وجاء الاجتماع الذي ينعقد برعاية جزائرية إلى غاية اليوم، مواصلة للجهود الحثيثة المبذولة من قبل الجزائر في مجال تعزيز علاقات التعاون العسكري والأمني بين هذه البلدان التي تتقاطع حدودها في مناطق صحراوية ذات بعد أمني إستراتيجي. وحسب بيان من وزارة الدفاع، فإن الاجتماع سيكون مناسبة ليتطرق المسؤولين العسكريين الساميين لهذه البلدان الأربعة إلى المسائل ذات الاهتمام المشترك كما سيسمح اللقاء ببحث وسائل تثمين التعاون بمختلف أشكاله للتصدي المشترك بصفة خاصة للجريمة المنظمة العابرة للشريط الحدودي وبصفة أخص الإرهاب.وحسب القراءة الأولية، فإن الاجتماع الذي تحتضنه الجزائر يعتبر في حد ذاته ابتداء مكسبا للجزائر وتباعا مكسبا للدول الأخرى المشاركة وذلك من خلال تمكن الجزائر من جر ذات البلدان ورائها في مسعى مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بعدما كانت الجزائر لأزيد من عقد من الزمن ترافع على ضرورة التعاون بين مختلف الحكومات والدول في هذا المجال وذلك بالنظر لموقع عنصر التعاون الدولي وطبيعته الإستراتيجية من معادلة مكافحة الإرهاب ومختلف أشكال الجريمة الأخرى التي تعولمت وأضحت عابرة للقارات والحدود وتشكل تهديدا محققا للأوطان وكذا التأكد بأن تبني البلدان ذاتها ''لمنطق الفارس الوحيد'' في مضمار حربها على الإرهاب ستكون نتائجه هزيلة على المستوى المحلي والإقليمي على حد سواء خاصة في ظل الاهتمام المتزايد من جهة لما يسمى ''تنظيم القاعدة'' بالمنطقة ومحاولة إعادة بعث نشاطها بتغيير الوجهة من السلفية الجزائرية إلى السلفية الليبية فضلا عن تحويل الإرهابيين للمنطقة إلى قاعدة خلفية ومرتع للإرهاب وأكثر من كل هذا مصدر لتمويله مهم جدا ليس فقط من خلال عمليات الاختطاف التي تطال السواح الأجانب في المنطقة، وإنما حسب المتتبعين للملف بسبب تنامي التجارة غير الشرعية من تهريب للممنوعات وعلى رأسها الأسلحة والمخدرات، إضافة إلى البشر باتجاه عمق الدول التي تشارك في الاجتماع الذي تحتضنه الجزائر. ومن جهة أخرى ظهر اهتمام أوروبي وأمريكي باطنه أطماع لن يؤثر فيها التغيير الذي وقع على رأس الإدارة الأمريكية بانتخاب باراك أوباما. ''تحديات'' منطقة الساحل وغير بعيد عن الاهتمام الغربي الأمني والأطماع التواجدية التي يخفيها بهذه المنطقة التي تكون حسب بعض المصادر قد اختيرت من قبل ''القاعدة'' لتكون مركزا لقيادة أركانها بدلا عن أفغانستان غداة سقوط حكومة طالبان جراء الحرب التي شنت ضدها من قبل الغرب بعد أحداث 11 سبتمبر، فإن الشريط الحدودي المترامي الأطراف في عمق الصحراء الكبرى بين هذه الدول يشكل كذلك بؤر توتر قد تتحول إلى فواهات بركان لطبيعة التركيبة البشرية لسكان المنطقة، ما يعني بأن هؤلاء ليسوا في منأى عن محاولات التوظيف المغرض الموقظ للنزاعات والخلافات والمشاريع الوهمية المشبوهة الكفيلة بإحداث زلزال عنيف يضرب عمق استقرار المنطقة كاملة والدول المحيطة بها ومن ثمة فالتحرك الفعال للجزائر على مستوى هذا المحور الحساس يؤدي لا محالة إلى انتزاع فتيل الفتنة، ما يفسر للمتتبعين الاهتمام الجزائري بالتنمية في كامل القارة الإفريقية وكذا السلام، إضافة إلى الاستقرار من خلال فظ النزاعات وتكثيف جهود مكافحة الإرهاب وتواجدها الفعال في قلب كل هذه الملفات المهمة. وما ينبغي الإشارة إليه في هذا السياق أن الجزائر لم يسبق لها أن كانت محل انتقاد أو طعن في مجال مكافحة الإرهاب أو الجريمة المنظمة، خلافا لبعض الدول الأخرى ومنها المشاركة في هذا الاجتماع والجزائر كما يرى المتتبعون تشكل قاطرة القارة الإفريقية وتحركها يعني بالضرورة تحرك كافة البلدان الأخرى. وعلى هذا، الأساس جاء قرار الجزائر بتكثيف جهود التنسيق والتعاون مع دول الجوار في هذه المنطقة ليس فقط على المستوى الأمني بل حتى على مستوى المساعدات والتعاون في مجال التنمية والاقتصاد والتجارة وغيرها من المجلات الأخرى التي تساهم في استقرار المنطقة سياسيا وأمنيا وكان آخر هذه المساعدات التي قدمتها الجزائر على سبيل المثال لا الحصر لمالي شأنها شأن موريتانييا والنيجر وحتى ليبيا دفعا بعجلة التنمية في بعض المناطق النائية من هذه البلدان كما حدث مؤخرا في مالي من خلال حفر الآبار وبناء العديد من مراكز التكوين إضافة إلى استفادة مالي من مشروع الألياف البصرية الذي سيربط الجزائر بجنوب إفريقيا وأكثر من هذا إنجاز الجزائر لمشروع الطريق السيار العابر للصحراء والذي ستكون مالي إحدى محطاته.