كشفت دراسة قام بها معهد «روليجيوسكوب» السويسري حول ظاهرة التشيع في الجزائر، عن حقائق ومعلومات خطيرة حول امتداد التشيع في النسيج الاجتماعي والثقافي وحتى الاقتصادي للمجتمع الجزائري، على الرغم من نخبويته وسريته. وتشير الدراسة إلى أن السفارة الإيرانيةبالجزائر أصبحت تلعب دورا أساسيا بالنسبة للمتشيعين الجدد الذين يستفيدون من خدمات التزود بالمراجع والكتب والمنح للدراسة في قم وطهران، وتكشف الدراسة لأول مرة عن هوية الوكيل الشرعي لمرشد الثورة الإسلامية آية الله خامنئي في الجزائر ويدعي الشيخ فضيل الجزائري الذي يشرف على عملية التشيع في بلادنا. تطرح الدراسة التي نشرها معهد «روليجيوسكوب» في آخر عدد لإصدارته الخاصة بشهر ماي أسباب التغلل الشيعي في الأوساط النخبوية بالجزائر ومراحل ذلك، حيث يعتبر أستاذ علم الاجتماع بجامعة وهران عبد اللطيف غرس الله أن الجزائر من أكثر بلدان شمال إفريقيا التي واجهت مدا دينيا ومذهبيا أيضا، وحملت الدراسة لقاءات مباشرة مع أربعين متحولا من المذهب السني إلى الشيعي في الجزائر. ويرى الباحث في دراسة حملت عنوان «التشيع بالجزائر من التحول السياسي إلى ميلاد طائفة دينية» أنه بالرغم من سرية التحول نحو المذهب الشيعي ونخبوية المتحولين فإن الظاهرة باتت أمرا واقعا خلال الثلاثين سنة الماضية. وعن الظاهرة يرى الباحث أنها في البلدان التي تحولت فيها إلى مادة إعلامية، ك«سوريا واليمن وشمال افريقيا والمغرب والجزائر» خلفت مخاوف سياسية ودينية من تحولها إلى فتنة دينية وما يرافقها من مخاطر استيرد مظاهر الثورة الاسلامية. وفي سياق حديثه عن الجزائر يتطرق الباحث إلى النفوذ الإيراني وإلى الثورة وتأثيراتها والمقاومة المجسدة في حزب الله وإلى تأثيرات التاريخ الفاطمي في الجزائر وسهولة التحول الشيعي بمنطقة القبائل. وعن دور السفارة الإيرانية يرى صاحب الدراسة أنها تمثل دورا أساسيا للمتشيعين الذين تزودهم بالكتب القادمة من إيران وبالمنح وتأشيرات السفر للدراسة في طهران وقم المدينة المقدسة لشيعة إيران. وفي محور آخر ترى الدراسة أن التشيع في الجزائر لا يعتبر أمرا مستوردا فهو بمثابة العودة إلى الجذور في إشارة إلى مرحلة الدولة الفاطمية وتؤكد الدراسة أن التشيع نما بشكل خاص في منطقة القبائل بظهور العهد الفاطمي وهي مرحلة تمثل جزء من الذاكرة الجماعية تكرست من خلال اطلاق أسماء فاطمة والحسين والحسن وعلي على المواليد، وهذا يمثل واقع ورأسمال ثقافي حقيقي وليس أمرا إيديولوجيا وافدا. وفي محور ثالث يتناول الباحث الخلفيات والأبعاد الدينية للظاهرة وما أحاط بها من حراك إسلامي عبر تطور نموذج العمل السياسي الحزبي للإسلاميين، مع الاستشهاد بمواقف المرجعيات الإسلامية والسلفية في الجزائر وعلاقتها بظاهرة التشيع التي تكرست في نخبة شيعية بالجزائر، وتأثر الفيس المحل بنموذج الثورة الإسلامية في إيران. كما تناولت الدراسة مظاهر إقامة علاقات اجتماعية متينة بين المتشيعيين من خلال شبكة اجتماعية نخبوية مشيرا