انعكس الوضع الأمني بسوريا على حركة السوق في الجزائر وأثر على مستوى الأسعار. في حين خرجت الصين هي المستفيد من هذه الأوضاع بعد أن اكتسحت منتوجاتها أغلب المحلات التجارية، مسجلة ارتفاعا ملحوظا مقارنة مع السنوات الماضية خاصة ألبسة الأطفال، في ظل تموقع السلع التركية بالسوق الجزائرية وضعف المنافسة التجارية بعد مرور حوالي أسبوعين من حلول شهر رمضان، باتت أعين العائلات الجزائرية موجهة إلى ألبسة العيد، التي تشكل عبئا على أرباب البيوت نظرا لارتفاع تكاليفها. وقد تعودت العائلات الجزائرية على اختيار السلع السورية فيما يخص ألبسة الأطفال بشكل خاص إلى جانب الألبسة النسوية نظرا لنوعيتها الجيدة، غير أن الأزمة السورية وتأزم الوضع الأمني ألقى بظلاله على الحركة التجارية بالجزائر وأثر على السوق بشكل كبير، حيث أكد عدد من التجار الذين التقيناهم بسوق بومعطي بالحراش أن هذا العام يشهد نقصا في حجم الألبسة، نظرا لتراجع السلع السورية، والتي كانت تشكل جزءا كبيرا من السوق كما أنها تحظى بطلب كبير نظرا لجودتها. في المقابل تمركزت السلع الصينية وعلى غرار باقي السنوات في الأسواق، حيث كثفت مختلف الشركات المستوردة من ضخ منتوجاتها بأسواق الجزائر، خاصة بالشرق الجزائري الذي يعتبر حسب التجار الممون الرئيسي لأغلب تجار الألبسة والأقمشة. السلع الصينية تقفز والتركية تتموقع بالسوق الجزائرية ولدى تقربنا من عدد من التجار أكدوا أن أسعار السلع شهدت ارتفاعا هذا العام مقارنة مع العام الماضي كون السلع السورية تعرف ندرة حادة في السوق الجزائرية، ما اضطرهم إلى التوجه نحو السلع التركية والباهظة الثمن أو الصينية والتي تعرف بنوعيتها الرديئة، لكنها هي الأخرى سجلت ارتفاعا ملحوظا، حيث تراوحت أسعار الألبسة الخاصة بالأطفال من النوع الصيني بين 1600 دج و4200 دج، رغم أنها لم تصل هذا المستوى في وقت سابق عند توفر السلع السورية التي كانت تتميز بنوعيتها الجيدة وكانت تحتكر هذه المستويات كما أن السلع السورية الموجودة مرتفعة الثمن مقارنة مع أسعارها الأصلية، حيث لجأ التجار إلى السلع الصينية والتركية لسد فراغ ندرة السورية منها. وفي هذا الإطار يقول مراد صاحب محل لبيع الملابس النسوية إنه لجأ للسلع الصينية بدلا من التركية، التي تعرف ارتفاعا كبيرا في أسعارها كما لجأ إلى المنتوج المحلي والذي يعرف تحسنا ملحوظا حسبه مقارنة بالسنوات الماضية. وأضاف محدثنا أنه يتعين على أصحاب ورشات الخياطة المحلية الاستفادة من تأرجح المنتجات السورية وتعويضها بالمنتوج المحلي، خاصة وأن الدولة تمنح تحفيزات في هذا المجال كالقروض الميسرة أو مشاريع «الانساج» التي يمكن استغلالها في ترقية صناعة النسيج ومحاولة تقليد الألبسة السورية الجاهزة التي تعرف إقبالا كبيرا محليا مما يساهم في ترقية المنتوج الوطني. السوريون ينقلون خبراتهم إلى الجزائر في ظل توقف الاستيراد كشف أبوعماد، تاجر سوري بالجزائر منذ 3 سنوات، أن تأزم الوضع الأمني ببلده أدخل الحركة التجارية في ركود كبير وخنق حركة الاستيراد وأثر بشكل كبير على عمليات شحن السلع من سوريا إلى الجزائر، خاصة في ظل غلق أغلب ورشات التصنيع بسوريا خاصة في حلب التي تعد القلب الاقتصادي النابض لسوريا، وهذا ما أثر على الأسعار وكمية المنتوجات التي دخلت السوق الجزائرية، موضحا أن عددا من التجار قام بتخزين المنتجات ونقل كميات كبيرة من الألبسة قبل أشهر من تدهور الوضع وهذا لضمان سير الحركة التجارية بشكل عادي، وأوضح أن هذا الخناق جعل عددا من التجار السوريين يعمدون إلى تحويل تجارتهم من الألبسة الخاصة بالمتجات السورية إلى صينية، أو تركية نظرا لأن هذه الأخيرة تحظى بطلب كبير، معربا عن تفاؤله بحدوث انفراجا. وأضاف أن الأزمة الأمنية أجبرتهم على اتخاذ سياسة جديدة تتعلق بنقل الخبرات السورية إلى الجزائر وذلك من خلال فتح ورشات للخياطة والطرز السوري خاصة فيما يتعلق بالألبسة النسوية التي تتميز فيها السلع السورية بتقنية عالية من حيث الجودة التي تعتمد على مزركشات يدوية فلن يقتصر نشاطهم على الاستيراد فحسب، بل العمل مستقبلا على نقل الخبرة وإنشاء مصانع في الجزائر بشراكة محلية. وعن اختياره للجزائر كبلد للاستثمار، أوضح محدثنا أنها كانت من منطلق العلاقات بين البلدين «نحن لا نشعر بالفرق بوجودنا في الجزائر»، إضافة إلى أنه اختارها بصفتها سوقا ممتازة للسلع السورية.