من كان يرى حماس المناهضين لعرض مسلسل “عمر” الذي يحكي قصة حاكم المسلمين في زمن الخلافة الإسلامية عمر بن الخطاب، وتفننهم في دعوات المعارضة ورصد المبالغ وتجييش المشاهدين على المقاطعة، بل حتى التظاهر؛ سيعلم أن تلك مرحلة بسيطة لمجتمعات لها تجارب في مقاومة الجديد، ثم الرضا والتعايش معه. منذ إعلان تلفزيون قطر ومجموعة mbc التحالف الإعلامي الكبير قبل عامين على تدشين مسلسل يحكي سيرة “الفاروق”، وهو الإسم الذي تحدد قبل أن يتم تعديله إلى “عمر”، أعلنت الحرب الباردة في تجمعات المعارضين لتجسيد شخصيات الصحابة الكبار في زمن النبي محمد، لكن هذه الحرب لم تحصل على نصيبها من الوقود الذي غطت عليه نيران الثورات العربية. وبعد أن أنهت الشعلة الثورية العربية مرورها في عدد من الجمهوريات العربية، أكمل التحالف الكبير إنتاجه، وعاد نافخو المعارضة بإعادة الرفض وتجييش الناس على الخروج وإثبات الحكم الشرعي ب”تحريم” تجسيد الصحابة. العروض والتظاهر كان على أوجّه في الخليج، وفي السعودية حيث كانت البلد الأكثر تواجداً لصفوف المعارضة الدرامية، مستخدمين فيها دلائل من رجال الدين برفض ذلك، وأن قصة السيناريو حملت تحريفاً من قبل القائمين على المسلسل. (زوابع الرفض) في السعودية كذلك، شهدت ليالي رمضان الأولى محاولات لتنظيم مظاهرات ترفض عرض مسلسل “عمر”، أمام مبنى مجموعة ال mbc في العاصمة الرياض، لكن التواجد الأمني بدد تلك المحاولات، التي جاءت استجابة لدعوات بعض من رجال المنابر الذين حرصوا على تغيير “المنكرات” وفق آرائهم بأياديهم. أما في الإمارات، فجاءت فتوى التحريم من هيئة كبار العلماء في الدولة، ونصت الفتوى على أن الصحابة وتحديدًا “الخلفاء” هم جميعاً في محل القداسة والتبجيل، وقالت إن الازدراء بهم، بأي طريقة يعد “طعناً في الدين، واستفزازاً لمشاعر المسلمين”. أما الكويت، فحجب الجدل والحراك السياسي أي تحرك إسلامي واضح لرفض ومقاطعة مسلسل “عمر”، ولا يذكر في الإمارة الصغيرة سوى رفض محكمة كويتية البت في قضية رفعها محامٍ كويتي ضد مجموعة mbc. (المسلسل .. في فصول مختلفة) الفصل الغريب في زوابع الرفض، هو الاعتراض فقط على مجموعة mbc، رغم أنها ليست وحيدة في هذا المنتج الدرامي، حيث يشاركها تلفزيون دولة قطر الحكومي في إنتاجه وعرضه. الفصل الآخر المختلف، ظهر بعد نهاية العقد الأول من مسلسل “عمر” .. حيث حصد المسلسل نسبة المشاهدة الأعلى بين مسلسلات مهرجان رمضان التلفزيوني، والتي تجاوزت المائة، ليس ذلك فقط، بل كانت أنامل عدد كبير من المعترضين ومعلني المقاطعة تتراقص مع الريموت كنترول للوصول إلى المسلسل التاريخي، بعد أن أيقنوا صحة السيرة، ومغزى الرسالة البارزة منه. وفي العقد الأخير من المسلسل، الذي يقترب من خط النهاية، وقع عدد من رجال الدين، في أسر المتابعة، بعد أن تجلت البطولة فيه مع البطل المحوري للقصة، وحمل مطالبات عديدة من قبل المتابعين بسرد سير نجوم التاريخ دراميًا. السيرة التي حكاها المسلسل في داخلها هي تصوير وإيجاد واقع على مراحل وفواصل كتب التاريخ والسير لرموز عصر الإسلام، مع تعريج على حكاية سيرة النبي محمد.