إلى النموذج الحاصل بالغرب الجزائري. مصدر مطلع متابع لنشاطهم يكشف ل«البلاد»: تكتل «الجزائر الخضراء» رفض ملف الترشح لمشتبه في تشيّعه كشف مصدر جد مطلع ل«البلاد» عن أبرز معالم التواجد والانتشار الشيعي في مدينة تلمسان وضواحيها، وقال مصدرنا الذي رفض الكشف عن هويته لأسباب تتعلق بعلاقاته ومهامه، إن شيعة تلمسان مثلا اختاروا التصويت على قوائم أحزاب غير إسلامية لاعتبارات تتعلق بالموقف في إيران وسوريا وحتى وإن لم يكن تأثيرهم واضح فإنهم يشكلون جزءا من النخبة الجامعية والسياسية المثقفة، كما أن قرارهم جاء على خلفية حادث يتعلق بقرار تكتل الجزائر الخضراء القاضي بإقصاء مترشح بولاية مجاورة لتلمسان لأن شبه تأكيدات تلقاها التكتل تفيد بانتماء ذلك المترشح للتيارالشيعي. وفي معرض سرده لتاريخ المد الشيعي في الجزائر، قال مصدر على صلة بمتابعة ملف الشيعة في الغرب عموما وتلمسان خصوصا، إنّ المد الشيعي في الجزائر مر بمرحلتين بارزتين. الأولى بدأت بعد انتصار الثورة الإيرانية عام 1979، وجاءت تلك الموجة عن طريق الطلبة الجزائريين الذين كانوا يدرسون بفرنسا وتأثروا بالطلبة الإيرانيين هناك، خصوصا في العاصمة باريس وتحديدا عن طريق جهاز تفضيل الثورة الذي كان مرافقا لقائدها الإمام الخميني، وأدى تأثر أولئك الطلبة بالنجاح الباهر للثورة الإيرانية إلى التولي عن المذهب السني وركوب موجة التشيّع ويضيف محدثنا أن أول من روج لتلك الموجة وركبها أستاذ الأنثربولوجيا بجامعة السوربون رشيد بن عيسى الذي درّس بجامعة وهران وتأثر به العديد من الطلبة، موضحا أن قسما طلب منا عدم ذكر اسمه بالجامعة ينتمي العديد من أساتذته للمذهب الشيعي وبالمناسبة لا علاقة له بالأنثربولوجليا. ويقول مصدرنا إن ذلك تزامن مع صعود الصحوة الإسلامية في الجزائر مطلع الثمانينيات وتأثر بتلك الموجة عدد هام من الطلبة والعائلات من ولاية عين تيموشنت وتلمسان وتحديدا شرقها، حيث يوجد العشرات من المتشيعيين وعائلاتهم موضحا أن بعضهم يطلق أسماء آل البيت على مواليدهم الجدد. وبالنسبة لمحدثنا فإن الموجة الثانية تزامنت مع مرحلة ما بعد الجلاء الإسرائيلي من جنوب لبنان والتي بدأت مطلع الألفية الثانية وتأثر الكثير من الشباب برمزية نصر الله وحزب الله ثم اتصلت تلك الموجة بفترة كانت قريبة منها تتعلق بحرب 2006 وصمود حزب الله أمام إسرائيل مقابل السكوت السني عن ضرب لبنان فيما سمي بمعسكر الاعتدال ومعكسر المغامرة. وبشأن التشيع في تلمسان يقول المتحدث ذاته إنه واقع في الوسط الجامعي مشيرا إلى نشاط مشبوه لنادي أو جمعية بحي جامعي للبنات بتلمسان، كما أن بعض المتشيعيين يتواجدون بمخبر جامعي للبحث وهذا أمر معروف في الأوساط الخاصة، بينما لا يكشف العديد منهم عن حقيقة مذهبه لاعتبارات عدة، وإزاء حالة التخفي التي ترافق نشاط الشيعة في الأوساط الطلابية والجامعية على وجه الدقة يبقى المذهب الشيعي متواجدا في تلمسان والعديد من الولايات المجاورة خصوصا عين تيموشنت كأمر واقع لا مفر منه.