فيما تلتزم السلطات بالمراقبة والصمت.. تحول موضوع المد الشيعي بولاية وهران في السنين الأخيرة، إلى واحد من الملفات الأكثر إثارة في الحقل الدعوي وحتى السياسي، بالنظر إلى استمرار نشاط هذه الطائفة وانتشارها المتواصل على مستوى العديد من دور العبادة، رغم محاولة أكثر الجهات المسؤولة إنكار هذه الظاهرة والتقليل من خطرها الذي بدأت تترجمه مجموعة من المناوشات تحركها بالأساس بعض المجموعات المحسوبة على التيارات السلفية التي تكون، حسب مصادر مطلعة، قد دخلت في شبه مواجهة مع المنتسبين لهذا المذهب الذي يثير حفيظة مجموعة كبيرة من الدعاة بولاية وهران وفي ولايات أخرى تقع بالغرب الجزائري مثل معسكر، وأكد احد الدعاة لجريدة البلاد، رفض الإفصاح عن هويته إن ما لا يقل عن 3 مساجد بوهران أصبحت تعرف رواجا لبعض المراجع الفقهية والعناوين المؤصلة للعقيدة الشيعية. وتشير بعض المعطيات إلى أن نشاط الفرق الشيعية يبقى متواصلا لحد الساعة، رغم الخناق الكبير الذي سعت مديرية الشؤون الدينية لفرضه على أتباع هذا المذهب في وقت سابق، من خلال رفضها الترخيص للقيام بأي نشاط ديني داخل دور العبادة، ما عدا تلك التي يشرف عليها بعض الأئمة المتطوعين الحاصلين على إجازة رسمية من قبل الهيئة المذكورة، أو الأئمة المعنيين بشكل رسمي، لكن مع ذلك فإن ذلك لم يمنع من ظهور مجموعة من المؤشرات الأخرى على مستوى بعض المساجد تؤكد جميعها إصرار بعض الأتباع الحركيين على مواصلة نشاطهم وفق تقاليد مرسخة عند أصحاب هذا المذهب. ويؤكد العارفون بخفايا المذهب المذكور، أن حوالي 3 مساجد بعاصمة الغرب الجزائري تحولت خلال السنين الأخيرة إلى واجهة حقيقية لنشاط الشيعة بولاية وهران، أحدها يقع بحي السلام، حيث تحولت إلى الوجهة التي يقصدها العناصر النشطة للمذهب المذكور يقومون فيها بمجموعة من الأنشطة الدينية المستوحاة من الفكر والفقه الشيعي، وهي ذاتها المساجد التي كانت قد خضعت في وقت سابق لتحريات شاملة ودقيقة من قبل مصالح الأمن بولاية وهران، ما جعل نشاط هذه المجموعات يتراجع نوعا ما في السنين الأخيرة، قبل أن يعاود الظهور مجددا، حسبما أكدته مصادر أمنية موثوقة لجريدة البلاد. وحسب ذات المصادر، فإن مصالح الأمن التي تولت التحقيق في ملف الشيعة بولاية وهران، تكون قد وقفت على مجموعة من المؤشرات تؤكد جميعها الوجود الحقيقي لنشاط الشيعة بعاصمة الغرب الجزائري، ولعل أبرز هذه الأدلة عثورها خلال السنوات الأخيرة على مجموعة من المراجع الفقهية بولاية وهران، وحتى على مستوى مجموعة من الولايات الأخرى بالغرب الجزائري، تمثل السند المرجعي الذي يعتمد عليه أنصار المذهب المذكور، خلال حلقات التدريس التي يجرونها، أو ما يعرف بتسمية الحوزات العلمية التي تجهل أغلب الأوساط المتابعة للملف الشيعي طريقة إجرائها ومكان تنظيمها أيضا، ولعل من ابرز هذه الكتب حسبما كشفه مصدر البلاد كتاب «الحكمة المتعالية في شرح الأسفار العقلية الأربعة» لصحابه الملا صدرا، وكذا كتاب «بداية الحكمة ونهاية الحكمة»، وهي من العناوين التي يتم تداولها بشكل مكثف وسط أتباع المذهب المذكور، بالنظر إلى محتوياتها الفقهية والعقائدية. من حرب لبنان.. إلى الانتخابات التشريعية رغم الطابوهات الشديدة التي تبقى تحيط بملف الشيعة بولاية وهران، ما يعسر نوعا ما النبش في هذا الموضوع، فإن مجموعة من الشواهد تؤكد في معظمها أن البداية الحقيقية للمد الشيعي في عاصمة الغرب الجزائري، جاءت عقب الحرب الاسرئيلية العدوانية التي شنها الكيان الصهيوني على لبنان سنة 2006، وتمكن خلالها حزب الله من تحقيق انتصار عسكري آنذاك برده لذلك العدوان بأساليب ووسائل بسيطة سمحت له بكسب تعاطف جماهير عربية عريضة، وهي النقطة التي تقول عنها جهات مسؤولة لجريدة البلاد إنها كانت الجسر الذي سمح بمجموعة من النشطين بالمذهب الشيعي يتحركون بشكل علني ويحاولون كسب مزيد من الأنصار، لاسيما وأن الموقف الرسمي للدولة الجزائرية كان شاجبا لما قام به الجيش الإسرائيلي بلبنان وقتها، وهو الأمر الذي كان بمثابة الغطاء الذي مرت عبره مجموعة من الأنشطة ظاهرها تضامن سياسي مع حزب الله، لكن أهدافها الخفية كانت تتمثل أساسا في الترويج للفكر الشيعي ومبادئه الفقهية العقائدية. الجدير بالذكر أيضا في هذا السياق أن مصالح الأمن بعاصمة الغرب الجزائري كانت قد أسقطت مجموعة من الأسماء من قوائم أحد الأحزاب الإسلامية خلال الانتخابات المحلية التي جرت سنة 2007، وهو مؤشر يكشف حجم الاختراق الذي حاول الشيعة بلوغه، في الوقت الذي تبقى العديد من الجهات تكذب وتنفي خبر وجود نشاط هذا المذهب بعاصمة الغرب الجزائري.