أطلقت في الفترة الأخيرة مشاريع لإنجاز أفلام تاريخية تعود إلى وقائع الثورة التحريرية بما يشكل ''عودة إلى السينما التاريخية التي شكلت بدايات السينما المغاربية والجزائرية خصوصا''.يسجل متابعون أن التوجه الجديد الذي ظهر مؤخرا في السينما الجزائرية، يكتسي صبغة تاريخية بالدرجة الأولى، بما يعكس رغبة كثير من المخرجين الجزائريين في العودة إلى معالجة بعض الوقائع التي حدثت أثناء ثورة التحرير ولم تنل حظها في السينما الجزائرية الحديثة وحتى في الدراسات والكتب التي تبحث في تاريخ الثورة، ولعل أبرز تلك الأعمال التي تعكس التوجه الجديد، هو فيلم ''مصطفى بن بولعيد'' للمخرج أحمد راشدي، فبعد أن أخرج أول أعماله الوثائقية الطويلة ''فجر المعذبين'' عام 1963. ومشاركته بعدها عام 1963 في إنتاج فيلم ''زد'' الذي رشّح لجائزة الأوسكار وفيلمه ''علي في بلاد السراب'' الذي أنجزه عام 1978، يعود مرة أخرى عبر ''بن بولعيد'' الذي أدرج مؤخرا ضمن الأفلام المتنافسة في المهرجان الدولي للفيلم العربي بوهران ونال جائزة أحسن ممثل التي توج بها صاحب الدور الرئيسي حسن كشاش، ويقول أحمد راشدي في هذا الصدد، إن ''التوجه التاريخي الذي ظهر مؤخرا في السينما الجزائرية مرده أن الأفلام التاريخية التي أنجزت حول الثورة التحريرية لم تكن موضوعية ولا مطابقة للأحداث التاريخية مما يستدعي إعادة معالجة الثورة من خلال أفلام جديدة''. ومن بين الأفلام الجديدة التي تجسد التوجه الجديد؛ فيلم ''رحلة إلى الجزائر'' للمخرج عبد الكريم بهلول الذي افتتح سباق المنافسة الرسمية لمهرجان وهران الأخير، والعمل فيلم روائي طويل يتناول قصة امرأة تجد نفسها وحيدة مع أبنائها الصغار بعد استشهاد زوجها، لتبدأ رحلة من المعاناة في مجتمع خرج لتوه من الاستعمار، تنتهي بانتصارها بعد تدخل مسؤول كبير في الدولة. ويعد هذا العمل، محطة تاريخية مفصلية في جزائر مابعد الثورة، حيث يبرز كفاح المرأة الجزائرية خلال الثورة التحريرية وبعد الاستقلال، وقد استمد المخرج أحداثه وشخصياته من قصة حقيقية عاشها شخصيا في مدينته الأم سعيدة بالغرب الجزائري، واستطاع المخرج الإمساك بكثير من تفاصيل بدايات الستينيات من القرن الماضي، مستعينا في ذلك بموسيقى حميمية وألوان دافئة ومشاهد تذكّر بالسينما الكلاسيكية. من جهة أخرى، وتوافقا مع دعوة راشدي إلى ضرورة معالجة جوانب تاريخية من الثورة بأعمال سينمائية جديدة، كان حمرواي حبيب شوقي قد أعلن على هامش ندوة ''السينما العربية بين الرؤى الكلاسيكية والرؤى الحديثة''، في إطار مهرجان وهران الأخير، عن مشروع إنجاز فيلم سينمائي عن الشهيد أحمد زبانة الذي كتب ميهوبي قصته ويخرجه السعيد ولد خليفة، ويرتقب أن يشرع في تصويره قريبا، وفي ذات المناسبة أيضا، أعلن راشدي عن مشروع فيلمين سينمائيين يتناولان حياة كل من الشهيد العقيد لطفي وكريم بلقاسم، ويقول راشدي تعليقا على المشروع إنه ''بات من الضروري الاستمرار في تخليد وتمجيد بطولات الرموز الوطنية والتاريخية للجزائر''. ''السي الحواس'' و''عميروش'' يعودان من جديد يمثل مشروع المخرج الجزائري أحسن عصماني المتعلق بإنجاز فيلم يروي قصة معركتي ''الحوران'' و''جبل ثامر'' التي استشهد فيها العقيدان عميروش والسي الحواس، آخر المشاريع السينمائية التي تجسد العودة إلى السينما التاريخية، وفي هذا الصدد، يشرع عصماني في تصوير فيلمه الجديد ''أسود الجزائر'' قريبا، ويعود فيلم ''أسود الجزائر'' إلى وقائع تاريخية أثناء الثورة التحريرية، حيث يرصد جانبا منها من خلال تصوير مشاهد معركتي ''جبل ثامر'' و''الحوران'' بولاية المسيلة، وسيتم تصوير تلك المشاهد في منطقة ''الحوران'' بالقرب من ''حمام الضلعة'' التي كانت تابعة للولاية الثالثة التاريخية وأخرى في منطقة ''جبل ثامر'' بالقرب من منطقة ''عين الملح'' عن معركتها التي استشهد فيها العقيدان عميروش قائد الولاية الثالثة وسي الحواس قائد الولاية السادسة التاريخيتين، وحسب عصماني فإن الفيلم يتناول بالتحليل 11 شخصية قيادية في الولاية الثالثة التاريخية إضافة إلى أخرى ثورية منها كريم بلقاسم واجتماع ال 22 والعقداء الستة الذين فجروا الثورة والعقداء عميروش والحواس ومحند أولحاج. وحددت مدة عرض ''أسود الجزائر'' بساعتين ونصف، في حين تكفلت بإنتاجه التعاونية المغاربية والإفريقية للإنتاج السمعي البصري بذراع بن خدة ولاية تيزي وزو من خلال رصد ميزانية مبدئية قدرت ب 26.1مليار دج.