^ قضية محمد مراح أثرت كثيرا على المسلمين والعرب في فرنسا يتطرق الدكتور أحمد جاب الله رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية الفرنسية في هذا الحوار الذي خص به «البلاد» عقب اختتام فعاليات مؤتمر مسلمي فرنسا، إلى عدة قضايا تخص الجالية المسلمة والعربية في فرنسا وكذا الظروف الاستثنائية التي تمر بها خاصة بعد أحداث «تولزو» التي راح ضحيتها يهود على يد المتهم المفترض محمد مراح. كما تحدث ضيف «البلاد» إلى عدة قضايا إقليمية ودولية. حاوره في باريس: مصطفى دباش ^ بداية نهنئكم على اختتام فعاليات مؤتمر مسلمي فرنسا فكيف تقيمون الطبعة التاسعة والعشرين للمؤتمر الذي انعقد في ظروف استثنائية؟ بسم الله الرحمان الرحيم نشكركم على إتاحتكم لنا هده الفرصة ..في الحقيقة وكما جاء في سؤالكم فقد انعقد المؤتمر العالمي لمسلمي فرنسا هذه السنة في ظروف أقل ما يقال عنها أنها استثنائية بأتم معنى الكلمة فكما تعلمون فقد أثير لغط كبير حول الملتقى الذي أصبح انعقاده في مدينة «بورجي» الباريسية تقليدا سنويا يجمع مئات الآلاف من مسلمي فرنسا وحتى أوروبا، الأمر الذي لا يعجب بعض الأطراف التي توصف بالمتطرفة هنا في فرنسا والتي لا يروق لها انعقاد مؤتمر إسلامي على أرض فرنسية.. إلا أن المميز في هذه السنة هو أن هذه الجهات المتطرفة وجدت من حادثة تولوز الفرصة السانحة للتصعيد من حدة هجومها علينا لتصل بها الجرأة إلى حد رفع دعوى قضائية لدى إحدى المحاكم لإصدار قرار قضائي يمنع انعقاد المؤتمر.. ورغم كل هذه الإكراهات والعراقيل إلا أنه يمكنني الجزم بنجاح المؤتمر من كل الجوانب. ^ تتحدث سيدي عن نجاح المؤتمر في حين غاب عنه بعض العلماء المسلمين على غرار الشيخ القرضاوي؟ صحيح وكما قلت لك من قبل فقد واجهتنا عراقيل وإكراهات كبيرة أثناء تحضيراتنا لعقد المؤتمر وفي مقدمة هذه العراقيل ما أقدمت عليه السلطات الفرنسية وإصدارها قرارا جائرا بمنع بعض الدعاة الإسلاميين الذين دأبوا على المشاركة في الملتقى منذ عدة سنوات مثل الشيخ القرضاوي رئيس اتحاد العلماء المسلمين والشيخ صفوت حجازي وعائض القرني.. وهو القرار الذي تأسفنا له في منظمتنا وأبلغنا احتجاجنا الرسمي للسلطات الفرنسية ممثلة في وزير الداخلية الذي برر قرار الحكومة الفرنسية بالتصريحات المعادية لهؤلاء الدعاة تجاه اليهود على حد تعبير وزير داخلية فرنسا. ^ مقاطعة لكن كيف تفسرون قرار السلطات الفرنسية منع دعاة معروفين بمنهجم المعتدل في الدعوة إلى التسامح مثل الشيخ القرضاوي؟ بالضبط وهو الأمر الذي أبلغناه للسلطات الفرنسية حينما قلنا لهم إنكم تمنعون دعاة مشهود لهم بالفكر المعتدل والوسطية، الأمر الذي من شأنه تشجيع المتشددين من المسلمين من اتخاذ مواقف أكثر عدائية ضد الغرب.. أعود لسؤالكم السابق لأؤكد مرة أخرى كلامي عن نجاح المؤتمر بالرغم من غياب هؤلاء الدعاة والذي يمكن وصفه ب«رب ضارة نافعة» ففي الوقت الذي كانت تريد السلطات الفرنسية إفشال الملتقى بقرارها هذا، جاء الأمر معاكسا تماما بحيث لقيت الطبعة التاسعة والعشرين ل«لبروجي» اهتماما إعلاميا غير مسبوق من طرف مختلف وسائل الإعلام المحلية والدولية وهو ما ممنح الملتقى رشهارا إعلاميا كبيرا عكس السنوات الماضية، هذا من جهة ومن جهة أخرى خلف قرار الحكومة الفرنسية ضد هلاء الدعاة تعاطفا كبيرا من الجالية العربية والمسلمة في فرنسا والذي ترجم على أرض الواقع بالحضور والمشاركة القياسية لأفراد الجالية المسلمة بعد أن سجلنا حضور أكثر من 160ألف زائر للمعرض الإسلامي في ثلاثة أيام فقط. ^ ما هي تداعيات أحداث تولوز على المسلمين والعرب في فرنسا.. وكيف تابعتم قضية ما بات يعرف بمحمد مراح؟ يمكنني القول إن أحداث تلوز المؤسفة والتي استنكرناها ونددنا بها بشدة أثرت علينا نحن المسلمين في فرنسا بشكل كبير جدا، فقد كانت هذه الجريمة النكراء الفرصة السانحة لأعداء الإسلام في الغرب للتصعيد من حدة عدائهم لكل ما هو مسلم كما كانت الأحداث فرصة مناسبة للسياسيين المتطرفين مثل أتباع جون ماري لوبان لإشهار سيوفهم في وجه المسلمين والعرب.. كما كان لحادثة تولوز تداعيات أكثر خطورة بعد أن سجلنا ارتفاعا مخيفا للإسلاموفوبيا والاعتداءات المتكررة على أشخاص أبرياء ذنبنهم الوحيد أنهم مسلمون وعرب، الأمر الذي أصبح يشكل خطرا وتهديدا حقيقيا على سلامة أفراد جاليتنا في فرنسا. ^ الحديث عن قضية محمد مراح يقودنا إلى التطرق إلى الانتخابات الرئاسية والتنافس الكبير بين المترحشين للتربع على عرش الإيلزيه فإلى أي مدى كان لحادثة تولوز التأثير على الموعد الانتخابي المزمع إجراؤه في 22أفريل (اليوم). لا أكتمكم سرا إذا قلنا إن قضية محمد مراح تم استغلاها بصورة كبيرة من طرف بعض المترشحين للانتخابات الرئاسية الفرنسية. فقد ألهبت الحادثة الحملة الانتخابية للمرشحين الذين وجدوا في مجزرة تولوز «حصان طروادة» ووقودا لحملتهم الانتخابية، حيث شاهدنا كيف استغل المرشحون تقريبا كلهم بدون استثناء بمن فيهم ساركوزي قضية محمد مراح لحصد مزيد من الأتباع والأصوات وهذا من خلال استعطاف الناخب الفرنسي من جهة واللعب على وتر الجانب الأمني وتهديدات المهاجرين العرب على حد زعمه من جهة أخرى. ^ في السياق نفسه هل أعلنتم موقفكم في اتحاد المنظمات الإسلامية من الانتخابات وهل تؤيدون مرشحا بعينه؟ نحن في الاتحاد قررنا ألّا نتخذ موقفا معينا تجاه الانتخابات الرئاسية ولم ندعم أي مرشح بمن فيهم الرئيس الحالي المترشح نيكولا ساركوزي.. إلا أننا في المقابل ندعو وبشدة إخواننا من الجالية العربية والمسلمة في فرنسا بالذهاب بقوة والمشاركة بفعالية في الانتخابات وكل واحد حر في التصويت لمن يراه أهلا لثقته. وفي هذا الإطار نحن نعمل على التحسيس بأهمية مثل هذه المواعيد الانتخابية وضرورة مشاركة الجالية المسلمة فيها بقوة لأن أي موقف سلبي منها لا يصب في مصلحتنا نحن المسلمين. ^ كلمة أخيرة سيدي الكريم أولا نشكركم مرة أخرى على إتاحة