نظم مخبر معجم المصطلحات اللغوية والبلاغية في التراث العربي جامعة فرحات عباس بسطيف، الملتقى الوطني الأول حول التكامل المعرفي بين علوم اللغة والأدب وذلك يومي 11 و12 مايو 2011. لدراسة علاقة الأدب باللغة والتي هي علاقة الوظيفة بالمادة، والغاية بالوسيلة، والثمرة بالشجرة، فاللغة هي مادة الأدب الأولية، ووسيلته إلى إدراك غايته التواصلية. والأدب هو ثمرة اللغة، وناتج توظيفها، وحصيلة استثمار عناصرها الأولية وقواعدها الكلية. لذلك ما نشأت علوم اللغة إلا لإدراك أسرار الأدبية في الأدب، وقوانين الإبلاغية في الكلام، ولوقاية الغاية التواصلية، نفعية كانت أم جمالية، من أن يصيبها الضعف أو يدركها الاختلال. وهي بديهية لا تحتاج إلى مزيد بيان. هذا الملتقى من خلال محاوره يحاول الإجابة على العلاقة بين اللغة والأدب، بداية بمدخل لغوي لإشكالية المصطلح، ثم العلاقة بين الأدب وعلوم اللغة في تراثنا العربي، ليتم التدرج نحو أهم النماذج في الأساليب اللغوية كالبلاغة والأسلوبية كنموذج لتعالق الأدب واللغة، وأيضا نماذج من الانفصام بين اللغة والأدب في النقد العربي الحديث، وكذا النقد اللغوي واللغة النقدية، وأخيرا التكامل المنهجي في تعليمية اللغة العربية وآدابها. يحاول هذا الملتقى من خلال المحاور المذكورة آنفا أن يتعرض بالتحليل والنقاش عبر المداخلات المدرجة فيه إلى مكانة الأدب واللغة في تاريخ ثقافتنا العربية والذان يبقيان علمين توأمين، وحقلين متقاطعين متكاملين، لا ينفصل أحدهما عن الآخر، ولا يعمل أولهما بمعزل عن الثاني ولا الثاني دون أن يستهدف الأول؛ فكان الأديب يحصّل من علوم اللغة ما تحصل به ملكتُه وتستقيم لغته وتستحكم موهبته. وكان الناقد هو العالم بفقه اللغة، المتبحر في علومها، الخبير بأسرار بلاغتها؛ زيادة على ما يتمتع به من رفعة الذوق ونباهة الفكر. وكان اللغوي غير منقطع عن معرفة الآداب، ولا عاجز عن بلاغة الأداء. لكن تبقى هناك بعض الآراء المتجادلة حول العلاقة بن العلمين في زمن شاعت فيه مقولة اتساع العلوم وضرورة التخصص؛ فاستثمرها المتخصصون في اللغة العربية وآدابها في غير وجهها المستحق، مما جعل بعضهم يرى أن لا حقّ للغوي أن يخوض في شؤون الأدب، ولا حقّ للأدبي أن يخوض في شؤون اللغة. ويسمح فيه كثير منهم لنفسه أن يجهل من علوم اللغة ما لا يصح النظر في الأدب إلا به، ومن ضروري العلم بفن الأدب ما لم توضع علوم اللغة إلا له، هو واقع مأزوم لا بد من معالجته. وإن الهدف الذي يسعى هذا الملتقى العلمي لتحقيقه هو الإسهام في التنبيه على خطر هذا التفريق بين الأدب وعلوم اللغة، وفي تحريك الهمم لبداية إصلاح الخلل وإعادة الأمور إلى نصابها.