تتجه أنظار الجزائريين، إلى محكمة سيدي امحمد، ترقبا لإصدار الأحكام في قضايا مثيرة انتهت بالكشف عن اعترافات صادمة وأرقام مرعبة حول ملف تمويل العهدة الرئاسية الخامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة وملف تركيب السيارات اللذان جرا نافذي الأمس إلى أروقة العدالة، بينهم الوزيرين الأولين السابقين أحمد أويحي وعبد المالك سلال ورجال أعمال بارزين. و استقطبت القضيتين أنظار الرأي العام الوطني والدولي، كونهما تسببتا بخسائر مالية فادحة للخزينة العمومية فاقت 12 ألف مليار سنيتم، إضافة إلى أنها كشفت عن تورط وزراء سابقون ورجال أعمال في قضايا خطيرة، وهو ما سيكلف رئيس هيئة محكمة سيدي امحمد جهدا كبيرا لطي هذه القضية نهائيا. وفي ساعات متأخرة من مساء الأحد، أعلن قاضي المحكمة رفع المُحاكمة التاريخية للمتهمين في ملفي ” تركيب السيارات ” و” تمويل الحملة الانتخابية للعهدة الخامسة “، وقال إن: ” النطق بالحكم سيكون اليوم الثلاثاء على الساعة العاشرة صباحا”. وتم التماس أحكام تصل إلى 20 سنة سجنا نافذا في حق المتهمين، على غرار أويحيى وسلال، والتماس أحكام مشددة أيضا على بقية الوزراء المتهمين ورجال أعمال. وقبل إعلانه عن رفع الجلسة، منح القاضي للمتهمين فرصة الإدلاء بكلماتهم قبل النُطق بالحكم، وتقدم كبار المسؤولين السابقين في حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة وطالب مُعظمهم ” البراءة ” وأجمعوا على أنهم ” أبرياء “، وجلب الوزير الأول السابق عبد المالك سلال، أنظار كل من كان داخل القاعة رقم 5 التي احتضنت مُجريات المحاكمة، بعد أن غلبته الدموع وهو يطلب من القاضي ” الصفح عنه، لأنه ” قد غُرر به وغير فاسد ” وأنه ” لن يخون أمانة الشهداء “، وخاطب سلال القاضي، قائلا: ” لم أمض أي ملف ولكن أرجوكم، أنا وقفت مع الشعب الجزائري، منذ كنت شاب عملت كمستشار في ديوان التربية وتربيت مع مهري، مستحيل أن أتورط في قضايا فساد “، وبصوت تملأه الدموع، قال سلال: ” لم أكن أتوقع يوما أنني سأصل إلى هذا المكان “، وأكد بالمقابل دعمه للمؤسسة العسكرية وقيادتها “، أما الوزير الأول السابق أحمد أويحي فاكتفى بالتأكيد على برائته، وقال وزير الصناعة السابق يوسف يوسفي: “طيلة حياتي المهنية خدمت البلاد، واشتغلت في عدة وظائف بكل نزاهة “. وتمسك الوزير السابق بدة محجوب، بنفيه منح أي صفقة، وقال: ” أنا اشتغلت شهرين ونصف في الوزارة سيدي الرئيس لم أمنح أي صفقة، ولم أطلب أي رشوة ولا أي شئ من أي متعامل “، أما مدير حملة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، عبد الغني زعلان، فقد نفى علاقته بتمويل الحملة الإنتخابية، وقال إنه ” بقي على رأسها أسبوع واحد فقط “. والتمست وزيرة الفلاحة السابقة، يمنية زرهوني، البراءة، وقالت: ” سيدي الرئيس التماسات النيابة لا تتماشي مع القضية التي أتابع فيها، أنا فقط أمضيت على تغيير النشاط للقطعة الأرضية وهي صناعية وليست فلاحية “، مشيرة إلى أن: ” الوزارة التي تولتها في وقت سابق هي من تعاين العقار وهي من تستقبل الملفات هي مديرية أملاك الدولة”. وشهدت جلسات المحاكمة التي انطلقت الأربعاء الماضي، مواجهات ساخنة بين الوزيرين الأولين السابقين أحمد أويحي، وثلاثة وزراء تداولوا على قطاع الصناعة وبين رجال الأعمال أحمد معزوز ومحمد بايري وعرباوي إلى جانب فارس سلال في ملف تركيب السيارات. ويواجه المتهمون في القضيتين، عدة تهم أبرزها منح امتيازات غير مستحقة وأخذ قروض بطريقة غير مشروعة إضافة إلى الإضرار بمصالح بنك عمومي وتبييض الأموال.