الفرصة لنا لمخاطبة الجزائريين عبر جريدكم المحترمة، ثانيا نشكركم على حضوركم وتغطيتكم الإعلامية لفعاليات الطبعة التاسعة والعشرين للمؤتمر وتحية خاصة للجزائر حكومة وشعبا. الأزمة المالية و«التطرف».. أبرز محاور الحملات الانتخابية محمد مراح يجمع مرشحي الرئاسة الفرنسية رغم اختلافاتهم إذا كانا موضوعي الأمن والبيئة هما الموضوعان اللذان هيمنا على حملات الانتخابات الرئاسية العام 2007 فإن موضوعات الحملة الحالية للرئاسيات الفرنسية تبدو بعيدة كل البعد عن هذين الموضوعين. ويأتي في صدارة هذه الموضوعات الضرائب والاقتراح الذي طرحه المرشح الاشتراكي فرانسوا هولاند بفرض ضرائب على الدخل تصل إلى 75 بالمائة سنويا على من تتعدى دخولهم المليون أورو. واهتم اليسار الفرنسي من جهته في حملاته ومناظراته الانتخابية بمواضيع الديون السيادية وإعادة تقييم الحد الأدنى للأجور وخلق فرص عمل جديدة، بينما اليمين الفرنسي بجبهتيه الاتحاد من أجل حركة شعبية والجبهة الوطنية فضل التركيز على موضوعي الهجرة وتداعياتها على المجتمع الفرنسي و«التطرف». وكان هذا الموضوع من أكثر المواضيع تداولا في وسائل الإعلام مؤخرا بعدما وجد اليمين الفرنسي مبتغاه في قضية الفرنسي من أصل جزائري محمد مراح ليهول ويضخم من تأثيراته وخطره على فرنسا. وفضل الوسط الممثل في المرشح فرانسوا بايرو اللعب على وتر الوطنية فيما يخص الصناعة، ورفع شعار «صنع في فرنسا» لمواجهة ظاهرة هروب رؤوس الأموال وتحول الشركات الكبرى عن الاستثمار في فرنسا، كما دعا إلى السير على خطى النموذج الاقتصادي الألماني للتغلب على أزمات الاقتصاد الفرنسي. وشهدت الحملات الانتخابية لأبرز المرشحين لحظات فخر وزهو لكل منهم، فها هو فرانسوا هولاند المرشح الاشتراكي، مدعوما بفوزه الكبير في الانتخابات التمهيدية التي أجراها حزبه لاختيار مرشحه الرئاسي، يكشف بكل ثقة الستار عن برنامجه الانتخابي في 22 جانفي الماضي في الصالون الدولي للطيران بمدينة بورجيه. أما مرشح الجبهة اليسارية جون لوك ملنشون فقد فجر مفاجأة أصابت المرشحين الآخرين بالخوف بعد حشده مائة ألف شخص في أشهر ميادين باريس ميدان الباستيل خلال وقائع مؤتمره الانتخابي الذي رفع كثيرا من أسهمه في استطلاعات الرأي وجعله يحل ثالثا بعد هولاند وساركوزي. وكان على الرئيس الحالي أن يرد ويدلي بدلوه أيضا في هذا السباق المحموم نحو الإليزيه فقام بتنظيم مؤتمر انتخابي بضاحية فيلبانت الباريسية جمع فيه أكثر من ستين ألفا من أنصاره. وفي لحظة تاريخية نادرة جمعت قضية مراح التي راح ضحيتها عددا من الجنود الفرنسيين والأطفال اليهود والتي لم يكن لها تأثير يذكر على ميول الناخبين كل هؤلاء المرشحين الرئاسيين إضافة إلى مارين لوبان أمام كاميرات التلفزيون. أيمن. س انطلاق الانتخابات في فرنسا على وقع .. الكل إلا ساركوزي وهولوند الأوفر حظا ينطلق اليوم الدور الأول من الانتخابات الرئاسية في فرنسا بدخول عشرة منافسين السباق نحو