أهي السذاجة أم هو الغباء أو تراها أعين الغيب من أورثتنا ملحمة تاريخية عن كرم أحد فرساننا الأشاوس الذي ذاع صيته وذكره بكونه العربي الأكرم في الوجود بعدما دخل التاريخ حينما استطاع في غفلة من رسول قيصر أن ينحر حصانه ليطعمه إياه ضيفا مكرما ومعززا، وهو جاهل أن ملك الروم أراد أن يختبر كرم الأعراب فأرسل رسوله ليأتيه بأعز ما يملك من أدانه كرمه فإذا بالحصان الغالي ذبيحة وإذا بالتاريخ ينسى فروسية حاتم وذوده المعروف عن الأرض والعرض ويورثنا بأننا الأمة الأغبى حينما ننحر جيادا معروفا عنها أنها لا تؤكل إلا في ساحة الوغى فإذا بكرمنا يضمها إلى مائدة موجهة لملك الروم أو ملك أمريكا لا فرق ولا اختلاف بين الزمنين سوى أن حاتم الطائي كان فارسا قبل أن يكون كريما، أما حواتم هذا العصر من قادتنا وملوكنا ممن تخفوا وراء الكرم النفطي فإنهم اختاروا دور الطباخ وحارس المائدة ممن يتقن نحر الجياد وإهداء الجواري الحسان بالإضافة إلى نيل مكرمة تأثيث السرير تحت ماركة نحن أمة من أجبن الأمم كرما وعطاء.. أمير من أمرائنا الميامين قرر أن يتفرّد وأن يؤتى نفسه سيارة لم تؤت لأحد قبله ولا بعده ولأنه يملك بئرا لا ينضب من نفط ولا من كرم متدفق، فإن أميرنا الخليجي اقتنى له سيارة من ماس ممزوج بذهب خالص ومآل المرسيديس الذهبية لن يختلف عن مآل ''السامري'' الذي اقتنى له عجلا ذهبيا كإله بديل فكان مصيره من عقوبة أن ''لا مساس''، مادامت تلك المرسيدس ستظل بعيدة من أيدي الرعاع وأعينهم وستستفيد من بنزين ''لا مساس''.. الأمير الذي تذهّب من الذهب وتميس من الماس بسيارة من زمرد وياقوت سعرها يكفي الصومال جوعها وغزة جراحها وآلامها لم يفكر إلا في تجسيد لحظة ركوب تحدث مرة في الحياة ليسجل التاريخ أن أحد الحواتم الأعراب قد تكرّم على شركة مرسيدس الألمانية فأنقذها من أزمة انهيار الاقتصاد العالمي بعدما اقتنى من عندها سيارة وليست دبابة ''مذهبة'' يتفاخر بها مرة راكبا ثم لا يهم إن أذابها ليبيعها غرامات متفرقة خوفا عليها من أفواه الرعية وعيونها.. في وقت تعيش فيه غزة بأطفالها أحلك أيامها موتا وجوعا وعراء ويمر فيه اقتصاد العالم بقواه العظمى بأزمة انهيار شامل يهدد مصير ملايين البشر بالبطالة والجوع والإفلاس الذي لن يستثني أي كائن، في هذا الوقت الذي يستنفر فيه النمل معاشره خوفا وارتعابا من الجوع وجنوده، يزهو الصرصور ويقتني له سيارة ذهبية يجوب بها صالون بيته ويراكب فيها ما لذ وحسن ملمسه من جواري جنان ولا يهم إن كان ثمن استرخائهن ''تروفيزور'' مذهب أو إطار عجلة من ماس، ولمَ لا ''فيتاس'' أو محرك سرعة وزنه يكفي لكي تتوب غانية أوروبية ذات عيون خضر وتدخل دين الله أفواجا من شدة الإعجاب بكرم الأمير المذهب والمميس.. الأمة التي تخفي جبنها بذبح جيادها تحت غطاء كرمها وتمتطي الذهب اختيالا وتألها على رعاعها وتجعل من زمن الحرب زمنا للحب وزمنا لتبادل السلام العاطفي عبر تأثيث السرير لعاشق فرنسي ولهان، لا غرابة أن أصابتها اللعنة الكاملة والعقم الشامل ولا عجب أن سجل التاريخ كرمها في نحر الجياد وتغاضى عن فروسية كانت حال ''حاتم'' أدانه التاريخ بعدما ألحق به عار أنه كان الفارس الذي نحر جواده كرما وتكرما لنرث منه أمته بأن كل الجياد وكل الآبار قابلة للنحر مادام المسمى كرما قد أصبح دستور ضعفنا وخذلاننا، وبحجة أننا أمة حليمة وكريمة فإنه منا النفط ومنهم ''لا مساس'' و نقصد ليفني وسادة البيت الشديد البياض من طلاء عرقنا وذهبنا الأسود .. قصة وحيوان نادر أظهرت دراسة صدرت في بريطانيا، قبل يوم أمس، اكتشاف وجود فهود صحراوية بالجزائر حيث تمكنت كاميرا من التقاط صورة نادرة لهذا الحيوان المهدد بالانقراض. ورغم أن الخبر عظيم وكاميرات صاحبة الجلالة أظهرت قدرتها العلمية الفائقة على رصد هذه الثروة الحيوانية النادرة إلا أننا يجب أن نصلي صلاة الحمد لله ونسجد شاكرين كون الكاميرات نفسها لم تلتقط صورا نادرة لسلاحف مجهرية تسللت إلى ساحة سباق طويل في استغباء عضلي للفوز بالكعكة الكبيرة ولا نقصد المترشحين ولا فصيلة ''طمين''، فذلك كلام آخر و''مساس'' آخر بحق أي مواطن ولو كان بطالا أو شحاتا أو مديرا أو معلما أو مستشارا في أن يكون هو الرئيس ونحن الجياد المطلوب نحر أصواتها في حالة الكرم الانتخابي العام..