لا يخفى على الكل أن التسعير الخاص بالسلع الصينية منخفض بدرجة كبيرة مقارنة بالسلع المحلية فيما يخص الملابس الجاهزة لتأخذ الماركات الصينية الحيز الأوسع الذي اعتبر فيه السعر في مثل هذه الأسواق مزيج تسويقي تأثر مباشرة بالربحية بحيث أن سعر الألبسة الجاهزة الصينية نشط مبيعاتها.فاكسسوارات البيتية من الأقمشة المخاطة والقطع شكلت حيزا كبيرا من السوق، منافسة الإنتاج المحلي بلغت على إثره أسعارها ما بين 1400دج و1800دج ليتراوح أعلى سعر ما بين 3000دج و4000دج أما فيما يخص أسعار الإنتاج المحلي فتجاوزت 6000دج و9000دج. ليجد الزبون الفرصة للتهافت على السلع والمنتوجات الصينية التي تعرض بأبخس الأسعار أما فيما يخص الملابس الجاهزة فالمنافسة تامة ولا سبيل للمنتوج المحلي للمقاومة أمام الكم الهائل أولا من السلع المتواجدة عبر مختلف الأسواق من جهة وانخفاض كبير للسعر من جهة ثانية والملابس الجاهزة النسوية الأكثر عرضا لأسعار منخفضة بكثير كالملابس الداخلية التي تراوحت أسعارها من 100دج إلى 200 دج و300دج لتبلغ أقصاها عند 450دج و550دج و600 دج أما فيما يخص المنتوج المحلي فلا وجود له على مستوى السوق لتسحق هذه التجارة مع استراتيجياتها السعرية كل المنافسين المحليين الذين اختفوا عن الساحة. ناهيك عن الملابس الجاهزة للأطفال التي تراوحت أسعارها ما بين 250دج و35دج لتبلغ أقصى سعر لا يتجاوز 450دج. ليجد الزبون الفرصة الملائمة بوجود سعر مناسب لاقتناء هذه المنتوجات ذات الماركة الصينية التي حققت له أقصى منفعة بأقل ميزانية خاصة مع الدخول المدرسي ومختلف المواسم التي تستدعي الأقبال الدوري على الملابس الجاهزة خاصة بالنسبة للمتمدرسين. أشار أحد الحرفيين الخياطة من ولاية سكيكدة وهو السيد شيدوح عبد الوهاب إلى جل العراقيل التي واجهته في السوق بسبب السلع الصينية التي أجهضت مجهوداته المتواصلة لربح حصة سوقية تمكنه من تجاوز تكاليف إنتاج الملابس الجاهزة التي كانت تنتج على مستوى ورشته بسكيكدة حيث اضطر إلى تحويل نشاطه من خياطة الملابس الجاهزة الرجالية والنسوية إلى التأثيث وذلك منذ عامين بسبب غلاء القماش وكراء المحل وتكلفة اليد العاملة التي لم يستطع من خلالها بيع إنتاجه تسديد كل تلك التكاليف من 1000دج ليبيعها بسعر جملة 1100دج بينما قطع مماثلة تباع بأسعار أرخص بكثير ومن ماركات صينية لا تتجاوز ال500دج وقد استعرض الحرفي شيدوح الامتيازات التي صاحبت الاستيراد والتي أتاحت الفرصة للمتعاملين الصينيين لجلب عدد هائل من الكميات وبأسعار منافسة نفس الشيء أدلى به الحرفي في الخياطة (ر.