دور ثاني لا يتسع لأكثر من مرشحين اثنين أبرزهم حسب التقديرات الفرنسية زعيم الحزب الاشتراكي فرانسوا هولوند وزعيم اليمين نيكولا ساركوزي الرئيس المغادر كما دأب على وصفه هولوند بدل الرئيس المترشح. وتذهب توقعات وتوجهات الرأي العام في فرنسا مدعومة بنتائج المائتي سبر للرأي منذ الإعلان عن افتتاح «موسم صيد رأس نزيل الاليزيه» في فرنسا، إلى أن ساركوزي سيكون أول رئيس فرنسي لن يجدد له الفرنسيون الولاء بعد عهدة أولى في تاريخ الجمهورية الخامسة وهو ما كان قد توقعه الخبراء في فرنسا منذ الأشهر الأولى التي أعقبت الأشهر الأولى لانتخابات ماي 2007، بأنها ستكون الأكثر سوءا في تاريخ الجمهورية الخامسة حتى دون تأثيرات الأزمة المالية ثم الاقتصادية التي عصفت بالعالم الغربي بما في ذلك فرنسا حيث تبين خلال سنوات الممارسة الخمس، أن البذلة الرئاسية التي ألبسها الفرنسيون للرئيس نيكولا ساركوزي لم تكن على مقاسه وأن عرش الإليزيه كان أكبر منه، ما حمل الفرنسيين على الاعلان مبكرا عن حملات تنظيف الوسط الرئاسي كان من بينها «تي أس أس s s t تو سوف ساركوزي» بالنظر للأخطاء الكبيرة التي وقع فيها الرئيس الفرنسي خلال الممارسة وإخلاله حتى بواجبات التحفظ الرئاسية في التعاطي مع مواطنيه ومع الشأن العام الفرنسي حسب تأكيدات الفرنسيين ذاتهم الذين لم يترددوا في نعت ممارساته بأبشع الأوصاف بما في ذلك السوقية. وهو ما وقع بالفعل حين أكدت توقعات الرأي العام ومختلف عمليات سبر الآراء التي قلبت مختلف أوجه الرأي العام الفرنسي في جميع النواحي والملفات والقضايا التي تصنع رهان الانتخابات لدى الفرنسيين، أن فارس الحزب الاشتراكي فورانسوا هولوند هو الذي سيعيد الحزب الاشتراكي ومعه اليسار العريض إلى الحكم في فرنسا بعد سبع عشرة سنة من الغياب ومن الهيمنة اليمينية كما فعلها ميتيران الذي تمكن من حشد الفرنسيين والعودة باليسار إلى الحكم سنة 81 خاصة أن الغرفة السفلى في فرنسا عرجت نحو اليسار منذ آشهر ولأول مرة في تاريخ الجمهورية الخامسة، وأن الحزب الاشتراكي هذه المرة سيدخل انتخابات الرئاسة بعدما تكمن من إذابة جليد الخلافات ببيته الداخلي عبر انتخابات تمهيدية كانت على أشدها بين فرنسان اليسار لتسفر منافسة لم يشبها أي خلل خلافا لسابقتها عن ترشيح فرنسوا هولاند مرشحا بالإجماع داخل الحزب بعدما خاب الأمل في «ستروسكان» ،الذي اختار شأنا أخر فضلا عن التحاق العديد من الأوزان الثقيلة من اليمينيين والمقربين من ساركوزي بهولوند وإعلانهم التصويت لصالحه وعلى رأسهم الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك والوزير العملاق جون بيار شوفانومان، فضلا عن وزراء آخرين ويرتقب أن يلتحق بهؤلاء آخرون بإطلاقهم رصاصة الرحمة على ساركوزي بإعلانهم عن تفضيلهم الوجهة الهولندية خاصة أن الرئيس المغادر لم يتمكن من تجاوز صورة مرشح الحزب أو التيار خلافا لهولوند الذي تمكن من طمأنة كل الطيف الفرنسي وألوانه بأنه مرشحهم.