أظهرت نتائج تقرير أصدرته شركة “البيانات الدولية”، انخفاض حجم شحنات الهواتف الذكية في الصين إلى أقل من 100 مليون في الربع الأول من العام الجاري، وهي المرة الأولى التي يسجل فيها هذا الانخفاض منذ الربع الثالث للعام 2013. وقالت الشركة في بيانات أولية أصدرتها بهذا الخصوص، إن السوق العالمي شهد تراجعاً بنسبة 2.9% على أساس سنوي في شحنات الهواتف الذكية، لتسجل 334.3 مليون وحدة، نظراً إلى ما شهدته الصين من تراجع كبير في هذا الصدد في الربع الأول من العام الجاري. وحول ذلك، قالت ميليسا تشاو المديرة المساعدة في قسم أبحاث تعقب أجهزة الهواتف المحمولة عبر العالم، التابع للشركة، إن “رواد ومستهلكي الهواتف الذكية يقومون بتداول المزيد من أحدث إصدارات هذه الهواتف، إلا أنه لم يعد هناك المزيد من المستهلكين الجدد المتحولين لاستخدام الهواتف الذكية، ما أدى بالتالي إلى انخفاض شحنات الهواتف المذكورة”. وتملك الصين أكبر عدد من مستخدمي شبكة الإنترنت عبر الهواتف المحمولة من أي بلد آخر في العالم، حيث وصل عدد المستخدمين المذكورين إلى 753 مليون مستخدم بنهاية العام الماضي 2017. ويعد سوق الهواتف الذكية سوقاً خصباً وشديد التنافس حول العالم، على رغم هيمنة شركتي “آبل” و”سامسونغ” على الحصة السوقية الكبرى في هذا السوق. واستطاعت الشركات الصينية وعلى رأسها “هواوي” و”اكسياومي” و”فيفو” و”أوبو” اختراق هذا المجال والحصول على حصة سوقية كانت في وقت سابق مقسمة على الشركات العالمية مثل “لينوفو” و”نوكيا” وغيرها، واقتطاع جزء لا بأس به من حصة “آبل” و”سامسونغ” السوقية أيضاً. ووصل عدد مستخدمي الهواتف الذكية حول العالم إلى 2.1 مليار شخص في 2016، ارتفاعاً من 1.86 مليار في 2015، في حين توقعت دراسة لموقع “ستاتيستا” أن يصل هذا العدد إلى 2.71 مليار في 2019 و2.87 مليار في 2018. ومع ارتفاع عدد مستخدمي هذه الهواتف، كان لا بد أيضاً من ارتفاع إيرادات الشركات المصنعة، إذ وصلت إيرادات الشركات من مبيعات الهواتف الذكية في 2017 إلى 478.7 مليار دولار ارتفاعا من 439.9 مليارا في العام الذي سبقه، و398.1 مليارا في 2015. وتعكس هذه الإيرادات أسباب تربع “آبل” على عرش أعلى الشركات قيمة في العالم، خصوصاً أنها و”سامسونغ” تستحوذان على النسب الأكبر من الحصة السوقية العالمية للهواتف الذكية. ووفقاً لإحصاءات الربع الأول من العام الماضي، استحوذت شركة “آبل” على 14.7% من الحصة السوقية، في وقت وصلت حصة “سامسونغ” إلى 23.3%، و”هاواوي” 10% و”اكسياومي” 4.3%، و”اوبو” 7.5%، في وقت أن كل شركات الهواتف الأخرى استحوذت على 40.2%. أما في الربع الثاني من السنة نفسها، فإن الحصص السوقية توزعت على الشكل التالي: “آبل” 11.8% و”سامسونغ” 22.9% و”هاواوي” 11.1% و”اكسياومي” 6.2% و”اوبو” 8%، وبقية الشركات 40%. وفي الربع الثالث، حصلت “سامسونغ” على نسبة 22.1% و”آبل” على 12.4% و”هواوي” على 10.4% و”اكسياومي” على 7.5% و”اوبو” على 8.1%، لتحصل بقية الشركات على 39.5%. وفي الربع الأخير من العام الماضي، سجلت حصة “سامسونغ” انخفاضاً جديداً لتصل إلى 18.9% في حين ارتفعت حصة “آبل” إلى 19.7%. وبلغت حصة “هاواوي” السوقية 10.7% و”اكسياومي” 7.2% و”أوبو” 6.9%. أما بقية الشركات فانخفضت حصتها أيضاً إلى 36.6%. وفي الربع الأول من 2018، يتوقع أن تسجل شركة “سامسونغ” حصة سوقية تقدر ب23.4% في حين ستبلغ حصة “آبل” 15.6% و”هاواوي” 11.8% و”اكسياومي” 8.4% و”اوبو” 7.1%، أما بقية الشركات فستسجل 33.7%. ويلاحظ من الأرقام، أن الشركات الصينية في تألق واضح خلال السنة الماضية، إذ استطاعت أن تزيد الحصة السوقية الخاصة بها بشكل ملحوظ لتقتطع من حصة كل من “آبل” و”سامسونغ”، في وقت حافظت الشركات الأخرى تقريباً على نسبة انخفاض ضئيلة طوال السنة الماضية. ولكن سوق الهواتف الذكية في طريقه إلى أن يصبح أكثر تعقيداً عن ذي قبل، وهو ما بدا لافتاً في نتائج الربع الأخير من العام الماضي والربع الأول من العام الجاري، إذ تشير التقديرات إلى بدء انكماش هذا السوق بعد أن أصبح مشبعاً بالهواتف الذكية، خصوصاً في ظل غياب أي عملية تطوير حقيقية في مواصفات الهواتف الذكية. ويُلاحظ أن أقل من 40% من البشر لا يملكون هاتفا ذكيا، ما يمكن اعتباره مؤشرا بالغ الدلالة إلى إمكانية تطور هذا القطاع. ولكن الأهم من ذلك، أن نسبة ضخمة من الأشخاص الذين يملكون هواتف ذكية، لا ترغب في التجديد وشراء الموديلات الأحدث خصوصاً مع غياب التطوير الحقيقي في الهواتف الذكية، إذ اقتصرت الموديلات الجديدة على التحديث فقط، ما يعني أن تقريباً هاتف “آيفون 5″ مشابه تقريباً ل”آيفون 10 أو اكس” الحديث. ومن ناحية أخرى، إن هناك نسبة ضخمة تصل إلى 60% من البشر لا يملكون هواتف ذكية، ونسبة كبيرة منهم لا تستطيع تحمل كلفة شراء جهاز من الأجهزة الحديثة، وهو ما دفع شركات عدة على غرار الشركات الصينية وشركة “نوكيا” عندما كانت مملوكة إلى “مايكروسوفت” للتوجه نحو الهواتف الذكية منخفضة الكلفة والموجهة تحديداً الى السوقَين الهندي والصيني. والحال، أن مستقبل تصنيع الهواتف الذكية قد لا يكون ورديا تماما، إلا أن الأكيد أن “قتامة” المشهد لم تبدأ بعد، خصوصاً أن الشركات بدأت تدرك حجم الإشباع الذي حصل في السوق الأساسية وبدأت تتوجه نحو الأسواق الجديدة بكلف منخفضة.