شركات الإنتاج والفضائيات العربية تخرج عن عباءة الدين رغم الانتقادات التي تعرضت لها مختلف المسلسلات الدينية ورغم إجماع علماء الأزهر في مصر ومفتي السعودية على تحريم تجسيد صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين في مسلسلات تلفزيونية وأعمال درامية تحريما قطعيا، عاد الجدل من جديد مع مسلسل ''عمر الفاروق'' الذي يجسد شخصية الخليفة عمر بن الخطاب وهو مسلسل من إنتاج مشترك بين محطة ام بي سي السعودية والتلفزيون القطري. عمر الفاروق يترجم إلى لغات العالم النجاح الكبير الذي عرفه المسلسل الإيراني ''يوسف الصديق'' وغيره من المسلسلات الدينية دفع بالمخرجين السوريين إلى خوض أول تجربة لهم في هذا المجال، حيث كشف المخرج السوري حاتم علي أنه بصدد التحضير لمسلسل درامي تاريخي يحمل عنوان ''عمر الفاروق'' يتناول حياة ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأشار المخرج السوري الذي سبق أن قدم عددا من الأعمال الدرامية التاريخية التي تركت بصمة في الدراما العربية أنه ستتم دبلجة وترجمة العمل إلى عديد من اللغات منها التركية، والأوردو، والمالاوية، والفارسية، بالإضافة إلى اللغات الحية كالإنجليزية، والفرنسية والإسبانية والبرتغالية، وغيرها. كما أعلنت مجموعة ''ام بي سي'' التلفزيونية والتلفزيون القطري أنهما سينتجان معا هذا العمل الضخم الذي سيتمتع، حسب رئيس ''ام بي سي'' الشيخ وليد آل إبراهيم، بميزانية مفتوحة ويفترض أن يعرض خلال شهر رمضان المقبل. والسؤال الذي يطرح نفسه كيف لممثل أن يجسد شخصية عظيمة مقدسة في فيلم سينمائي أو مسرحية أو مسلسل ثم يقوم بعد ذلك بدور سكير أو أي دور آخر بعيد كل البعد عن الشخصية المقدسة التي سبق أن جسدها. فتوى الأزهر بلا تفعيل هذا ما دفع علماء الأزهر إلى رفض وتحريم مثل هذه الأعمال وتعود فتوى تحريم الأزهر في تجسيد شخصية الأنبياء والصحابة والعشرة المبشرين بالجنة في الأعمال الدرامية إلى سنة 1926 عندما شرع يوسف وهبي في تقديم فيلم حول النبي صلى الله عليه وسلم، كما رفض الأزهر كذلك فيلم ''الرسالة'' للمخرج مصطفى العقاد بعدما عرض عليه السيناريو، كون هذا الاخير يتم فيه تجسيد عدد من الصحابة ومنذ ذلك التاريخ والأزهر لم يغير موقفه. والظاهر هنا أن فتوى الأزهر أصبحت بلا تفعيل، فالأزهر الذي كان منبر الإسلام ليس في مصر وحدها بل في الوطن العربي والعالم الإسلامي أصبحت حدود فتاوي علمائه لا تتجاوز مشايخ الأزهر ومكاتب العلماء وربما لا تصل إلى حديقة الأزهر المجاورة للجامع الأزهر ولا ولاية له عليها، وكأن علماء الإسلام في وادٍ وشركات إنتاج الفن في واد آخر بل اكثر من هذا حيث اصبحت فتاوى الأزهر باعتباره أكبر مؤسسة دينية للتذكرة والاطلاع فقط. والسؤال الذي يطرح نفسه كذلك لماذا لا تحترم فتاوى كبار العلماء في الأزهر وهم من خيرة علماء الدين ولماذا الالتفاف عليها وفي أحيان عدم الالتفات إليها؟ وكيف خرجت هذه الشركات والفضائيات عن عباءة الدين، ومن المسؤول هل الحكومات التي ربما راقها إضعاف دور المؤسسة الدينية أم أن شركات الدراما الإسلامية باتت أقوى من فتوى دينية تلزمها. حاتم علي يؤكد التزامه بالمرجعيات الدينية في عمله المثير للجدل ولمحاولة امتصاص غضب النقاد اوضح المخرج السوري حاتم علي انه و''نظرا لحساسية الموضوع الذي يتناوله المسلسل سنكون ملتزمين بالمرجعيات الدينية، سواء الموجودة معنا في العمل نفسه كلجنة متابعة وتدقيق السيناريو، أو حتى المرجعيات خارج حدود العمل''. وأضاف أنه سيتم الإعلان عن اسم الممثل الذي سيقدم شخصية العمل حتى لو لم يظهر وجه الشخصية، وقال: ''سواء ظهر وجه هذه الشخصية أو لم يظهر، لا بد من ممثل جيد كي يتمكن من القيام بالدور''. وقال المخرج السوري المعروف: إن النجوم والممثلين المشاركين في العمل سيكونون من دول عربية مختلفة، ولن يكون هناك تركيز على جنسية محددة، مؤكدا أن الممثل الجيد من أي بلد عربي من الممكن أن يكون موجودا في هذا العمل، وأن التصوير سيتم بين سوريا والهند والمغرب وتونس. وتابع ''أعتقد أن التعرض لعصر صدر الإسلام ولشخصية مثل عمر الفاروق أمر في غاية المعاصرة؛ لأنه يعتبر أنه بمثابة مفاتيح للإمساك ببوصلة الحوارات باتجاهات صحيحة لا كما يحدث حاليا''. شركة أمريكية تطلب من الأزهر السماح لها بإنتاج فيلم عن الجينات الوراثية للرسول سيخرج مسلسل ''عمر الفاروق'' إلى النور وسوف تعرضه كل الفضائيات وسيدخل بيوت علماء الأزهر الشريف وستضاف فتوى تحريم تجسيد الصحابة إلى كتاب فتاوى الأزهر كأثر بعد عين. ووسط هذا الجدل الواسع الذي تعرفه المسلسلات الدينية تغتنم شركة أمريكية الفرصة وتبعث بطلب للأزهر يتمثل في السماح لها بإنتاج فيلم تسجيلي عن الجينات الوراثية للرسول الكريم وهو الطلب الذي قوبل بالرفض. ولا يفوتنا هنا الحديث عن المشاهد الذي أصبح تائها بين إجازة مشاهدة مثل هذه الأعمال أو تحريمها رغم الدور الكبير الذي تلعبه في التعريف بالدين الإسلامي. ويشار إلى أن الموعد المبدئي لعرض سيرة ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب سيكون خلال شهر رمضان المقبل.