يسجل كتاب المؤرخة الفرنسية سيلفي ثينول الصادر بعنوان ''تاريخ حرب الاستقلال الجزائرية'' (منشورات فلاماريون بباريس)، نظرة مغايرة لتلك التي كانت سائدة في فرنسا حيال الثورة الجزائرية. ويحيل العنوان إلى التخلي عن التسمية المكرّسة في أوساط المؤرخين الفرنسيين، وهي ''حرب الجزائر''، والأخذ بتسمية مغايرة هي ''حرب الاستقلال''. وبررت ثينول سبب اختيارها للتسمية ب''أنها نظرة جديدة لحرب الاستقلال الجزائرية''، وتعني وجود إرادة لتجاوز التعابير المستعملة، موضحة أنها رفضت وتركت تسمية ''حرب الجزائر'' لأنها كانت تعني ''حفظ الأمن والسيادة الفرنسية في الجزائر''، وهذا اعتراف بشرعية ''احتلال الجزائر''، وشرعية استعمال العنف والتجاوزات. أما استعمال التسمية الجديدة، فيعني ''اعترافا بشرعية تمرد الأمة الجزائرية على النظام الاستعماري''. ويندرج عمل ثينول ضمن مسعى فرنسي جديد ظهر في السنوات الأخيرة، يعترف بأن حرب التحرير تشكل لحظة تاريخية، مكّنت الأمة الجزائرية من التخلص من الهيمنة الاستعمارية. وطالبت سيلفي، الباحثة في المركز الوطني للبحوث الاجتماعية، بضرورة تقديم صورة غير نمطية للجزائريين خلال نضالهم ضد الاستعمار. وكتبت في مقدمة الكتاب ''من هذا المنطلق، يجب أن يبرز الجزائريون في هذا الكتاب حتى يعثروا على مكانتهم اللائقة. إن إعادة إقحام وجهة النظر الجزائرية يُسهّل فهم أسباب قيام حرب الاستقلال''. وترجع الباحثة أسباب بروز النظرة الجديدة إلى سلسلة من الأحداث تعود إلى سنة 2000، تاريخ نشر اعترافات المجاهدة لويزة إيغيل أحريز بيومية ''لوموند''، وبروز حقيقة لجوء الجيش الفرنسي للتعذيب ضد الفدائيين الجزائريين خلال معركة الجزائر. ثم نشر مذكرات الجنرال بول أوساريس السائرة في نفس الاتجاه. وأحدثت المذكرات خلخلة لدى الرأي العام الفرنسي، الذي اكتشف لأول مرة الوجه الفظيع ''للتواجد الفرنسي في الجزائر''، بعد سنوات طويلة من التعتيم الذي مارسه الاشتراكيون، الذين يتحملون مسؤولية التعذيب، وسياسة التعتيم والنسيان الممارسة على تاريخ فرنسا الاستعماري. للعلم، صدرت طبعة جزائرية من كتاب سيلفي ثينول عن منشورات المعرفة بالجزائر.