بين قبائلها. ووُضعت قوات كبيرة من الجيش الليبي، في حالة تأهّب للفصل بين المتقاتلين في مناطق غرب البلاد، تنفيذاً لقرار المجلس الانتقالي بفرض وقف إطلاق النار بين هذه المناطق بالقوة. ويعكس هذا الحزم استشعار القائمين على الحكم في ليبيا لخطورة المواجهات الدموية التي دارت بمناطق زوارة ورقدالين والجميل ومحاذير تطورها إلى حرب أهلية شاملة في ظل وجود ترسبات للقبلية والمناطقية بليبيا، وعدم تأصّل الدولة طيلة أربعة عقود من حكم معمر القذافي حاول خلالها الحفاظ على انقسام الشعب الليبي بتقريب قبائل واستمالتها وتهميش أخرى. ويشكو بعض الليبيين خذلان كثير من الدول ساهمت بفاعلية في عملية إسقاط القذافي لحسابات ومصالح تخصها هي، ولكنها لم تساعد الليبيين على الخروج من وضع الثورة إلى وضع الدولة وتركت ليبيا لمصيرها تواجه مخاطر الاحتراب الداخلي والتقسيم. ويبدو الإصرار كبيرا لدى حكام ليبيا ما بعد الثورة على فرض منطق الدولة رغم الصعوبات الكبيرة وفوضى السلاح التي خلفتها سنة من الحرب بين الثوار وكتائب القذافي.