حي «دي صولي» الواقع ببلدية الحراش هو أحد الأحياء الشعبية الفقيرة بهذه البلدية، دخل منذ سنوات في ظلام الإجرام ونخرته المخدرات، حتى سكنت الأكواخ والبيوت القصديرية وأصبح الكبير والصغير، الرجل والمرأة، العامل والبطال، الكل يتاجر بها في وضح النهار. سيارات فخمة تتزاحم على الحي القاصد لهذا الحي سرعان ما يتأكد أن الحي يشكل صورة مصغرة لكولومبيا، فمواكب السيارات الفخمة التي تقصده قبيل الإفطار تنفي نفيا قاطعا أن يكون أصحابها من ذوي الدخل البسيط او من الشهارين ، كما أن الحركية التي يشهدها، لا تعرف لها الأحياء الأخرى مثيل.. «البلاد» اقتربت من بعض السكان واستفسرت عن هذه الحيوية فكان رد احد الكهول مباشرا دون أدنى تردد «هؤلاء هم المتاجرون بالمخدرات الذين استضعفوا أهل الحي واصبحوا محل خطر كبير على حياتهم»، مؤكدا أن بعض محلات الحي وزواياه هي عبارة عن بورصة مفتوحة للممنوعات تباع بالمزايدة أمام الملا. كما قال آخر إن الحي تحول إلى سوق حقيقي يعج بالباعة لهذه الآفة ويحوز على زبائن خاصين جدا من الطبقة الرفيعة على غرار أبناء المسؤولين والأثرياء. كما أن كثرة إقبال هؤلاء على شراء المخدرات خلق احتدام كبير بين بارونات المخدرات وصراع بين العصابات حول الهيمنة على السوق، وقال «عمي الطاهر» الذي يسكن بوسط الحي، إن هذا الموقع بالذات يعتبر جد حساس وخطير، يشهد من وقت لآخر شجارات عنيفة بالسلاح الأبيض، وكل ما هو حاد كاستعمال الشواقير، السكاكين بكل أنواعها، السيوف، ليتعدى الأمر في بعض الأحيان إلى التصفية الجسدية بين أفراد العصابات، وتفضي هذه الشجارات في أحيان كثيرة إلى جرائم مروعة يروح ضحيتها شباب في مقتبل العمر. عائلات تحترف بيع «الزطلة» وفتيات اغتنين منها لقد دفعت هذه الظاهرة المستفحلة في الحي عشرات العائلات إلى احتراف بيع المخدرات، بعدما أصبحت مصدر دعم بدل أن تكون الموجه والناصح، إذ يقول فريد أحد قاطني الحي، إن هذه العائلات، لا يهمها من أين يأتي الأبناء بالأموال بل المهم أن يوفروا لهم كل ما يطلبونه، فضلا عن السيارات الفخمة التي يشترونها في أوقات قصيرة جدا، الأمر الذي دفع عائلات جديدة لدخول هذه الدوامة، بتسخير أبنائها وبناتها وكل ما أوتيت من إمكانيات بغية الوصول إلى الغنى في أقصر وقت ممكن. في السياق ذاته قال لنا بعض السكان إن هناك فتيات احترفن الدعارة وبيع «الزطلة «، فلا يوجد مخلوق فوق الأرض يمكن أن يوقفهن، كونهن تنضوين ضمن عصابات إجرامية لا حصر لها، وكل من يعاكسهن أو يتعرض لهن فمصيره مجهول. كما أشار لنا هؤلاء أن أصحاب المخدرات يجلبون الفتيات من كل مكان، مباشرة بعد صلاة التراويح، ويمارسون أمور يندى لها الجبين أمام أعين السكان ومن يتكلم أو يعارض فستقام حرب حامية الوطيس، تكون نتائجها كارثية، وقالوا إن قدوم الشرطة لا يغير من الأمر شيئا بل يزيد الطين بلة، حينما يأخذون السكان المشاركين في المشاجرة ويبقون على تجار المخدرات، دون أدنى مراقبة أو متابعة. المخدرات تباع جهارا نهارا وبتنظيم محكم في حديثنا مع بعض الشباب، حول الطرق التي تباع بها المخدرات والوقت المخصص لذلك، قيل لنا إنها لا تتبع قواعد معينة بل ينفرد كل بائع بطريقته الخاصة، وقد أوردونا أن عملية البيع تتم ضمن شبكات، نجد أن البائع الأول هو المسير للشبكة ليأتي بعدها باعة ثانويين، حوالي 20 أو أكثر، وهؤلاء لديهم باعة أيضا إلى غاية الوصول إلى المستهلك، حيث يتم الدفع في مكان ليحدد للزبون مكان السلعة ويأخذها، سواء كانت مرمية في إحدى علب السجائر أو تحت سيارة ما، المهم أن الزبون يعرف مكانها بأدق التفاصيل، كما كشف لنا أحد الشباب من الحي، أن هناك أفرادا حولوا محلاتهم ومقاهيهم إلى واجهات تباع وراء جدرانها كل أنواع المخدرات، في حين كشف وجود محلات أخرى موجهة مباشرة لغرض البيع والشراء في هذه السموم، وقد قارن هذه الأحياء بمثيلاتها في كولومبيا من حيث البيع والشراء. الحي محرم على السكان بدءا من الساعات الأولى من الليل أكد أحد قاطني الحي، أن هذا الأخير عانى لما يفوق 15 سنة، إبان العشرية السوداء، حيث صنف ضمن المواقع الأكثر خطورة في العاصمة لما كان يصنف ضمن معاقل الإرهاب، وما كان يصدر من تنظيمات وجماعات إرهابية، لكن اليوم زمن الإرهاب عاد، لكن بصيغة أخرى إلا وهي تنظيمات وعصابات إجرامية توازي الإرهاب في خطورته، إذا قسنا الوضع بمعيار وجود الأمن من عدمه وارتفاع مستوى الجريمة في هذه الأحياء الشعبية، فالانفلات الأمني الذي تعرفه هذه الأخيرة، يوحي بدخول هذه الأحياء في متاهة جديدة من اللاأمن، حيث أشار لنا بعض السكان أن هذه الأخيرة تطبق فيها سياسة حظر التجوال، في الساعات المتأخرة من الليل من طرف العصابات ومن وجد بعدها، فهو عرضة لكل شيء بما فيها فرضية القتل، إلا أن الاعتداءات تطال المواطنين ليلا نهارا دون أي رادع.