كنت دائما منذ بدأت مهنة المتاعب أتابع وضع الفنانين في بلدي وأقول لماذا أكبر الأسماء ماتت في وضع مخز وتألمت وربما بكت، نعم بكت في الحقيقة بعيدا عن مشاهد البكاء في التمثيل، غير أنه وبتوالي السنين أدركت للأسف أن المشكل في الفنان نفسه، ربما قد أكون قاسيا لكنها الحقيقة لأن البعض من الفنانين والحمد لله يحيون حياة رغد وقد يقول قائل إنهم «يدركون الخلطة السحرية والضربة الحنينة.. الشيتة» أو غيرها، فالمهم أنهم بخير لأنهم احتاطوا للزمن وأمنوا على حياتهم ومنهم سيد علي كويرات الذي قال ما قال مؤخرا إنه لو لا مشاركته في أفلام أجنبية لكان متسولا اليوم.. نعم كويرات وما أدراك ما هو، رجل من زمن فرقة الجبهة الفنية، وأيضا هو رجل كان من العدل جدا ومن المنطقي جدا أن يكون عنوان جائزة معاشي اليوم أو مصطفى كاتب أو غيرهما ولأن المقام ليس مقامهما، فالفنان في الجزائر يحيا ليموت في قهر، بعضه يحيا في سلام بجانب الوزارة التي وإن أخطأت مرارا، فإنها أصابت مرة وهي تقرب منها البعض وبعضه يحيا على الهامش يتمنى أن يجد قوت أبنائه وبعضهم «يحفر» للفنان الآخر وبعضهم يمارس النفاق عن ترصد ليكون في المقدمة ويترك البقية بعيدا عن أصحاب القرار ليقول هم يريدون أن يكسروا سياسة الوزيرة وهم ضدك وهم.. وهو في نعيم.. ولنا في محمد شرشال المثال رفقة علي جبارة ممن ذهبا ضحية اندفاعهما لا غير لأنهما يبحثان عن الكمال في عملهما ويحسبان البقية فعلا مثلهما. للأسف في بلدي من الصعب ولنقلها صراحة أن يكون هناك قانون فنان بأتم معنى الكلمة رغم اجتهادات الوزيرة والبعض من المخلصين، ببساطة لأن الفن يعاني من الدخلاء ومن بكسر الميم من بفتحها يسترزقون فيقبلون أدوارا بمبلغ ثلاثة ألاف دينار جزائري ومنهم من يعملون بدون مقابل، والمهم هو أن يراه الناس في فيلم أو شيء من هذا القبيل. للأسف مرة أخرى، فإن الفنان المسرحي لا يتعدى أجره مبلغ 20 ألف دينار جزائري، إذا كان متمرسا ولديه خبرة ولديه أقدمية وينزل المبلغ إلى الحضيض تماما مثلما تنزل عشتار إلى الجحيم، ولذلك نجد نفس الفنان لا يلتزم بعمله بل يبحث عن المقابل المادي في «سكاتشات» ومسلسلات.. أعمال لا يؤمن بها أصلا بل تطيح بقيمته وبمساره غير أن «الخبزة» ليست التي قدمها علولة، بل الحياة صارت هكذا ببساطة، لأنه لا القانون كان ولن يكون بل ولن يفي بالغرض إن كان ولا الفنان مع احترامي للأصدقاء كان في قيمة ومستوى الفنان ولا المحيط. الفنان في الجزائر هو المسرحي أبو جمال والمغنية مريم وفاء وغيرهما، الفنان هو الراحل السي العربي زكال وهو رويشد في زمنه وكاتب في عهده، والفنان في الجزائر هو خارج القانون لأن نصفه هاو ويعمل في مجالات أخرى وفي نفس الوقت ينافس البقية في الفن ولعله يقدم فنا، الفنان في بلدي يبقى بعيدا عن العزة ويبقى باحثا عن لقمة العيش التي تحاول خليدة تومي أن توفرها من خلال عدة مجالات مهرجانات ومشاريع قوانين لكنني لا أعتقد أن هناك قوة أكبر تمنعها، قوة من مارد يسكن بعض الفنان وسحر يأتي من الخارج من خارج اللعبة المسرحية وداخل الأسوار المغلقة. بقي أن أقول لروح مجوبي وعلولة وبوڤرموح وسيراط و كربوز رحمهم الله كل يوم وأنتم كبار وأقول للفنان الذي يستحق كلمة فنان لا فنان الإشهار كل يوم وأنت مبدع في بلدك مع أحلى الأماني بغد مشرق لكم ولنا.