عرضت بالمسرح الوطني “محي الدين باشطرزي" بالجزائر العاصمة سهرة أول أمس، مسرحية “ماذا ستفعل الآن" للمسرح الجهوي لسيدي بلعباس، وذلك في إطار المسابقة الرسمية للدورة السابعة للمهرجان الوطني للمسرح المحترف. وشهد العرض حضور عدد كبير من وجوه الفن والثقافة و«هواة الفن الرابع"، بينما تتناول المسرحية التي كتب نصها وأخرجها هارون الكيلاني وجاءت بالعربية الفصحى؛ قصة “جلاب" رجل في خريف العمر يعيش نوعا من الجنون نتيجة حادث سير كان تسبب فيه أصدقاؤه السكارى بسيارتهم لما كانوا في طريق عودتهم من بيته حيث اصطدموا بسيارة إسعاف كانت تحمل طفلا صغيرا وأمه ليموتوا جميعا في النهاية باستثناء الأم. ولسنين عديدة يرى “جلاب" -الرجل المسكين ذو الجسد الهزيل والملابس البالية والوجه الكث المغبر- أصدقاءه الموتى الذين يعودون في شكل أشباح تحت قيادة الطفل الذي لا يكف عن تعذيبه بتذكيره بالحادثة قائلا له “ماذا ستفعل الآن". وبين الفينة والأخرى تحل الجارة على بيت “جلاب" لتفقد أحواله متذمرة من الفوضى التي أحلها بالمكان فيما يحاول هو عبثا إخبارها وكالعادة بقصة هؤلاء الأشباح وماذا يفعلون به وببيته. وعلى مدار ساعة و18 دقيقة من العرض؛ يستمر كابوس “جلاب" إلى أن يأتي اليوم الذي يجيب فيه عن سؤال “ماذا ستفعل الآن"، حيث ينتحر حرقا داخل حوض الماء الصغير الذي اعتاد النوم فيه، بينما الجارة تطلب إذن الدخول لتفقد أحواله. في السياق ذاته، يكتشف الجمهور مع بداية العرض “ديكورا" بسيطا يتمثل في الغرفة القاتمة التي لا يبارحها “جلاب" وأشباحه الذين يفسدون عليه في كل مرة صمته الأليم أو نومه الهافت داخل حوضه. ويتقاسم الأدوار في هذا العمل المسرحي الممثلون عبد الله جلاب في دور “جلاب" وموسى لكروت في دور الطفل موسى ومحمد بن البكريتي في دور “بكريتي" وجهيدة مسلم في دور الجارة، إلى جانب مجموعة أخرى من الممثلين، فيما كانت “السينوغرافيا" لحمزة جاب الله والتأليف الموسيقي لجمال سنوسي. وأبدى المخرج كيلاني رضاه بالعرض المقدم، مشيدا خصوصا بممثليه وشغفهم بالمسرح والتمثيل “رغم نقص الخبرة لدى بعضهم"، وفق المتحدث. من ناحية أخرى، شدد المخرج على أن نصه “مستمد من الواقع رغم أنه جاء في صورة وحشية مرعبة"، موضحا أنه وممثلوه “يحاولون البحث عن ملامح جديدة للمسرح الجزائري ارتكازا على من سبقوهم في هذا الميدان". من جهته اعتبر عبد الله جلاب أنه وجد “نوعا من الصعوبة" في أدائه لدور جلاب، موضحا أن العرض كان جيدا، وأن الشباب الذين رافقوه على الخشبة كانوا في المستوى لأسباب عديدة منها الجمهور الكبير الحاضر والمنافسة مع الفرق الأخرى.