لواستطعت أن أراك لفعلت.. لا لأني أرغب في التقرب منك.. بل لأني أريد التفرس في هذا المسخ.. الذي نصفه إنسانا.. ونصفه حيوانا.. على غرار أبي الهول.. أريد أن أتحسس جسدك.. أمن لحم وعظم هو.. أم إن خلاياه من كلس وخشب؟ وما طبيعة الأشياء الموجودة في دماغك؟ وما لون الدم الذي يتدفق في عروقك؟ وأي صنف من الغرائز يحركك ويتحكم فيك؟ أعلم أنك ممنوع من مقابلة غيرك من البشر العاديين.. ومحظور عليك مغادرة قفصك.. ومحكوم عليك بقضاء نهارك تحت الأرض.. وليلك في الأزقة المعتمة.. وأنك ألفت الأقبية والسراديب.. فصرت تخشى النور.. ولا تتجول إلا في الظلام.. كالوطاويط مصاصة الدماء.. ولذلك اشتقوا لك اسما من كائن ليلي.. اسمه « الشبح «.. لتكون سلاحهم الخفي.. الذي لا يرصده أحد؟ وأعلم أن مروضيك في سيرك «البعث العربي السوري» علموك أن كل ليرة تتقاضاها..هي ثمن ما تشرب من دماء الأطفال.. وما تلتهم من لحم الشيوخ والنساء.. وما تكسر من عظام.. وما تقتلع من عيون.. وما تجتث من حناجر.. وما تسلخ من جلود.. وما تكسر من أصابع.. وما تعتقل من منتفضين.. وما تحرق من بيوت.. وما تسرق من أقوات.. وما تمارس من إجرام!! علموك.. أن إلهك هو «بشار».. لا إله لك غيره.. وأن نجاتك من النار.. ودخولك الجنة.. منوطان بما تقدم من قرابين بشرية على مذبح هذا الإله الزائف.. وفي الدرس الذي كنت تتلقاه في مدرسة تكوين الوحوش.. علموك أن كل سوري لا يسجد للإله بشار.. شيطان رجيم.. يجب تأديبه.. إما بسلخه أوحرقه. ^^^ في حياة معلمك الأول «حافظ».. لقنوك القاعدة الأولى.. (كي تحكم.. استعن بالسيئين).. وكنت الأسوأ في قائمة السيئين.. فجاؤوا بك.. لتكون عكازة «النصيري».. وعصاه الغليظة.. وسلاحه الناري.. وسكينه التي تذبح من الوريد إلى الوريد.. وشيطانه الذي لا يعصي أمرا.. وخادمه الذي لا يرد طلبا. فتفوقت في إنجاز أقذر السيئات.. وأبدعت في التنكيل بالعزل.. وكنت الأشجع في خطف النساء والأطفال والشيوخ.. والأكفأ في السطو على البيوت.. والأبرع في اصطياد البشر والحمير. أقنعوك.. أن مكانتك عند سيد ك.. تعلو بمقدار ما تحصد من رؤوس.. وما تثكل من أمهات وزوجات.. وما تيتم من أطفال.. وما تزرع من رعب.. وما ترتكب من مجازر بالسكين لا بالرشاش.. فالقتلة الشريفة ليست من اختصاصك. وقالوا لك.. إن «السني).. عدو أبدي للعلوي.. وخصم لدود لدولة الممانعة والمقاومة.. فاقتله ولا تفلته.. وحكوا لك قصة قديمة جدا.. فيها أن دمشق هي عدو الحسين.. وأن دمه ينادي بالقصاص من أحفاد معاوية وعائشة.. فركضت خمسينا عاما (شبيحا للأبد.. في خدمة الأسد) . ^^^ أريد أن أسالك.. أيها الشبيح : أليس لك أولاد وزوجة وبيت وأهل وأقارب.. تحبهم وتعيلهم.. وتتألم لمصابهم؟ ألم يسألك أحد من هؤلاء.. لماذا تبدو متوترا باستمرار.. وفي عينيك ترتسم صور شاحبة لما يشبه بشرا مذبوحين ومسلوخين.. ودماء تسيل خلفك وكأنها تتبع أثر خطواتك.. وحشرجات ودخان وركام بيوت ومساجد مقصوفة ومصاحف محروقة؟ ألم يقولوا لك.. لماذا يبدو شرابنا بلون الدم.. وخبزنا بطعم الجثث.. وثيابنا برائحة الكفن؟ ألم يقولوا لك.. إنهم يحسون بالأشباح تتجول في البيت.. كلما عدت إليهم.. وأن أحلامهم تتحول في لحظة إلى كوابيس مميتة.. والسكينة تفارق البيت.. ولا تعود إليه إلا حين تغادره إلى مكان مجهول. ألم يسألوك.. أين تعمل.. وماذا تعمل.. وما مقدار أجرتك.. ومن الجهة الوصية عليك؟.. ولماذا تطيل المكث خارج البيت لأسابيع وشهور.. وعندما تعود منهكا.. تبدو أعصابك مشلولة.. وتنبعث منك رائحة غريبة.. أشبه برائحة المخدر؟ لا أدري بم كنت تجيبهم.. أم تستغرق في صمت مؤلم.. وتنتهرهم أن يعودوا لمثل هذه الأسئلة الخطيرة.. وبالنتيجة.. ألم ينتفضوا في وجهك يوما.. ويصرخوا: كفى.. !؟ ^^^ آه.. كم أنت مسكين أيها الشبيح.. علموك أن تقتل جيرانك ومواطنيك.. وتموت من أجل بشار.. ولم يقولوا لك يوما.. إن لك أرضا تسمى «الجولان» تسلمتها إسرائيل – من يد حافظ الأسد.. يجب أن تذهب إليها.. وتقاتل فيها.. إنها أولى أن تطلق فيها رصاصاتك.. وتشهر فيها سكينك.. وتبدي فيها عضلاتك. ألم يقولوا لك إن الخط الأمامي.. هو هناك.. بالتماس مع إسرائيل.. وليس في الحولة أو القبير؟ ألم يقولوا لك.. إنك ستبقى وحيدا.. حين يفر الحاكم بجلده.. لتواجه شعبا غاضبا.. ويومها من ينقذك من قبضة المظلومين.. وكل الذين نكلت بهم.. وأولئك الذين دفنت أحباءهم أحياء.. أو سلخت جلودهم.. أو استأصلت حناجرهم.. أوقطعت أوصالهم؟ ألم تفكر في غدك.. حين تشيخ.. وترتجف يداك.. ويضعف بصرك.. ولا تقوى على الحركة.. ثم تنظر خلفك فلا تتبدى لك سوى الجثث والحرائق والخرائب.. وتتأمل أمامك.. فلا ترى سوى عزرائيل بانتظارك؟ أعلم أنك آلة صماء.. مخدرة.. منزوعة الروح.. مشلولة العقل.. مبرمجة على القتل والفتك.. لكن تذكر شيئا.. ربيع سوريا قادم.. وحسابك آت لا ريب فيه.