لا يوجد شخص في وضع لا يحسد عليه مثل الأخضر الإبراهيمي الذي يصارع المستحيل هذه الأيام، في محاولة للمسك بطرفي خيط الصراع الدموي الدائر في سوريا. المبعوث الأممي السابق لأفغانستان يوجد فعلا في وضع غير مريح، ذلك أن المسألة السورية باتت في أياد غير سورية … من طهران إلى الجنوب اللبناني وحزب الله مرورا بروسيا والصين، كلها أطراف تمسك مع بشار الأسد نفس العصا التي يضرب بها معارضيه، مسببا المزيد من الشروخ والمزيد من الدماء في الجسد السوري. وفي الطرف الآخر يقف معارضو الأسد وملايين المتضررين من أبناء الشعب السوري ومن وراءهم الغرب الذي بات مشتت التفكير لا يعرف كيف يتصرف مع نظام بشار الذي أوغل في سفك الدماء.. الصورة الدمشقية تبدو أقرب إلى نهاية القذافي، لأن الغرب يخطط فعلا لوضع نهاية عاجلة للمسألة السورية التي أرهقت العالم برمته، وعندما تتمكن المصالح الاستخباراتية من حصر التيارات والجماعات الناشطة في سوريا مثلما فعلت في ليبيا ستكتب نهاية الأسد بطريقتها الخاصة، إما بفتح ثغرة لتمكينه من الفرار نحو ايران أو تدخل روسيا بحريا لسحب الأسد وجماعته أو لإطلاق عفاريت حلب وحمص وحماة ودرعا لمطاردة طاغية سوريا. وفي كل الحالات، فإن مهمة الإبراهيمي مستحيلة إزاء تدخل العوامل الخارجية بقوة في الشأن السوري، وبخلاف ليبيا التي كانت بعيدة عن التجاذبات الإقليمية والدولية، فإن صراع أمريكا مع إيران وحزب الله مع إسرائيل والقوى الغربية وعرب الخليج مع إيران، لن يترك الساحة السورية دون تعفن أمني خطير يرمي بمهمة الإبراهيمي في قاع المستحيل، فهكذا قضايا العرب دوما ضحية صراع القوى الكبرى في العالم.