م) من ولاية سكيكدة الذي امتهن حرفة خياطة الملابس الجاهزة منذ 1986، إلا أن السلع الصينية أدت به إلى التخلي عن هذا النشاط بسبب عدم قدرته على مجاراة الأسعار التنافسية التي تعتمد من طرف الموردين والتي كانت في جملتها منتوجات من صنع صيني ليوقف نشاط ورشته في الوقت الذي واصل فيه معظم المستوردين سياسة إغراق السوق بسلع بخسة من الصين. حتى السوق والسوداء أصبحت مكانا واسعا للمضاربة بالأسعار والسلع الآتية من الصين. باعتبار أن المصنع الوحيد الموجه لصناعة القماش ذو نوعية بسيطة وهي "التيرقال" موجودة على مستوى ذراع بن خدة بتيزي وزو في الوقت الذي تحتاج فيه السوق كل أنواع القماش، مما أثر بشكل سلبي على تكاليف إنتاج الملابس الجاهزة والتي ارتبطت مباشرة بكميات وأسعار ونوعية الأقمشة المستوردة من الخارج، في الوقت الذي سجلت فيه هذه الأخيرة ارتفاعا متواصلا لأسعارها مع ارتفاع عدد ورشات ومصانع إنتاج الملابس الجاهزة ليظل الأساس في العملية الإنتاجية ألا وهو القماش مستورد وبأسعار لم تعرف الانخفاض لتكون قلة المصانع الخاصة بتصنيع القماش السبب الرئيسي لغلاء الأقمشة التي تخضع لقوانين الاستيراد. وهي الاستراتيجية التي عززت من فرص تواجد وانتشار الألبسة ذات الماركة الصينية في كل الأسواق والمحلات والتي ضمنت البقاء والنمو ضمن مزيج تسويق متنوع استطاعت من خلاله السلع الصينية أخذ حيز معتبر من السوق استفادت هذه الأخيرة من مشاكل التمويل بالمواد الأولية لمنتجي الألبسة الجاهزة المحليين كفضاء واسع لتنشيط حركة السلع الآتية من الصين في الوقت الذي كان فيه الحرفيون وأصحاب المهنة يقومون بالإنتاج بهدف البيع بربح، رابطين نشاطهم في فترة ما بشبكة الأسعار، التي ضربتها السلع الصينية في العمق، لأن الأساس في نجاح واستمرار الحرفيين والمنتجين للألبسة الجاهزة كان مرهونا بتوازن الأسعار التي خرجت عن السيطرة مع قدوم السلع الصينية. الإنتاج وحده لم يكفل لجل الحرفيين والمنتجين البقاء في السوق لأن إشكالية الأسعار المنافسة لعبت دورها الفعال في رفع مستوى أرباح السلع المستوردة على حساب المحلية والتي كان فيها للسعر علاقة مباشرة بالإيرادات وبالتالي التأثير إما بالربح أو الخسارة. تكاليف إنتاج السلع المحلية التي خصت الملابس الجاهزة لم تحقق أو لم تصل إلى معايير التكاليف التي حققها الإنتاج الصيني ضمن تكلفته الإنتاجية و اتبع القائد" لم يتسن لها مقابلة المنافسة بمنافسة سعرية و حرب الأسعار كانت في صالح المنتوجات ذات الماركة الآسيوية لأنه ومنذ البدء . فأسعار المنافسين كانت في انخفاض مستمر. إن قيام المستوردين بجلب سلع موجودة أصلا بالسوق المحلية نظرا لانخفاض تكاليف وأسعار نظيرتها الصينية وضع قيدا على قدرة الحرفيين و المنتجين في مواكبة الانخفاض في الأسعار المعروضة بالأسواق مقارنة مع تكاليف إنتاجهم للسلعة بحيث أن ارتفاع تكاليف إنتاج السلع المحلية كان وراء الانسحاب و المصاريف المترتبة و الناتجة عن عملية الإنتاج كانت في ارتفاع مستمر بالمقارنة مع الانخفاض المتواصل في الأسعار المعروضة للمنتوجات الصينية الخاصة بالألبسة الجاهزة . و المنتوج النهائي لإنتاج المحلي ضم بالتالي كل المصاريف من شراء المواد الأولية و المواد الضرورية التي كانت في حد ذاتها مستوردة وانخفاضها لم يكن ضمن اللائحة.