تحدثت الكاتبة رافانيلا برانس في كتابها التعذيب وممارسات الجيش الفرنسي أثناء ثورة التحرير الجزائرية والذي ترجم من قبل أحمد بن محمد عن أهم المراحل التي مرت بها الحرب بداية بابراز الأوجه الجديدة التي اتخذتها الحرب 1954-1956 جاء الكتاب في أربع فصول أولها بعنوان الوجه الجديدة التي اتخذتها الحرب 1954-1956 والذي تطرقت فيه الكاتبة إلى طرق ممارسة التعذيب من قبل الجيش الفرنسي من أجل ضبطها والحركة الوطنية الجزائرية بين نوفمبر 1954 ومارس 1962 حيث اعتبرت "رافانيلا برانس" التعذيب وقتها، وسيلة حرب وعنف مقصود يراد به كسب النزاع والحرب في الجزائر فهو مباشرة يعتبر من أوضاع تسودها علاقة قوة وأشارت الكاتبة إلى الآلة الجهنمية التي كانت تساعد على اندلاع الصراع المسلح وهي القوة المتواجدة بيد الدولة الأم زيادة على ذلك الأداة الحاسمة الموكلة إلى الضحايا تطبيقا لليد العليا الطاغية عليهم، ثم تطرقت الكاتبة إلى اكتشاف التعذيب وتطوره في هذه الحرب طيلة 8 سنوات فقد احتل مكانته بجانب وسائل العنف الغير مشروعة الأخرى، وبعد أن ارتبط التعذيب بتصور جديد للحرب ابتداء من 1957 تحول بسرعة ليصبح السلاح الأساس في الصراع الذي كان يستهدف الجزائريين وقد كان تاريخ التعذيب لمواصلة الجنرال "سالان" ثم الجنرال "شال" من بعده باعتبارهما المسؤولين عن جيش الجزائر ولقد ظل التعذيب يحتل مكانة مركزية أثناء الحرب وهذا ابتداءا من ربيع 1960 والذي كشفت عنه السنوات الأخيرة من الصراع. ومن جهتها عبرت الكاتبة عن العنف من أجل الحصول على المعلومات التي سطرت في ثلاث عناصر مهمة وفيه الشخص الممارس لذلك ثم تليها الرغبة في تجريد الآخر من أفكاره، وكذا في إشغال مكانته التي سيحتضيها، ومن جهة أخرى تقول "رافايلا برانس" أن هذه العملية لا تدل على الرغبة في البقاء داخل الحدود المعاصرة لمجال الضحية والمولدة للعنف في الجزائر والحرب إنما تناولت انتماء الأفراد إلى مجموعتين تعرف بينهما عداوة بغضاء والمتمثلة في الجيش الفرنسي والسكان الجزائري، فالعنف وسيلة ضرورية لكسب الحرب آنذاك. أما في الفصل الثاني الذي تنازلت فيه الكاتبة عن إقامة معايير جديدة من 1957 إلى منتصف ماي 1958 حيث اعتبرت الحرب حالة فريدة جدا بالنسبة لجيش مهيئ كما تطرقت الكاتبة إلى مواصفات العدوان التي تحدد كيفيات المواجهة وتشب ضمن مهام الدولة وخوض الحرب إلا أن الخطر يبقى في اندثار الدولة ، طالما هناك تضارب بين الشرعية والمشروعية. كما ذكرت الكاتبة أن التعذيب يشكل تبريرا سلطويا لدولة مظفرة، حيث بين" بيرناكي" مدى فضح ممارسات التعذيب والاختلالات الوظيفية العميقة التي تميزت بها جمهورية فرنسا أين أخلصت مختلف الأعمال التي محصت الروابط الموجودة بين السلطة والتعذيب في المجتمعات المعاصرة إلى اقتراح مسالك جديدة، وكل هذا قصد التواصل إلى الاحاطة بمصلحة الدولة . وفي حيثيات فصول الكتاب تحدثت الكاتبة عن كيفية النظر للسطلة برؤية دقيقة ، ومن مختلف أوجهها لأنها تسلك سبيلها في مشكل "أولويات" و"نظم" ، حيث أن السلطة تسلط الضوء على مظاهر العجز والقوة ضمن النوايا إلى التطبيق ومن النصوص إلى الممارسات وبكيفية وهيكلة عسكرية جيدة ومن زاوية أخرى أعربت" رافانيلا برانس "عن مقاسات الملاحظة باختلافها، حسب الأهمية وعلى مايخص الوحدات العسكرية وتحقيقات الموظفين المدنيين، فبواسطتها نستطيع التعرف على الماضي لذا فعلى التاريخ فسح ممارسة التعذيب أثناء الحرب مكانة فسيحة ، فلما قالت الكاتبة" أنه إذا كانت فعلا عمليات التعذيب ممارسة ترتكز على خطاب يؤسس سلطة الدولة على أجساد ضحاياها فيمكن لتاريخ تلك الممارسة أن لا يفسح مجالا لأي جهد مدخر". وبهذا خلصت الكاتبة "رفانيلا" إلى دراستها لآخر فصل من هذا الكتاب إلى السير لتاريخية مصغرة التي تروي الوجع المسلط والمعاناة ولكن ليس في وسع التاريخ نكرانها وبين هذا لا تمنع أن يقي نفسه ضد الفشل والتآكل الناجم عن تلك الاعتيادية والعنف لأنها بالذات من موضوعات التاريخ، فكانت ترى أن الدماء المسفوكة والعرف كلها مشاهد تدل على عمق التاريخ. للإشارة فإن الكاتبة" رفائيلا براتس" من مواليد 1972 وخريجة المدرسة العليا للمعلمين " سان كلو" وتحمل الدكتوراه في التاريخ وأستاذة محاضرة في جامعة رين 121 وتدرس أيضا في معهد الدراسات السياسية بباريس وتعتبر هذه المؤرخة من أهم المختصين في قضايا العنف والتعذيب خلال الحرب حيث ناقشت سنة 2000 رسالة تحت عنوان التعذيب خلال الحرب الاستعمارية في الجزائر ونشر عام 2001" منشورات غاليمار" بعدما نشرت هذا الكتاب بعنوان التعذيب الذي مارسه الجيش الاستعماري الذي تطرقت فيه إلى ابراز كافة سمات ومميزات ومظاهر وأساليب التعذيب. هبال ياسمين